وَبِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الْبُطْلَانَ الْمُشْتَمِلَ عَلَيْهَا الْفَصْلُ الْآتِي دَاخِلَةً فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إشَارَةً إلَى اتِّحَادِ الشَّرْطِ. وَالْمَانِعِ هُنَا وَهُوَ الْوَصْفُ الْوُجُودِيُّ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَقْدِ هَذَا وَوُجُودِ ذَاكَ وَمِنْ ثَمَّ جُعِلَ انْتِفَاؤُهُ شَرْطًا حَقِيقَةً عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَتَجَوُّزًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مِنْ جَمِيعِ حَيْثِيَّاتِهَا بِخِلَافِ الْمَوَانِعِ لِافْتِرَاقِ نَحْوِ النَّاسِي وَغَيْرِهِ هُنَا لِإِثْمٍ حَسُنَ تَأْخِيرُهُ فَإِنْ قُلْت لِمَ قَدَّمُوا بَحْثَ مَا عَدَا السِّتْرَ وَلَمْ يَنُصُّوا عَلَى شَرْطِيَّتِهِ إلَّا هُنَا مَا عَدَا الِاسْتِقْبَالَ قُلْت نَظَرُوا فِي الْبَحْثِ عَنْ حَقَائِقِهَا إلَى كَوْنِهَا وَسَائِلَ مُقَدَّمَةً أَمَامَ الْمَقْصُودِ وَعَنْ شَرْطِيَّتِهَا إلَى كَوْنِهَا تَابِعَةً لِلْمَقْصُودِ وَأَمَّا نَصُّهُمْ أَوَّلًا عَلَى شَرْطِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ فَوَقَعَ اسْتِطْرَادًا وَأَمَّا تَأْخِيرُهُمْ الْبَحْثَ عَنْ السِّتْرِ فَإِشَارَةٌ إلَى وُجُوبِهِ لِذَاتِهِ تَارَةً وَمِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ شَرْطًا أُخْرَى فَلِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِ بِالصَّلَاةِ لَمْ يُبْحَثْ عَنْهُ مَعَ الْبَقِيَّةِ أَوَّلًا وَلِكَوْنِهِ فِيهَا شَرْطًا أَدْرَجُوهُ مَعَ بَقِيَّةِ شُرُوطِهَا الْمُتَكَلَّمِ عَلَيْهَا هُنَا إجْمَالًا مِنْ حَيْثُ الشَّرْطِيَّةُ مَعَ ذِكْرِ تَوَابِعِهَا فَتَأَمَّلْهُ (خَمْسَةٌ) وَلَا يَرِدُ الْإِسْلَامُ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ تَسْتَلْزِمُهُ وَلَا الْعِلْمُ بِالْفَرْضِيَّةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
يَكْفِي لِمُقَارَنَتِهِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَمَا بَعْدَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ وَتَقَدَّمَ نَحْوُ الطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَادَةً بِحُصُولِهَا مُقَارَنًا لِلتَّكْبِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمٍ عَلَيْهَا سم (قَوْلُهُ لَمَّا جَعَلَ الْمُبْطِلَاتِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي لَمَّا اشْتَمَلَ عَلَى مَوَانِعِهَا وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ انْعِقَادِهَا حَسَنٌ تَأْخِيرُهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَصْفُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَالْمَانِعُ لُغَةً الْحَائِلُ وَاصْطِلَاحًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ كَالْكَلَامِ فِيهَا عَمْدًا اهـ. (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاتِّحَادِ (قَوْلُهُ مِنْ فَقْدِ هَذَا) أَيْ الْمَانِعِ (وَوُجُودِ ذَاكَ) أَيْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ حَقِيقَةً عِنْدَ الرَّافِعِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الشَّرْطِ وُجُودِيًّا بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَجَوُّزًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وُجُودِيٌّ وَمَفْهُومَ الْمَانِعِ عَدَمِيٌّ زِيَادِيٌّ وَقَوْلُهُ وَمَفْهُومُ الْمَانِعِ أَيْ انْتِفَاءُ الْمَانِعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي انْتِفَائِهِ وَإِلَّا فَالْمَانِعُ وُجُودِيٌّ وَقَوْلُ الشَّارِحِ تَجَوُّزًا أَيْ بِالِاسْتِعَارَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِتَشْبِيهِ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ بِالشَّرْطِ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَاسْتِعَارَةُ لَفْظِ الشَّرْطِ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ التَّجَوُّزَ (قَوْلُهُ مَا يَأْتِي) أَيْ عَنْ قَرِيبٍ فِي شَرْحِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِ حَيْثِيَّاتِهَا) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ حَيْثِيَّاتِهَا فِعْلَهَا وَهِيَ مِنْ جِهَةٍ مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ ضَرُورَةَ أَنَّ فِعْلَهَا وَاجِبٌ يُثَابُ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مِنْ جَمِيعِ حَيْثِيَّاتِهَا، وَيَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى بَيَانِ تَعَدُّدِ حَيْثِيَّاتِ التَّرْكِ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا سم (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَوَانِعِ إلَخْ) قَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّ الْمَوَانِعَ الْمَذْكُورَةَ هُنَا لَيْسَتْ مَوَانِعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي بَيَانُهُ كَكَوْنِ الْكَلَامِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ لَا مُطْلَقًا فَجَعْلُ انْتِفَائِهَا شُرُوطًا حِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ لَيْسَ لَهَا حَالَةٌ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ سم (قَوْلُهُ نَحْوِ النَّاسِي) أَيْ الْجَاهِلِ (وَغَيْرِهِ) أَيْ الْعَامِدِ الْعَالِمِ (هُنَا لَا ثَمَّ) أَيْ فِي الْمَانِعِ دُونَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ حَسُنَ إلَخْ) جَوَابُ لَمَّا جَعَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ حَقَائِقِهَا) أَيْ مَا عَدَا السَّتْرَ وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى مَا وَالتَّذْكِيرُ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ (قَوْلُهُ لِذَاتِهِ) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ نَحْوِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ مَعَ ذِكْرِ تَوَابِعِهِ) أَيْ تَوَابِعِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَدَّ مِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالْعِلْمُ بِفَرْضِيَّتِهَا وَبِكَيْفِيَّتِهَا وَتَمْيِيزِ فَرَائِضِهَا مِنْ سُنَنِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ بِالصَّلَاةِ فَلَوْ جَهِلَ كَوْنَ أَصْلِ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاتِهِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَرْضًا أَوْ عَلِمَ أَنَّ فِيهَا فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ مَا فَعَلَهُ لِتَرْكِهِ مَعْرِفَةَ التَّمْيِيزِ الْمُخَاطَبِ بِهِ وَأَفْتَى حُجَّةُ الْإِسْلَامِ الْغَزَالِيُّ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ مِنْ الْعَامَّةِ فَرْضَ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ أَيْ وَسَائِرُ عِبَادَاتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْصِدَ بِفَرْضٍ نَفْلًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مَجْمُوعِهِ يُشْعِرُ بِرُجْحَانِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَامِّيِّ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ مِنْ الْفِقْهِ شَيْئًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى الْبَاقِي وَيُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِهِ أَيْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا مَنْ لَمْ يُمَيِّزْ فَرَائِضَ صَلَاتِهِ مِنْ سُنَنِهَا وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّهِ مَا يُغْتَفَرُ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ اهـ. وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ تَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ لِتَوَقُّفِ الْجَزْمِ بِنِيَّةِ الطَّهَارَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِالْفَرَائِضِ عَنْ النَّوَافِلِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ تُسَنُّ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ قَالَ وَعَنْ الصَّلَاةِ الَّتِي تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِسَبَبٍ مَا كَالشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ فَقَوْلُهُ كَالشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ مُخَالِفٌ لِلْمُتَقَدِّمِ لَهُ مِنْ أَنَّ الشَّكَّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مُبْطِلٌ كَالشَّكِّ فِي النِّيَّةِ.
(الْجَوَابُ) يُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ وَالثَّانِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى اخْتِلَافِ الصُّورَةِ فَالْإِبْطَالُ فِيمَا إذَا شَكَّ هَلْ كَانَ مُتَطَهِّرًا أَمْ لَا وَالصِّحَّةُ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَطَهِّرًا وَشَكَّ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ تَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ وَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ اهـ. وَسَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ تَحْرِيرُ الْمُعْتَمَدِ فِي الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَحْرِيرُ تَصْوِيرِهَا (قَوْلُهُ مِنْ جَمِيعِ حَيْثِيَّاتِهَا) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ حَيْثِيَّاتِهَا فِعْلَهَا وَهِيَ مِنْ جِهَتِهِ مِنْ قَبِيلِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ ضَرُورَةَ أَنَّ فِعْلَهَا وَاجِبٌ يُثَابُ عَلَيْهِ وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ جِهَةِ تَرْكِهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ مِنْ جَمِيعِ حَيْثِيَّاتِهَا وَيَحْتَاجُ عَلَى هَذَا إلَى بَيَانِهِ تَعَدُّدَ حَيْثِيَّاتِ التَّرْكِ وَبَيَانِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا وَسَهْوًا وَجَهْلًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَوَانِعِ لِافْتِرَاقِ إلَخْ) قَدْ يُدْفَعُ هَذَا بِأَنَّ الْمَوَانِعَ الْمَذْكُورَةَ هُنَا لَيْسَتْ مَوَانِعَ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي بَيَانُهُ كَكَوْنِ الْكَلَامِ عَمْدًا مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ لَا مُطْلَقًا فَجَعْلُ انْتِفَائِهَا شُرُوطًا حِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ لَيْسَ لَهَا حَالَةٌ تَخْرُجُ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute