كَمَا لَوْ سَتَرَهَا بِحَرِيرٍ وَيَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ سَتْرُ بَعْضِ عَوْرَتِهِ بِمَا وَجَدَهُ وَتَحْصِيلُهُ قَطْعًا وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَحْصِيلِ وَاسْتِعْمَالِ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ لِطُهْرِهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ رَفْعُ الْحَدَثِ وَفِي تَجَزِّيهِ خِلَافٌ وَهُنَا الْمَقْصُودُ السَّتْرُ، وَهُوَ يَتَجَزَّى (فَإِنْ وَجَدَ كَافِي سَوْأَتَيْهِ) أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّ كَشْفَهُمَا يَسُوءُ صَاحِبَهُمَا (تَعَيَّنَ لَهُمَا) لِفُحْشِهِمَا وَلِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُمَا عَوْرَةٌ (أَوْ) كَافِي (أَحَدِهِمَا فَقُبُلُهُ) أَيْ الشَّخْصِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْخُنْثَى يَتَعَيَّنُ سَتْرُهُ لِأَنَّهُ بَارِزٌ لِلْقِبْلَةِ وَالدُّبُرُ مَسْتُورٌ بِالْأَلْيَيْنِ غَالِبًا فَعُلِمَ أَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أَيْضًا نَظَرًا لِبُرُوزِهِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الْخُنْثَى سَتْرُ قُبُلَيْهِ فَإِنْ كَفَى أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْأَوْلَى سَتْرُ آلَةِ ذَكَرٍ بِحَضْرَةِ امْرَأَةٍ وَعَكْسُهُ وَعِنْدَ مِثْلِهِ يَتَحَيَّزُ كَمَا لَوْ كَانَ وَحْدَهُ (وَقِيلَ دُبُرُهُ) لِأَنَّهُ أَفْحَشُ عِنْدَ نَحْوِ السُّجُودِ (وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ) لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ.
(وَ) رَابِعُهَا (طَهَارَةُ الْحَدَثِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
كَذَلِكَ لِأَنَّ السَّتْرَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمَسَّ لِإِمْكَانِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى حَرْفِ الثَّوْبِ بِحَيْثُ تَسْتُرُ مَا يُحَاذِيهَا مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ لَهُ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ سم (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ سَتَرَهَا بِحَرِيرٍ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ سم أَيْ وَإِلَّا فَلَا حُرْمَةَ بَلْ يَجِبُ كَمَا يَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ إلَخْ) وَلَوْ وَجَدَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً نَجِسَةً وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يُطَهِّرُهَا بِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَفَقَدَ مَنْ يُطَهِّرُهَا، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَجِدْهَا أَوْ وَجَدَهَا وَلَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ حُبِسَ عَلَى نَجَاسَةٍ وَاحْتَاجَ إلَى فَرْشِ السُّتْرَةِ عَلَيْهَا صَلَّى عَارِيًّا وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ كَمَا مَرَّ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَوْ أَدَّى غَسْلُ السُّتْرَةِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ غَسَلَهَا وَصَلَّى خَارِجَهُ وَلَا يُصَلِّي فِي الْوَقْتِ عَارِيًّا كَمَا نَقَلَ الْقَاضِي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ اهـ. قَالَ ع ش قَوْله م ر بِنَفْسِهِ أَيْ وَلَوْ شَرِيفًا وَقَوْلُهُ م ر وَأَتَمَّ الْأَرْكَانَ قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلَا إعَادَةَ فِي أَظْهَرْ الْقَوْلَيْنِ أَيْ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا اهـ. ع ش (قَوْلُهُ بِمَا وَجَدَهُ) هَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقَعَ كَقَدْرِ الْعَدَسَةِ مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ يَلْصَقُهُ بِبَدَنِهِ سم (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَفِي تَجَزِّيهِ) أَيْ رَفْعِ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يَتَجَزَّى) أَيْ بِلَا خِلَافٍ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (فَإِنْ وَجَدَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى وُجُوبِ سَتْرِ الْبَعْضِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ لَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ قُبُلِهِ وَدُبُرِهِ) الْمُرَادُ بِهِمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا نَقَضَ مَسُّهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ بَقِيَّةَ الْعَوْرَةِ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ مَا قَرُبَ إلَيْهَا أَفْحَشَ لَكِنَّ تَقْدِيمَهُ أَوْلَى نِهَايَةٌ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الْإِمْدَادِ مِثْلُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ أَحَدِهِمَا) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَكْفِي جَمِيعُ أَحَدِهِمَا حَتَّى لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ يَكْفِي جَمِيعُ أَحَدِهِمَا وَبَعْضُ الْآخَرِ تَعَيَّنَ لِلْجَمِيعِ بَصْرِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَقُبُلُهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي الدُّبُرُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا فِي الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَفَى الثَّوْبُ الْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَوْقُوفُ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ لِلْمُؤَخَّرِ رُتْبَةً كَالرَّجُلِ دُونَ الْمُقَدَّمِ كَالْمَرْأَةِ قُدِّمَ الْمُؤَخَّرُ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْكُرْدِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ مَا نَصُّهُ أَنَّهُ رَأَى فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِثَوْبٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ الدُّبُرِ أَيْ حَيْثُ كَفَاهُ دُونَ الْقُبُلِ اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَارِزٌ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ أَوْ بَدَلِهَا مُغْنِي وَسَمِّ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ إنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ) أَقَرَّهُ ع ش وَنَقَلَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالشَّوْبَرِيِّ اعْتِمَادَهُ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ مِثْلِهِ) أَيْ أَوْ الْفَرِيقَيْنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِتَعَارُضِ الْمَعْنَيَيْنِ) .
(فُرُوعٌ) لَيْسَ لِلْعَارِي غَصْبُ الثَّوْبِ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ فِي الْمَخْمَصَةِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًّا وَلَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِنَحْوِ دَفْعِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ عَارِيَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعِيرِ غَيْرُهُ وَقَبُولُ هِبَةِ نَحْوِ الطِّينِ لَا قَبُولُ هِبَةِ الثَّوْبِ وَلَا اقْتِرَاضُهُ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ وَيَجِبُ شِرَاؤُهُ وَاسْتِئْجَارُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَوْ أَوْصَى بِصَرْفِ ثَوْبٍ لِأَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ أَوْ وَكَّلَ فِي إعْطَائِهِ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الرَّجُلِ، وَلَوْ صَلَّتْ أَمَةٌ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَعَتَقَتْ فِي صَلَاتِهَا وَوَجَدَتْ سُتْرَةً بَعِيدَةً بِحَيْثُ إنْ مَضَتْ إلَيْهَا احْتَاجَتْ إلَى أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ وَإِنْ انْتَظَرَتْ مَنْ يُلْقِيهَا إلَيْهَا مَضَتْ مُدَّةً فِي التَّكَشُّفِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا فَإِنْ لَمْ تَجِدْ السُّتْرَةَ بَنَتْ عَلَى صَلَاتِهَا، وَكَذَا إنْ وَجَدَتْهَا قَرِيبًا مِنْهَا فَتَنَاوَلَتْهَا وَلَمْ تَسْتَدْبِرْ قِبْلَتَهَا وَسَتَرَتْ بِهَا رَأْسَهَا فَوْرًا، وَلَوْ وَجَدَ عَارٍ سُتْرَتَهُ فِي صَلَاتِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهَا فِيمَا ذَكَرَ وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قُلْت: هَذَا لَا يُنَافِي عَدَمَ حُرْمَةِ الْوَضْعِ عَلَى الْوَاضِعِ وَحُصُولَ السَّتْرِ وَإِنْ أَثِمَ الْمَوْضُوعُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَأْثَمُ لِظَنِّهِ جَوَازَ ذَلِكَ لِنَحْوِ قُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ وَمِنْهَا مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ مَحْرَمُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ غَيْرِ مَحْصُورَاتٍ فَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَسَتَرَتْ بِيَدِهَا بَعْضَ عَوْرَتِهِ فَإِنَّهُ لَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُتَّجِهِ لِلشَّكِّ وَلَا يَحْرُمُ وَضْعُ يَدِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا حُكْمَ الزَّوْجَةِ فِي جَوَازِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِحَرِيرٍ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِمَا وَجَدَهُ) هَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقَعَ كَقَدْرِ الْعَدَسَةِ مِنْ نَحْوِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ يَلْصَقُهُ بِبَدَنِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَتَجَزَّى) أَيْ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَارِزٌ لِلْقِبْلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ بِالْقُبُلِ لِلْقِبْلَةِ فَسَتْرُهُ أَهَمُّ تَعْظِيمًا لَهَا وَلِأَنَّ الدُّبُرَ مَسْتُورٌ غَالِبًا بِالْأَلْيَيْنِ بِخِلَافِ الْقُبُلِ اهـ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فِي نَحْوِ نَفْلِ السَّفَرِ أَنَّهُ يَسْتُرُ الْقُبُلَ أَيْضًا وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلًّا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَرْعٌ) لَهُ قَبْلَانِ أَصْلِيٌّ وَزَائِدٌ وَاشْتَبَهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ وَوَجَدَ مَا يَسْتُرُ وَاحِدًا فَقَطْ مِنْ أَحَدِ الْقُبُلَيْنِ وَالدُّبُرِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute