وَقِيلَ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْوَاوَ قَدْ يَكُونُ قَبْلَهَا مَا لَا يُنَاسِبُهَا وَيَجُوزُ فِي دَالِ يَشُدُّ الضَّمُّ اتِّبَاعًا لِعَيْنِهِ وَالْفَتْحُ لِلْخِفَّةِ قِيلَ وَالْكَسْرُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجَارْبُرْدِيِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ اسْتِوَاءُ الْأَوَّلَيْنِ وَقَوْلُ شَارِحٍ إنَّ الْفَتْحَ أَفْصَحُ لَعَلَّهُ لِأَنَّ نَظَرَهُمْ إلَى إيثَارِ الْأَخْفِيَةِ أَكْثَرُ مِنْ نَظَرِهِمْ إلَى الِاتِّبَاعِ لِأَنَّهَا أَنْسَبُ بِالْفَصَاحَةِ وَأَلْصَقُ بِالْبَلَاغَةِ (وَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي سَاتِرِ عَوْرَتِهِ خَرْقٌ لَمْ يَجِدْ مَا يَسُدُّهُ غَيْرَ يَدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَفِي هَذِهِ هَلْ يُبْقِيهَا فِي حَالَةِ السُّجُودِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ وَضْعُهَا مَعَ السَّتْرِ بِهَا لِعُذْرِهِ أَوْ يَضَعُهَا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَيْهَا تُجَوِّزُ كُلًّا مِنْ الْكَشْفِ وَعَدَمِ وَضْعِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ كَالْجَبْهَةِ مَعَ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِيهِمَا.
وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ تَخْيِيرُهُ إذْ لَا مُرَجِّحَ، وَلَيْسَ هَذَا كَمَا مَرَّ قَرِيبًا فِي قَوْلِنَا فَيُصَلِّي عَلَى الشَّطِّ الْمَعْلُومُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ السُّجُودُ وَالسَّتْرُ قُدِّمَ السُّجُودُ لِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ تَعَارُضُ أَصْلَيْ السُّجُودِ وَالسَّتْرِ، وَأَصْلُ السُّجُودِ آكَدُ لِأَنَّهُ رُكْنٌ وَمَا هُنَا تَعَارَضَ فِيهِ وَضْعُ عُضْوٍ مُخْتَلَفٍ فِي وُجُوبِهِ وَسَتْرُ بَعْضٍ بِعُضْوٍ مُخْتَلَفٍ فِي إجْزَاءِ السَّتْرِ بِهِ فَتَعَيَّنَ (سَتْرُ بَعْضِهَا) أَيْ الْعَوْرَةِ (بِيَدِهِ) حَيْثُ لَا نَقْضَ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَدَعْوَى أَنَّ بَعْضَهُ لَا يَسْتُرُ مَمْنُوعَةٌ وَقَارَبَ الِاسْتِنْجَاءَ بِيَدِهِ لِاحْتِرَامِهَا وَالِاسْتِيَاكَ بِأُصْبُعِهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى اسْتِيَاكًا عُرْفًا وَيَكْفِي بِيَدِ غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ جَرَّهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَمِثْلُهُ الْأَمْرُ حَالَ الْإِدْغَامِ هَاءُ الضَّمِيرِ لَزِمَهُ وَجْهٌ وَاحِدٌ نَحْوُ رَدَّهَا بِالْفَتْحِ وَرَدُّهُ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَصَحِّ وَرُوِيَ رَدِّهِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ انْتَهَى اهـ. سم (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَا يُنَاسِبُهَا) أَيْ كَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ (قَوْلُهُ قِيلَ وَالْكَسْرُ إلَخْ) وَفِي الْغَزِّيِّ وَشَرْحِهِ لِلسَّعْدِ الْجَزْمُ بِجَوَازِ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَشُدَّ بِفَتْحِ الدَّالِ فِي الْأَحْسَنِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا إلَخْ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّاتِرِ سم (قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنْ السَّتْرِ مُطْلَقًا وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى بَعْضِ عَوْرَتِهِ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بَعْضِ السُّتْرَةِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّهَا فِي الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ ضَعْفُ التَّخْيِيرِ الَّذِي بَحَثَهُ وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ مُرَاعَاةِ السُّجُودِ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ لِمُرَاعَاةِ أَمْرٍ غَيْرِ وَاجِبٍ سم وَأَطَالَ الْكُرْدِيُّ فِي تَأْيِيدِ كَلَامِ الشَّارِحِ وَتَصْحِيحِهِ وَرَدِّ قَوْلِ سم وَإِطْلَاقُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَفِي هَذِهِ) أَيْ صُورَةِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ (قَوْلُهُ كُلٌّ مُحْتَمِلٌ) قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ وَبِالْأَوَّلِ أَيْ بِتَقْدِيمِ السَّتْرِ عَلَى الْوَضْعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِوُجُوبِ الْوَضْعِ تَبَعًا لِلرُّويَانِيِّ وَاعْتَمَدَهُ سم اهـ. كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَعِنْدَ السُّجُودِ هَلْ يُرَاعِي السُّجُودَ أَوْ السَّتْرَ رَجَّحَ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِوَالِدِهِ تَقْدِيمَ السُّجُودِ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ وَضْعَ الْأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ فِيهِ فَصَارَ عَاجِزًا عَنْ السَّتْرِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ تَقْدِيمَ السَّتْرِ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَوَضْعُ الْيَدِ فِي السُّجُودِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمُرَاعَاةُ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَهُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا اهـ. وَاسْتَقْرَبَ ع ش مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ تَقْدِيمِ السَّتْرِ عَلَى الْوَضْعِ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجٍّ وَالْخَطِيبُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا اهـ.
وَهُوَ يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْكُرْدِيِّ عَنْ الْخَطِيبِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا) أَيْ تَعَارُضُ الْوَضْعِ وَالسَّتْرِ هُنَا (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ التَّخْيِيرُ)
فَرْعٌ لَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ وَالسَّتْرُ هَلْ يُقَدِّمُ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مُرَاعَاةُ السَّتْرِ وَنُقِلَ عَنْ فَتَاوَى الشَّارِحِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ الْعَوْرَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَرَابِعُهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفَارَقَ إلَى وَيَكْفِي وَقَوْلَهُ فَعُلِمَ إلَى وَأَنَّهُ يَلْزَمُ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا نَاقِضَ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ غَيْرِ السَّوْأَةِ أَوْ مِنْهَا بِلَا مَسٍّ نَاقِضٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لَا يَسْتُرُهُ) أَيْ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا لَهُ مُغْنِي (قَوْلُهُ لِاحْتِرَامِهَا) الْأَوْلَى بِاحْتِرَامِهَا بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي بِيَدِ غَيْرِهِ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ جَمَعَ الْمُخَرَّقَ مِنْ سُتْرَتِهِ وَأَمْسَكَهُ بِيَدِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَ) قَضِيَّةُ جَعْلِ هَذِهِ الْوَاوِ لِلْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْإِدْغَامِ هَاءُ الضَّمِيرِ لَزِمَ وَجْهٌ وَاحِدٌ نَحْوُ رَدِّهَا بِالْفَتْحِ وَرَدِّهِ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَفْصَحِ وَرُوِيَ رَدُّهُ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ (قَوْلُهُ قِيلَ وَالْكَسْرُ) فِي الْغَزِّيِّ وَشَرْحِهِ لِلسَّعْدِ الْجَزْمُ بِجَوَازِ الْحَرَكَاتِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَلَهُ سَتْرُ بَعْضِهَا بِيَدِهِ فِي الْأَصَحِّ) أَيْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى السَّاتِرِ وَإِلَّا فَمَعَ الْعَجْزِ لَا مَعْنَى لِمَنْعِ الْمُقَابِلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِ قَوْلِهِ بَلْ عَلَيْهِ تَحْتَ مُرَادِ الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ تَرَقِّيًا زَائِدًا عَلَى الْمَتْنِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ زَائِدٍ (قَوْلُهُ بَلْ عَلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ لَوْ صُحِّحَ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى الْعَارِي الْعَاجِزِ عَنْ السَّتْرِ مُطْلَقًا وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى بَعْضِ عَوْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى بَعْضِ السُّتْرَةِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى كُلِّهَا فِي الْوُجُوبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ ضَعْفُ التَّخْيِيرِ الَّذِي بَحَثَهُ فِي قَوْلِهِ وَفِي هَذِهِ هَلْ يُبْقِيهِ إلَخْ وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ مُرَاعَاةِ السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ لِمُرَاعَاةِ أَمْرٍ غَيْرِ وَاجِبٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ الْوُجُوبَ لَمْ يَتِمَّ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ عَاجِزًا عَنْ السُّتْرَةِ دُونَ السُّجُودِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ حَرُمَ) قَضِيَّةُ جَعْلِ هَذِهِ الْوَاوِ لِلْمُبَالَغَةِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ السَّتْرَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْمَسَّ لِإِمْكَانِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَى خَرْقِ الثَّوْبِ بِحَيْثُ يَسْتَتِرُ مَا يُحَاذِيهَا مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ لَهُ وَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِعَدَمِ تَحْرِيمِ الْمَسِّ فِي صُوَرٍ مِنْهَا مَا لَوْ وَضَعَ طَبِيبٌ يَدَهُ عَلَى الْمَحَلِّ الْمَكْشُوفِ مِنْ الْعَوْرَةِ بِقَصْدِ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ لِيُدَاوِيَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَضْعَ جَائِزٌ مَعَ حُصُولِ السَّتْرِ بِهِ وَمِنْهَا أَنْ يَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ لِظَنِّهِ أَنَّهُ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ مَعَ عِلْمِ الْمَوْضُوعِ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَاضِعَ رَجُلٌ أَوْ شَكِّهِ فِي أَنَّهُ رَجُلٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَضْعَ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِلظَّنِّ الْمَذْكُورِ وَلَا نَاقِضَ؛ لِأَنَّ لَمْسَ الرَّجُلِ وَالْمَشْكُوكِ فِي أَنَّهُ رَجُلٌ غَيْرُ نَاقِضٍ مَعَ حُصُولِ السَّتْرِ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ الْمَوْضُوعَ عَلَيْهِ رَفْعُ يَدِ الْوَاضِعِ؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا حَرَامٌ فِي الْوَاقِعِ فَلَيْسَ لَهُ السُّكُوتُ عَلَيْهِ.