إذْ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ لِلْأَحَادِيثِ فِيهِ وَقَاسُوا الْمُصَلِّيَ بِالْخَطِّ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الْمُرَادِ وَلِذَا قُدِّمَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.
وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ وَإِلَّا حَرُمَ دَفْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ مُحَرَّمًا بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْكَرَاهَةِ وَلَوْ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ بَلْ وَلَوْ قَصَّرَ الْمُصَلِّي بِمَا مَرَّ لَمْ يُكْرَهْ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ النَّاسِ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ» أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٌ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَإِنْ أَبَى» أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّافِعَ تَحَرِّي الْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ كَالصَّائِلِ وَلَا يَدْفَعُهُ بِفِعْلٍ كَثِيرٍ مُتَوَالٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ لِدَفْعِهِ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمُرُورِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ فَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي» أَيْ الْمُسْتَتِرِ بِسُتْرَةٍ يَعْتَدُّ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ «مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا أَيْ سَنَةً» كَمَا فِي رِوَايَةٍ «خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» وَالْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ ضَعِيفٌ وَيُسَنُّ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا بِوَجْهِهِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ هِيَ سُتْرَةٌ مُحْتَرَمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ لَا لِذَاتِ كَوْنِهَا سُتْرَةً
ــ
[حاشية الشرواني]
كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ عَلَى الْهَلَاكِ تَعَيَّنَ الْمُرُورُ لِإِنْقَاذِهِ شَرْحُ م ر اهـ سم قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر كَإِنْذَارِ نَحْوِ مُشْرِفٍ إلَخْ أَوْ خَطْفِ نَحْوِ عِمَامَتِهِ وَتَوَقَّفَ إنْقَاذُهَا مِنْ السَّارِقِ عَلَى الْمُرُورِ فَلَا يَحْرُمُ الْمُرُورُ بَلْ يَجِبُ فِي إنْقَاذِ نَحْوِ الْمُشْرِفِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُصَلِّي الدَّفْعُ إنْ عَلِمَ بِحَالِهِ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَفِي الْإِيعَابِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ فِي حِلِّ الْمُرُورِ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا سِوَاهُ عِنْدَ ضَرُورَةِ خَوْفِ نَحْوِ بَوْلٍ أَوْ لِعُذْرٍ يُقْبَلُ مِنْهُ وَكُلُّ مَا رَجَحَتْ مَصْلَحَتُهُ عَلَى مَفْسَدَةِ الْمُرُورِ فَهُوَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ انْتَهَى وَمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّرُورَةِ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ عَلَى إطْلَاقِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْإِيعَابِ وَنَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْأَئِمَّةِ جَوَازَ الْمُرُورِ إنْ لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَالْعُبَابُ وَغَيْرُهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ إذْ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ مُرُورُ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَامْرَأَةٍ وَكَلْبٍ وَحِمَارٍ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ «يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ» فَالْمُرَادُ مِنْهُ قَطْعُ الْخُشُوعِ لِلشُّغْلِ بِهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَالَ أَحْمَدُ لَا شَكَّ فِي قَطْعِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَفِي قَلْبِي مِنْ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ آذَى ذَلِكَ الدَّفْعُ وَإِلَّا بِأَنْ خَفَّ وَسُومِحَ بِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ سم (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلْخُوَارِزْمِيِّ) حَيْثُ قَالَ بِحُرْمَةِ الْمُرُورِ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ لَوْ قَصَّرَ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَلْيَدْفَعْهُ إلَخْ) .
(فَرْعٌ) حَيْثُ سَاغَ الدَّفْعُ فَتَلِفَ الْمَدْفُوعُ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ فَلَوْ وَقَفَ دَفْعُهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي يَدِهِ بِأَنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِقَبْضِهِ عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ سم عَلَى حَجّ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الضَّمَانِ حَيْثُ عُدَّ مِنْ دَفْعِ الصَّائِلِ فَإِنْ دَفَعَهُ يَكُونُ بِمَا يُمْكِنُهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى اسْتِيلَاءٍ عَلَيْهِ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَرِّ بِأَنَّ الْجَرَّ لِنَفْعِ الْجَارِّ لَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَجْرُورِ ع ش وَلَعَلَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ أَوْ هُوَ شَيْطَانُ الْإِنْسِ) أَيْ يَفْعَلُ فِعْلَ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ شَغْلِ الْمُسْلِمِ عَنْ الطَّاعَةِ حَلَبِيٌّ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ كَالصَّائِلِ) فَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِهِ فَهَدَرٌ مُغْنِي عِبَارَةُ سم قَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا هُنَا بِالصَّائِلِ جَوَازُ دَفْعِهِ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ اهـ وَعِبَارَةُ ع ش قَالَ م ر لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَهِيمَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ وَالصَّائِلُ يُدْفَعُ مُطْلَقًا سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَدْفَعُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَصْحَابُ وَيَدْفَعُهُ بِيَدِهِ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ فِي مَكَانِهِ وَلَا يَحِلُّ الْمَشْيُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْمَشْيِ أَشَدُّ مِنْ الْمُرُورِ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الْخُطْوَةَ وَالْخُطْوَتَيْنِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِهِمَا الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مُرَادًا أَيْ لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ فَيُكْرَهُ وَلَوْ دَفَعَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إلَخْ) وَعَلَى الْكَثِيرِ الْمُتَوَالِي يُحْمَلُ إلَخْ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمُغْنِي مَحْمَلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ وَضْعُ السُّتْرَةِ عَنْ يَمِينِهِ إلَخْ) هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَيَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَيْهَا فِيهِ نَظَرٌ.
وَيَحْتَمِلُ عَلَى هَذَا أَنْ يَكْفِيَ كَوْنُ بَعْضِهَا عَنْ يَمِينِهِ وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش وَفِي الْكُرْدِيِّ قَالَ الْقَلْيُوبِيُّ خَرَجَ الْمُصَلَّى كَالسَّجَّادَةِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لَا إلَيْهِ انْتَهَى أَيْ فَيَجْعَلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ هَلْ الْعِبْرَةُ هُنَا إلَخْ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ اعْتِقَادِ الْمُصَلِّي فِي جَوَازِ الدَّفْعِ وَاعْتِقَادِ الْمَارِّ فِي الْإِثْمِ وَعَدَمِهِ سم وَمَالَ إلَيْهِ النِّهَايَةُ وَاعْتَمَدَهُ ع ش (قَوْلُهُ عَنْ يَمِينِهِ إلَخْ) نَقَلَ عَنْ الْإِيعَابِ لِحَجِّ أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَأَقُولُ يَنْبَغِي أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ لِشَرَفِ الْيَمِينِ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا يَسْتَقْبِلُهَا إلَخْ) أَيْ بَلْ يَفْعَلُ إمَالَةً قَلِيلَةً بِحَيْثُ تَسَامَتْ بَعْضَ بَدَنِهِ وَلَا يُبَالِغُ فِي الْإِمَالَةِ بِحَيْثُ تَخْرُجُ بِهَا عَنْ كَوْنِهَا سُتْرَةً لَهُ وَلَيْسَ مِنْ السُّتْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا لَوْ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَاسْتَنَدَ فِي وُقُوفِهِ إلَى جِدَارٍ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سُتْرَةً عُرْفًا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ فَهَلْ لَهُ الدَّفْعُ وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ أَوْ لَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَيْثُ عُدَّ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْجَرِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ آذَى الدَّفْعُ وَإِلَّا بِأَنْ خَفَّ وَسُومِحَ بِهِ عَادَةً لَمْ يَحْرُمْ (قَوْلُهُ بَلْ خِلَافُ الْأَوْلَى) هَلَّا جَازَ دَفْعُهُ أَوْ سُنَّ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ خِلَافِ الْأَوْلَى مَشْرُوعٌ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ.
(قَوْلُهُ كَالصَّائِلِ) قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ إلْحَاقِ مَا هُنَا بِالصَّائِلِ جَوَازُ دَفْعِهِ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الصَّائِلَ يُدْفَعُ وَإِنْ جَهِلَ التَّحْرِيمَ (قَوْلُهُ وَضْعُ السُّتْرَةِ إلَخْ) لَا يَتَأَتَّى فِي الْجِدَارِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَدْ يَتَأَتَّى فِيهِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ طَرَفُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ السُّنَّةُ وُقُوفُهُ عِنْدَ طَرَفِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ وَشَمِلَ الْمُصَلِّيَ فَهَلْ السُّنَّةُ وَضْعُهَا عَنْ