للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُنَا إنَّمَا هُوَ بِمَا فِي الْمَاءِ لَا بُدَّ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنَّ سَبَبَهُ لَطَافَةُ الْمَاءِ الْمُنْبَثِّ هُوَ فِي أَجْزَائِهِ فَقَبِلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي وَانْبَثَّ فِيهِ وَلَوْ نَزَلَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلَمْ يَكْثُرْ تَغَيُّرُهُ بِهِ لِكَثَافَتِهِ وَمَعَ الشَّكِّ لَا تُسْلَبُ الطَّهُورِيَّةُ الْمُحَقَّقَةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَاءٍ مُجَاوِرٍ وَمُخَالِطٍ، وَشَكَكْنَا فِي الْمُغَيِّرِ مِنْهُمَا لَمْ يَضُرَّ فَكَذَا هُنَا (وَكَذَا) لَا يَضُرُّ فِي الطَّهُورِيَّةِ (مُتَغَيِّرٌ بِمُجَاوِرٍ) طَاهِرٍ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ (كَعُودٍ وَدُهْنٍ) وَإِنْ طَيِّبًا وَكَحَبٍّ وَكَتَّانٍ وَإِنْ أُغْلِيَا مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ فِيهِ مُخَالَطَةٌ تَسْلُبُ الِاسْمَ.

وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَشَى جَمْعٌ عَلَى أَنَّهُ يَضُرُّ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَ تَغَيُّرُهُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَإِذَا وُضِعَ عَلَى غَيْرِهِ وَتَغَيَّرَ لَمْ يُغْتَفَرْ بَقِيَ هُنَا أَمْرَانِ الْأَوَّلُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ شَامِلَةٌ لِلْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ وَبِالْمُجَاوِرِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا صُبَّ عَلَى غَيْرِهِ فَغَيَّرَهُ ضَرَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا فِي الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُكْثِ بَلْ وَبِالْمُجَاوِرِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ صُبَّ مُتَغَيِّرٌ بِخَلِيطٍ لَا يُؤَثِّرُ عَلَى غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ فَغَيَّرَهُ كَثِيرًا ضَرَّ انْتَهَى فَصَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمُتَغَيِّرِ بِالْمُخَالِطِ، وَأَخْرَجَ الْمُتَغَيِّرَ بِالْمُكْثِ، وَكَذَا بِالْمُجَاوِرِ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَارِدًا عَلَى غَيْرِهِ فَهَلْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ

عَدَمُ الْفَرْقِ، ثُمَّ عَلَى فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ قَدْ يُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الضَّرَرِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِي طَرْحِ التُّرَابِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْ جِنْسِ الْمَاءِ، وَالتَّغَيُّرُ بِالتُّرَابِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ اهـ بِحَذْفٍ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا بَعْدَ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِالْمُتَغَيِّرِ بِمَا فِي الْمَقَرِّ أَوْ الْمَمَرِّ، وَتَرْجِيحُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ.

وَأَمَّا لَوْ طُرِحَ غَيْرُ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْهُ قُوَّةً لَمْ يُضْعِفْهُ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الشَّيْخِ الْبَابِلِيِّ خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ حَجَرٍ اهـ.

وَفِي الْبَصْرِيِّ مَا نَصُّهُ يَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَا لَوْ أُخْرِجَ شَيْءٌ مِمَّا فِي الْمَقَرِّ أَوْ الْمَمَرِّ مِنْ الْمُخَالَطَاتِ، ثُمَّ أُلْقِيَ فِيهِ وَلَمْ يُحْدِثْ تَغَيُّرًا غَيْرُ مَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ فَهَلْ يُفْرَضُ الْمَاءُ خَلِيًّا مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الطَّرْحِ، وَيُنْظَرُ هَلْ يُغَيَّرُ أَوْ لَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ، وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ الْأَوَّلُ، ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي فِي شَرْحٍ فَإِنْ غَيَّرَهُ فَنَجِسٌ يُؤَيِّدُ مَا ذُكِرَ اهـ.

أَقُولُ وَتَصْوِيرُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِصَبِّ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمُخَالِطِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ كَالصَّرِيحِ فِي الثَّانِي أَيْ عَدَمِ ضَرَرِ صَبِّ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى الْمُتَغَيِّرِ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْوَضْعِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّغَيُّرَ هُنَا (قَوْلُهُ أَنَّ سَبَبَهُ) أَيْ تَغَيُّرِ الْمَاءِ الثَّانِي (لِطَاقَةِ الْمَاءِ) أَيْ الْأَوَّلِ (الْمُنْبَثِّ هُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَكَذَا ضَمِيرُ فَقَبْلَهُ وَضَمِيرُ وَلَوْ نَزَلَ (قَوْلُهُ فَقَبْلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ حَاصِلُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ وَذَا لَا يَمْنَعُ الضَّرَرَ سم (قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ بِمَاءٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْوَاقِعَيْنِ هُنَا يُمْكِنُ نِسْبَةُ التَّغْيِيرِ إلَيْهِمَا فَحَصَلَ الشَّكُّ بِخِلَافِهِ فِيمَا سَبَقَ فَإِنَّ التَّغْيِيرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِلَا رَيْبٍ لَا بِالْمَاءِ إذْ لَا أَثَرَ بِصِرَافَتِهِ فِي التَّغَيُّرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لِلْمَاءِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ صِفَةً تُشَاكِلُ كُلُّ صِفَةٍ مَا هُوَ مَعَهُ كَمُلُوحَةِ طَعْمٍ أَوْ صُفْرَةِ لَوْنٍ أَوْ نَتِنِ رِيحٍ وَشَكَّ فِي تَغَيُّرِ الثَّانِي هَلْ هُوَ مِنْ الْمَاءِ أَوْ مِنْ مُصَاحِبِهِ أَوْ مِنْهُمَا لَاتَّجَهَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ سَلْبِ طَهُورِيَّتِهِ لِلشَّكِّ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ طَاهِرٌ) يَأْتِي فِي الْمَتْنِ مُحْتَرَزُهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ) أَيْ كَثِيرًا كَانَ التَّغَيُّرُ أَوْ قَلِيلًا وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمُجَاوِرِ جِرْمٌ أَوْ لَا قَوْلُ الْمَتْنِ (كَعُودٍ) وَكَالْعُودِ مَا لَوْ صَبَّ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ مَاءَ وَرْدٍ ثُمَّ جَفَّ، وَبَقِيَتْ رَائِحَتُهُ فِي الْمَحَلِّ فَإِذَا أَصَابَهُ مَاءٌ وَتَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ مِنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا لَمْ يَسْلُبْ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ تَغَيُّرٌ بِمُجَاوِرٍ أَمَّا لَوْ صَبَّ عَلَى الْمَحِلِّ وَفِيهِ مَاءٌ يَنْفَصِلُ وَاخْتَلَطَ بِمَا صَبَّهُ فَيُقَدَّرُ مُخَالِفًا وَسَطًا ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَدُهْنٍ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْمَاءُ الْمُتَغَيِّرُ بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ فِي قَنَادِيلِ الْوُقُودِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَإِنْ طُيِّبَا) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّطَيُّبِ أَيْ طُيِّبَا بِغَيْرِهِمَا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ أَيْ طَيَّبَا غَيْرَهُمَا وَفِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ وَلَوْ مُطَيَّبَيْنِ بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ الْمُشَدَّدَةِ أَوْلَى مِنْ كَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْمَصْنُوعُ فَالْخِلْقِيُّ أَوْلَى انْتَهَى.

وَمَحَلُّهُ كَمَا لَا يَخْفَى إذَا طُيِّبَ الْعُودُ بِطِيبٍ مُجَاوِرٍ، وَإِلَّا ضَرَّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوُجِدَ نَاقِصًا قُلْت لَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ نَقَصَ بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحِلِّ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ تَسْلُبُ الِاسْمَ) أَيْ اسْمَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَأْنِ الذُّبَابِ الِابْتِلَاءُ بِوُقُوعِهِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَخَفَّ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّهُ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا كَانَ الْمُتَغَيِّرُ وَارِدًا عَلَى غَيْرِهِ فَهَلْ عَكْسُهُ كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ ثُمَّ عَلَى فَتْوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ قَدْ يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الضَّرَرِ هُنَا وَعَدَمِهِ فِي طَرْحِ التُّرَابِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْمِلْحَ مِنْ جِنْسِ الْمَاءِ، وَالتَّغَيُّرُ بِالتُّرَابِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ (قَوْلُهُ فَقَبِلَهُ الْمَاءُ الثَّانِي) قَدْ يُقَالُ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِمَا فِي الْمَاءِ بِوَاسِطَةِ الْمَاءِ وَذَا لَا يَمْنَعُ الضَّرَرَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ انْفِصَالُ عَيْنِ مُخَالِطِهِ) فَإِنْ قُلْت هَلْ يَدُلُّ نَقْصُهُ عَلَى انْفِصَالِ الْعَيْنِ الْمُخَالِطَةِ كَمَا لَوْ وُزِنَ بَعْدَ تَغْيِيرِهِ الْمَاءَ فَوَجَدْنَاهُ نَاقِصًا قُلْت لَا لِاحْتِمَالِهِ أَنَّهُ نَقَصَ بِانْفِصَالِ أَجْزَاءٍ مُجَاوِرَةٍ وَلَوْ لَمْ تُشَاهَدْ فِي الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>