فِي مَاءِ مُبَلَّاتِ الْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَالَاتٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِي التَّغَيُّرِ أَوَّلًا وَآخِرًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ نَعَمْ الَّذِي يَنْبَغِي فِيمَا شَكَّ فِي انْفِصَالِ عَيْنٍ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لَهُ اسْمٌ آخَرَ بِحَيْثُ تَرَكَ مَعَهُ اسْمَهُ الْأَوَّلَ السَّلَبُ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّجَدُّدَ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ جِدًّا عَلَى انْفِصَالِ تِلْكَ الْعَيْنِ فِيهِ (أَوْ بِتُرَابٍ) طَهُورٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَالِطٌ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ خِلَافًا لِمَنْ وُهِمَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي الْمِلْحُ الْمَائِيُّ لَا الْجَبَلِيُّ إلَّا إنْ كَانَ بِمَمَرٍّ أَوْ مَقَرٍّ (طُرِحَ) لَا لِتَطْهِيرِ مُغَلَّظٍ، وَإِلَّا لَمْ يَصِرْ طِينًا لَا يَجْرِي بِطَبْعِهِ وَإِلَّا أَثَّرَ جَزْمًا (فِي الْأَظْهَرِ) إذْ التَّغَيُّرُ بِالْمُجَاوِرِ وَمِنْهُ الْبَخُورُ وَلَوْ احْتِمَالًا إذْ مَا شَكَّ فِي أَنَّهُ مُخَالِطٌ أَوْ مُجَاوِرٌ لَهُ حُكْمُ الْمُجَاوِرِ، ثُمَّ رَأَيْت جَمْعًا جَزَمُوا بِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ حَتَّى مَنْ قَالَ إنَّهُ يَضُرُّ لَكِنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ التَّفْرِقَةِ فِي الْمُجَاوِرِ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ مُجَاوِرًا أَنَّ الْأَصَحَّ فِي دُخَانِ الشَّيْءِ أَنَّهُ مِنْ نَفْسِ جِرْمِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ مُجَاوِرٌ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إذْ الْمُشَاهَدَةُ قَاضِيَةٌ فِي الدُّخَانِ بِأَنَّهُ مُجَاوِرٌ يَطْفُو عَلَى الْمَاءِ وَلَا يَخْتَلِطُ بِهِ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ، وَإِنْ فَحُشَ فَهُوَ كَتَغَيُّرٍ بِجِيفَةٍ عَلَى الشَّطِّ وَبِالتُّرَابِ.
أَمَّا مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ لَا تَمْنَعُ الِاسْمَ فَعَلَيْهِ هُوَ مُجَاوِرٌ، وَالْمُتَغَيِّرُ بِهِ مُطْلَقٌ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَإِمَّا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الْعِبَادِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمَاءِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ مَرَقَةٌ مَثَلًا كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فِي مَاءِ مُبَلَّاتِ الْكَتَّانِ) بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ السَّلَبُ) جَوَابُ لَوْ، عَلَى حَذْفِ الْخَبَرِ، أَيْ: مُتَعَيِّنٌ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ إنَّ، وَهُوَ مَعَ اسْمِهِ وَخَبَرِهِ خَبَرُ الْمَوْصُولِ، قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ طَهُورٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَعْمَلِ وَقَوْلُهُ بِنَاءً إلَخْ أَيْ التَّقْيِيدُ بِالطَّهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التُّرَابَ مُجَاوِرٌ فَلَا يَضُرُّ التُّرَابُ الْمَطْرُوحُ مُطْلَقًا طَهُورًا كَانَ أَوْ مُسْتَعْمَلًا.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الظَّاهِرَ الْوَاقِعَ فِي الْمَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِطًا أَوْ مُجَاوِرًا، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ أَوْ لَا، وَالْأَوَّلُ إمَّا أَنْ يَكُونَ التَّغَيُّرُ بِهِ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا ضَرَّ، وَتُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَوْرَاقُ إذَا تَنَاثَرَتْ بِنَفْسِهَا وَتَفَتَّتَتْ وَغُيِّرَتْ وَالْمِلْحُ الْمَائِيُّ وَالتُّرَابُ الطَّاهِرُ أَوْ الطَّهُورُ وَإِنْ طُرِحَا فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمُجَاوِرُ إمَّا أَنْ تَتَحَلَّلَ مِنْهُ أَجْزَاءٌ تُمَازِجُ الْمَاءَ وَتَخْلِطُهُ كَالْمِشْمِشِ وَالزَّبِيبِ وَالْعِرْقِسُوسِ وَالْبَقَّمِ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُخَالِطِ فَيَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ بِشَرْطِهِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَتَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْعُودِ وَالدُّهْنِ وَلَوْ مُطَيِّبَيْنِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْإِقْنَاعِ وَفِي الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ بَعْدُ نَحْوُ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَلَك ضَبْطُ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى بِأَنْ تَقُولَ: يُشْتَرَطُ لِضَرَرِ تَغَيُّرِ الْمَاءِ سِتَّةُ شُرُوطٍ أَنْ لَا يَكُونَ تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُغَيِّرُ مُخَالِطًا وَأَنْ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَشُقَّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَأَنْ يَكُونَ التَّغَيُّرُ كَثِيرًا بِحَيْثُ يَمْنَعُ إطْلَاقَ اسْمِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُغَيِّرُ تُرَابًا وَلَا مِلْحًا مَائِيًّا، وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُغَيِّرِ الطَّاهِرِ أَمَّا النَّجِسُ فَيَتَنَجَّسُ مَا وَقَعَ فِيهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ حَيْثُ كَانَ الْمَاءُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا التَّغَيُّرُ بِتُرَابِ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ الْكَلْبِيَّةِ وَنَحْوِهَا أَوْ بِتُرَابٍ تَهُبُّ بِهِ الرِّيحُ أَوْ طُرِحَ بِلَا قَصْدٍ كَأَنْ أَلْقَاهُ صَبِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَا يَضُرُّ جَزْمًا اهـ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَأَصْلُ هَذَا فِي النِّهَايَةِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ كُرْدِيٌّ وَسَمِّ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُجَاوِرِ دُخَانُ الشَّيْءِ الَّذِي يَتَبَخَّرُ بِهِ فَلَا يَضُرُّ تَغَيُّرُ الْمَاءِ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ احْتِمَالًا) يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ الْبَخُورِ مُجَاوِرًا وَإِنْ كَانَ احْتِمَالًا لَا تَحْقِيقًا لَكِنَّهُ كَافٍ فِي عَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ أَيْ الْبَخُورَ وَقَوْلُهُ حَتَّى مَنْ قَالَ إنَّهُ يَضُرُّ أَيْ جَزَمَ بِكَوْنِهِ مُجَاوِرًا، وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ بَنَاهُ أَيْ هَذَا الْقَوْلَ وَقَوْلُهُ بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ يَعْنِي يَقُولُ إنَّ الْمُجَاوِرَ الَّذِي هُوَ الرَّائِحَةُ يَضُرُّ وَغَيْرُهُ لَا يَضُرُّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا يُنَافِي إلَخْ وَعِلَّةٌ لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَقَوْلُهُ إذْ الْمُشَاهَدَةُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا مَانِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ إلَخْ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَزِمَ هُنَا انْفِصَالُ جِرْمٍ مُجَاوِرٍ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَزِمَ مِنْ شُمُولِ الْبُخَارِ لِدُخَانِ الْمُخَالِطِ سم (قَوْلُهُ عَلَى الشَّطِّ) أَيْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِحَيْثُ يَصِلُ رِيحُهَا إلَى الْمَاءِ لَا أَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ مُجَرَّدُ تَرَوُّحٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِالْمُجَاوِرِ ضَرَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا نَعَمْ إنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا لَوْ نُقِعَ التَّمْرُ فِي الْمَاءِ فَاكْتَسَبَ الْحَلَاوَةَ مِنْهُ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِالْمُجَاوِرِ لَا يَكُونُ إلَّا تَرَوُّحًا، وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ مَعَ أَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا سَيَأْتِي لَهُ م ر قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْبَخُورِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ م ر جَرَى فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى الْغَالِبِ اهـ.
وَقَوْلُهُ مَا سَيَأْتِي لَهُ إلَخْ يَعْنِي بِهِ قَوْلَ النِّهَايَةِ، وَيَظْهَرُ فِي الْمَاءِ الْمُبَخَّرِ الَّذِي غَيَّرَ الْبَخُورُ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ عَدَمُ سَلْبِهِ الطَّهُورِيَّةَ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ انْحِلَالَ الْأَجْزَاءِ وَالْمُخَالَطَةِ وَإِنْ بَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي دُخَانِ النَّجَاسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِالتُّرَابِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِالْمُجَاوِرِ سم يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ عَطْفٌ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ طَعْمَ الْمَاءِ أَوْ رِيحَهُ ضَرَّ وَلَيْسَ مُرَادًا ع ش (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلتَّسْهِيلِ) أَيْ مُغْتَفَرٌ لِلتَّسْهِيلِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ بَعْدُ أَوْ مُسْتَثْنًى مِنْ غَيْرِ الْمُطْلَقِ لِلتَّسْهِيلِ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُغْنِي، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
خُرُوجِهَا مِنْ الْمَاءِ أَوْ الْتِصَاقِهَا بِبَعْضِ جَوَانِبِ الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِتُرَابٍ) أَيْ وَلَوْ مُسْتَعْمَلًا بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ التَّغَيُّرَ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ إذْ التَّغَيُّرُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مُجَرَّدٌ كَدَوْرَةٍ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْفَصِلَ جِرْمٌ) اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَزِمَ هُنَا انْفِصَالُ جِرْمٍ مُجَاوِرٍ مِنْ جِرْمٍ مُخَالِطٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَزِمَ مِنْ شُمُولِ الْبُخَارِ لِلدُّخَانِ الْمُخَالِطِ، (قَوْلُهُ وَبِالتُّرَابِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِالْمُجَاوِرِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِلتَّسْهِيلِ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الْعَطْفُ