فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ (وَقِيلَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) لِمَا صَحَّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوتِرُ بِثَلَاثَ عَشْرَةَ» وَأَوَّلَهُ الْأَوَّلُونَ عَلَى مَا فِيهِ بِحَمْلِهِ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا حَسَبَتْ مِنْهَا سُنَّةَ الْعِشَاءِ وَرِوَايَةُ خَمْسَ عَشْرَةَ حُسِبَ مِنْهَا ذَلِكَ وَافْتِتَاحُ الْوِتْرِ وَهُوَ رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ الْكُلُّ فِي الْوَصْلِ وَلَا الْإِحْرَامُ الْأَخِيرُ فِي الْفَصْلِ إنْ عَلِمَ وَتَعَمَّدَ وَإِلَّا صَحَّتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَلَوْ أَحْرَمَ بِالْوِتْرِ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا صَحَّ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ وَكَأَنَّ بَحْثَ بَعْضِهِمْ إلْحَاقَهُ بِالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي أَنَّ لَهُ إذَا نَوَى عَدَدًا أَنْ يَزِيدَ وَيُنْقِصَ تَوَهَّمَهُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ غَلَطٌ صَرِيحٌ.
وَقَوْلُهُ: إنَّ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ عَنْ الْفُورَانِيِّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ وَهْمٌ أَيْضًا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْبَسِيطِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِسُنَّةِ الظُّهْرِ الْأَرْبَعِ بِنِيَّةِ الْوَصْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْفَصْلُ بِأَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ نَوَاهُ قَبْلَ النَّقْصِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ أَيْضًا (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةِ الْفَصْلِ) بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِالسَّلَامِ لِلِاتِّبَاعِ الْآتِي وَلِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِالتَّسْلِيمِ» (وَهُوَ أَفْضَلُ) مِنْ الْوَصْلِ الْآتِي إنْ سَاوَاهُ عَدَدًا؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَهُ أَكْثَرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ مِنْهَا الْخَبَرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلٍّ بِرَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ»
ــ
[حاشية الشرواني]
شَرْحِ: فَإِنْ أَوْتَرَ ثُمَّ تَهَجَّدَ إلَخْ فِي الشَّرْحِ كَالنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ فَمَا اسْتَقْرَبَهُ ع ش بِمَا نَصُّهُ.
(فَرْعٌ) لَوْ صَلَّى وَاحِدَةً بِنِيَّةِ الْوِتْرِ حَصَلَ الْوِتْرُ وَلَا يَجُوزُ بَعْدَهَا أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ لِحُصُولِهِ وَسُقُوطِهِ، فَإِنْ فَعَلَ عَمْدًا لَمْ تَنْعَقِدْ وَإِلَّا انْعَقَدَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَكَذَا لَوْ صَلَّى ثَلَاثًا بِنِيَّةِ الْوِتْرِ وَسَلَّمَ كَذَا نَقَلَ م ر عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَرَأَيْت شَيْخَنَا حَجّ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَيْ فَقَالَ إذَا صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْوِتْرِ أَوْ ثَلَاثَةً مَثَلًا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ بَاقِيَهُ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ حَجّ. اهـ. ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشُّرُوحُ الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ: فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا تُفْهِمُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَنَّ أَكْمَلِيَّةَ السَّبْعِ فَالتِّسْعِ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ أَكْمَلِيَّةِ الْخَمْسِ غَيْرُ مُرَادِ سم وَعَبَّرَ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي بِثُمَّ بَدَلَ الْفَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا فِيهِ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ ضَعِيفٌ مُبَاعِدٌ لِلْأَخْبَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَأَنَا أَقْطَعُ بِحِلِّ الْإِيتَارِ بِذَلِكَ وَصِحَّتِهِ وَلَكِنْ أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ فَأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ غَالِبُ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا حَسَبَتْ مِنْهَا سُنَّةَ الْعِشَاءِ) قَدْ يُقَالُ الْأَنْسَبُ أَنْ يُقَالَ حَسَبَتْ مِنْهَا افْتِتَاحَ الْوِتْرِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ سُنَّةِ الْعِشَاءِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: حَسَبَ) أَيْ رَاوِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ سُنَّةَ الْعِشَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ زَادَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَحْرَمَ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ فَلَوْ زَادَ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ أَحْرَمَ بِاثْنَيْ عَشْرَ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا الْإِحْرَامِ الْأَخِيرِ) الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ وَلَا الْإِحْرَامِ السَّادِسِ وَمَا بَعْدَهُ لِاقْتِضَاءِ عِبَارَتِهِ صِحَّةَ السَّادِسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرَادًا لَهُ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَإِنْ سَلَّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ صَحَّ مَا عَدَا الْإِحْرَامَ السَّادِسَ فَلَا يَصِحُّ وِتْرًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَلَوْ نَوَى الْوِتْرَ وَأَطْلَقَ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ كَمَا قَالَ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّهُ أَدْنَى الْكَمَالِ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَالْخَطِيبُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ. اهـ. وَعِبَارَةُ ع ش (فَرْعٌ) نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ مِنْهُ مَطْلُوبٌ لَا كَرَاهَةَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ هُوَ الثَّلَاثُ فَيَنْحَطُّ النَّذْرُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا قُلْنَا: إذَا أَطْلَقَ نِيَّةَ الْوِتْرِ انْعَقَدَتْ عَلَى ثَلَاثٍ م ر قَوْلُهُ: لَزِمَهُ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ هَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الزِّيَادَةُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي ثُمَّ إنْ أَحْرَمَ بِالثَّلَاثِ ابْتِدَاءً حَصَلَ بِهَا الْوِتْرُ وَبَرِئَ مِنْ النَّذْرِ وَلَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ بِالْإِحْدَى عَشْرَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَمْتَنِعْ وَيَقَعُ بَعْضُ مَا أَتَى بِهِ وَاجِبًا بَعْضُهُ وَمَنْدُوبًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: إلْحَاقَهُ) أَيْ الْوِتْرِ (قَوْلُهُ: تَوَهَّمَهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ تَوَهَّمَ الْبَعْضُ ذَلِكَ الْبَحْثَ مِنْ التَّخْيِيرِ عِنْدَ إطْلَاقِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِلْحَاقُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ النَّقْصِ (قَوْلُهُ: بِسُنَّةِ الظُّهْرِ الْأَرْبَعِ إلَخْ) أَيْ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ بِغَيْرِ عَدَدٍ ثُمَّ يَفْعَلَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي الْوِتْرِ نَعَمْ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحَشِّيَ قَالَ (فَرْعٌ) يَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَثَلًا وَيَتَخَيَّرَ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ م ر انْتَهَى. اهـ. بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الْوَصْلِ) مَا فَائِدَتُهُ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلِمَنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ الْفَصْلُ) وَضَابِطُ الْفَصْلِ أَنْ يَفْصِلَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ عَمَّا قَبْلَهَا حَتَّى لَوْ صَلَّى عَشْرًا بِإِحْرَامٍ وَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ بِإِحْرَامٍ كَانَ ذَلِكَ فَصْلًا وَضَابِطُ الْوَصْلِ أَنْ يَصِلَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ بِمَا قَبْلَهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) أَيْ مَثَلًا مُغْنِي عِبَارَةُ سم، وَالنِّهَايَةِ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ وَسِتًّا بِتَسْلِيمٍ وَاحِدٍ جَازَ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَهُوَ أَفْضَلُ) وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَكُلُّ هَذَا أَيْ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْإِتْيَانِ بِثَلَاثٍ، فَإِنْ زَادَ فَالْفَصْلُ أَفْضَلُ قَطْعًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ. اهـ. وَفِي ع ش عَنْ عَمِيرَةَ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْخَبَرُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مِنْ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ كَثَلَاثٍ حَصَلَ الْوِتْرُ وَسَقَطَ وَامْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِذَا أَتَى بِثَلَاثٍ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُشْفِعَهَا وَيَأْتِيَ بِأَكْمَلِ الْوِتْرِ مَثَلًا كَانَ مُمْتَنِعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: فَسَبْعٌ فَتِسْعٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ أَكْمَلِيَّةَ السَّبْعِ فَالتِّسْعِ عَلَى أَدْنَى الْكَمَالِ مُؤَخَّرَةُ الرُّتْبَةِ عَلَى أَكْمَلِيَّةِ الْخَمْسِ وَهُوَ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ الْمُرَادِ مَمْنُوعٌ فَتَأَمَّلْهُ سم.
(قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ إحْرَامَهُ يَنْحَطُّ عَلَى ثَلَاثٍ (قَوْلُهُ: بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ صَلَّى كُلَّ أَرْبَعٍ