للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْهُ وَلَوْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ صَلَاةً أَخَّرَهَا قَلِيلًا (وَقِيلَ يُشْفِعُهُ بِرَكْعَةٍ) أَيْ يُصَلِّي رَكْعَةً حَتَّى يَصِيرَ وِتْرُهُ شَفْعًا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) لِيَقَعَ الْوِتْرُ آخَرَ صَلَاتِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَيُسَمَّى نَقْضَ الْوِتْرِ لَكِنْ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ صَحَّ النَّهْيُ عَنْهُ.

(وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ آخِرَ وِتْرِهِ) أَيْ آخِرَ مَا يَقَعُ وِتْرًا فَشَمَلَ الْإِيتَارَ بِرَكْعَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ أَوْرَدَهَا عَلَيْهِ (فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) ؛ لِأَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَعَلَ ذَلِكَ لَمَّا جَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَيْهِ فِي التَّرَاوِيحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَقِيلَ) يُسَنُّ فِي أَخِيرَةِ الْوِتْرِ (كُلِّ السُّنَّةِ) وَاخْتِيرَ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ أَيْ قُنُوتِهِ اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت» إلَى آخِرِ مَا مَرَّ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَطْوِيلَهُ لَا يُبْطِلُ وَمَرَّ ثَمَّ مَا يُوَافِقُهُ وَبِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيُثْنِي رِجْلَيْهِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا وَأَنْكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ وَقَالَ فِي الْعُبَابِ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَعْدَ وِتْرِهِ «وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ جَالِسًا» لِبَيَانِ الْجَوَازِ مُغْنِي عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ تَهَجُّدٌ وَلَا غَيْرُهُ إلَخْ هَذَا لَا يُفِيدُ نَدْبَ تَرْكِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُبَابِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ، وَالتَّحْقِيقِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ وَيُنْدَبُ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ بَعْدَ وِتْرِهِ «وَصَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُ جَالِسًا» لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَقَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ نَدْبِ عَدَمِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ الْمُسَافِرُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ الْأَمْرَ بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ لِمُسَافِرٍ خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ لِلتَّهَجُّدِ وَلَوْ بَدَا لَهُ تَهَجُّدٌ بَعْدَ الْوِتْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ قَلِيلًا نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ فِعْلَ الْوِتْرِ لَا يَمْنَعُ التَّهَجُّدَ لَكِنْ إنْ أَرَادَهُ فِي الْحَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ قَلِيلًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ) أَيْ الْوِتْرِ (عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ التَّهَجُّدِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ) أَيْ حَالًا (صَلَاةً) أَيْ تَهَجُّدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: أَخَّرَهَا قَلِيلًا) لَعَلَّ حِكْمَتَهُ الْمُحَافَظَةُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ عَلَى جَعْلِ الْوِتْرِ آخَرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ صُورَةً، فَإِنَّهُ لَمَّا فَصَلَ بَيْنَ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَمَا بَعْدَهَا كَانَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ لِفَصْلِهِ وَبِتَقْدِيرِ أَنَّهُ مِنْهَا يَنْزِلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْوِتْرِ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يَقْتَضِي التَّهَجُّدَ بَعْدَهُ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ يُصَلِّي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمِنْهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى أَمَّا (قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ وِتْرُهُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ يَتَهَجَّدُ مَا شَاءَ مُغْنِي زَادَ الْجَمَلُ عَلَى النِّهَايَةِ ثُمَّ يُعِيدُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ أَمَّا لَوْ صَيَّرَهُ شَفْعًا ثُمَّ أَوْتَرَ بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّلِ تَهَجُّدٍ فَلَا يَجُوزُ جَزْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ: جَمْعٌ إلَخْ) مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مُغْنِي (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ نَقْضِ الْوِتْرِ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي النِّصْفِ الثَّانِي إلَخْ) لَوْ فَاتَ وِتْرُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ فَقَضَاهُ نَهَارًا أَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْنُتَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ سم (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ ع ش (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْقُنُوتُ فِي غَيْرِ النِّصْفِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ثَمَّ مَا يُوَافِقُهُ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ فِي شَرْحِ: وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ إلَخْ أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ كَالْجِنَازَةِ فَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَنُّ فِيهَا ثُمَّ إنْ قَنَتَ فِيهَا لِنَازِلَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ جَمْعٍ يَحْرُمُ وَيَبْطُلُ فِي النَّازِلَةِ ضَعِيفٌ وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَبْطُلُ إنْ طَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا لِغَيْرِ النَّازِلَةِ لِمُقْتَضَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلِهِ وَقَصِيرِهِ وَفِي الْأُمِّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الرِّيمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ إذَا طَالَ الْقُنُوتُ فِي النَّافِلَةِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا انْتَهَتْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا» فَفَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاَلَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَ بِهِ جَعْلُ آخِرِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَيْ نَدْبِ عَدَمِ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْوِتْرِ الْمُسَافِرُ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ الْأَمْرَ بِالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ لِمُسَافِرٍ خَافَ أَنْ لَا يَسْتَيْقِظَ لِلتَّهَجُّدِ ثُمَّ رَوَى عَنْ ثَوْبَانَ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ فَقَالَ: إنَّ هَذَا السَّفَرَ جَهْدٌ وَثِقَلٌ، فَإِذَا أَوْتَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ وَإِلَّا كَانَتَا لَهُ» وَلَوْ بَدَا لَهُ تَهَجُّدٌ بَعْدَ الْوِتْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ قَلِيلًا نَصَّ عَلَيْهِ. اهـ. وَفِي هَذَا الْكَلَامِ إشْعَارٌ بِأَنَّ فِعْلَ الْوِتْرِ لَا يَمْنَعُ التَّهَجُّدَ لَكِنْ إنْ أَرَادَهُ فِي الْحَالِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ قَلِيلًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ) لَوْ فَاتَ وِتْرُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ فَقَضَاهُ نَهَارًا أَوْ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْنُتَ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ ثُمَّ مَا يُوَافِقُهُ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ بَعْدَ شَرْحِ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَيُنْدَبُ الْقُنُوتُ فِي سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ لِلنَّازِلَةِ لَا مُطْلَقًا عَلَى الْمَشْهُورِ أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ كَالْجِنَازَةِ فَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ، وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَنُّ فِيهَا ثُمَّ إنْ قَنَتَ فِيهَا لِنَازِلَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ جَمْعٍ يَحْرُمُ وَيَبْطُلُ فِي النَّازِلَةِ ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَبْطُلُ إنْ طَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا لِغَيْرِ النَّازِلَةِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلَةٍ وَقَصِيرَةٍ وَفِي الْأُمِّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الرِّيمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَطَالَ الْقُنُوتَ فِي النَّافِلَةِ بَطَلَتْ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>