يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِنَا هُنَا وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُطِلْ بِهِ الِاعْتِدَالَ أَوْ كَانَ سَهْوًا نَعَمْ فِي الْأَنْوَارِ مَا قَدْ يُوَافِقُهُ (وَهُوَ كَقُنُوتِ الصُّبْحِ) فِي لَفْظِهِ وَمَحَلِّهِ، وَالْجَهْرِ بِهِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ ثَمَّ (وَيَقُولُ) نَدْبًا (قَبْلَهُ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُكَ إلَى آخِرِهِ) وَهُوَ مَشْهُورٌ قِيلَ وَيَزِيدُ فِيهِ آخِرَ الْبَقَرَةِ وَرَدُّوهُ بِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ (قُلْت الْأَصَحُّ) أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ (بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْوِتْرِ، وَالْآخَرُ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا اخْتَرَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَتَبِعُوهُ فَكَانَ تَقْدِيمُهُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إمَامُ الْمَحْصُورِينَ بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ وَإِلَّا اقْتَصَرَ عَلَى قُنُوتِ الصُّبْحِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْجَمَاعَةَ تُنْدَبُ فِي الْوِتْرِ) إذَا فُعِلَ فِي رَمَضَانَ سَوَاءٌ أَفُعِلَ عَقِبَ التَّرَاوِيحِ أَمْ بَعْدَهَا أَمْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهَا وَسَوَاءٌ أَفُعِلَتْ التَّرَاوِيحُ (جَمَاعَةً) أَمْ لَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِنَقْلِ الْخَلَفِ ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ نَعَمْ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ لَا يُوتِرُ مَعَهُمْ بَلْ يُؤَخِّرُ وِتْرَهُ لِمَا بَعْدَ تَهَجُّدِهِ أَمَّا وِتْرُ غَيْرِ رَمَضَانَ فَلَا يُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةً كَغَيْرِهِ.
(وَمِنْهُ) أَيْ مَا لَا يُسَنُّ لَهُ جَمَاعَةً (الضُّحَى) لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْكَثِيرَةِ فِيهَا وَمَنْ نَفَاهَا إنَّمَا أَرَادَ بِحَسَبِ عِلْمِهِ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْصَاهُ بِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَدَعُهُمَا» وَأَدْنَى كَمَالِهَا أَرْبَعٌ لِمَا صَحَّ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا وَيَزِيدُ مَا شَاءَ فَسِتٌّ فَثَمَانٍ» قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسَنُّ فِيهَا قِرَاءَةُ {وَالشَّمْسِ} [الشمس: ١] ، و {وَالضُّحَى} [الضحى: ١] لِحَدِيثٍ فِيهِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ. وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ يَقْرَؤُهُمَا فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ رَكَعَاتِهَا أَوْ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ فَقَطْ وَعَلَيْهِ فَمَا عَدَاهُمَا يَقْرَأُ فِيهِ الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ كَمَا عُلِمَ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ تَطْوِيلَهُ لَا يُبْطِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِنَا إلَخْ) اعْتَمَدَ م ر قَوْلَ الشَّيْخِ سم وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَنَتَ فِيهِ فِي غَيْرِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُطِلْ بِهِ الِاعْتِدَالَ كُرِهَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ طَالَ بِهِ وَهُوَ عَامِدٌ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لَوْ قَنَتَ فِيهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ لَوْ قَنَتَ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، فَإِنْ طَالَ بِهِ الِاعْتِدَالُ وَلَوْ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ حَيْثُ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا وَإِلَّا فَلَا وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ م ر وَأَفْتَى حَجّ بِأَنَّ تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ تَطْوِيلُهُ بِقُنُوتِ النَّازِلَةِ وَعَلَيْهِ فَلَا سُجُودَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ مَحِلَّهُ) أَيْ عَدَمِ الْإِبْطَالِ (قَوْلُهُ: قَدْ يُوَافِقُهُ) أَيْ قَوْلَ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي لَفْظِهِ) إلَى قَوْلِهِ لِنَقْلِ الْخَلَفِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَغَيْرَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ كَاقْتِضَاءِ السُّجُودِ بِتَرْكِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: آخِرَ الْبَقَرَةِ) أَيْ {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا} [البقرة: ٢٨٦] إلَى آخِرِ السُّورَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: يَقُولُ ذَلِكَ) أَيْ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قُنُوتِ الصُّبْحِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ) أَيْ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهُ) أَيْ قُنُوتِ الصُّبْحِ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ) أَيْ فِي دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهَا) هَلَّا قَالَ أَمْ قَبْلَهَا سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ أَمْ بَعْدَهَا لَعَلَّ الْأَصْوَبَ قَبْلَهَا قَوْلُهُ وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي قَضَاءِ وِتْرِ رَمَضَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ هَلْ تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَالْقُنُوتُ الظَّاهِرُ نَعَمْ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْ أَمْ قَبْلَهَا قَوْلُهُ نَعَمْ مَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ إلَخْ أَيْ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، فَإِنْ أَوْتَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مَا لَا يُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَمَّا صَحَّ إلَى فَسِتٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَاهَا إلَخْ) إنْ أَرَادَ بِالنَّافِي عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا أَرَادَ بِحَسَبِ رُؤْيَتِهِ بَدَلَ عِلْمِهِ؛ «لِأَنَّ عَائِشَةَ إنَّمَا قَالَتْ مَا رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهَا» رَشِيدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (الضُّحَى) وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ وَقَعَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهَا غَيْرُهَا وَعَلَى مَا فِيهِ يُنْدَبُ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ نِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُ ذَلِكَ الْإِفْتَاءِ عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ م ر وَهِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ عِبَارَةُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. فَرْعٌ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ صَلَاةَ الْإِشْرَاقِ غَيْرُ صَلَاةِ الضُّحَى م ر وَفِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَهَلْ هِيَ صَلَاةُ الْإِشْرَاقِ أَوْ غَيْرُهَا الَّذِي فِي شَرْحِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهَا هِيَ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ إنَّهَا غَيْرُهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ الرَّمْلِيِّ أَيْضًا فِي غَيْرِ الشَّرْحِ وَعَلَيْهِ فَصَلَاةُ الْإِشْرَاقِ رَكْعَتَانِ يُحْرِمُ بِهِمَا بِنِيَّةِ سُنَّةِ إشْرَاقِ الشَّمْسِ وَيَتَأَكَّدُ عَلَى الشَّخْصِ قَضَاؤُهَا إذَا فَاتَتْ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ وَهُوَ وَقْتُ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا تُكْرَهُ حِينَئِذٍ كَمَا عَلِمْت أَنَّهَا ذَاتُ وَقْتٍ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ وَقْتُ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّرْحِ خِلَافُهُ وَعَنْ شَرْحِ الشَّمَائِلِ لِلشَّارِحِ وِفَاقُهُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ نَفَاهَا إلَخْ) أَيْ كَابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حُمِلَ عَلَى م ر قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ) دُعَاءُ صَلَاةِ الضُّحَى اللَّهُمَّ إنَّ الضَّحَاءَ ضَحَاؤُكَ، وَالْبَهَاءَ بَهَاؤُكَ، وَالْجَمَالَ جَمَالُك، وَالْقُوَّةَ قُوَّتُك، وَالْقُدْرَةَ قُدْرَتُك، وَالْعِصْمَةَ عِصْمَتُك اللَّهُمَّ إنْ كَانَ رِزْقِي فِي السَّمَاءِ فَأَنْزِلْهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ فَأَخْرِجْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعَسَّرًا فَيَسِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَطَهِّرْهُ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَقَرِّبْهُ بِحَقِّ ضَحَائِك وَبِهَائِك وَجَمَالِك وَقُوَّتِك وَقُدْرَتِك آتِنِي مَا آتَيْت عِبَادَك الصَّالِحِينَ. وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى تَقْطَعُ الذُّرِّيَّةَ لَا أَصْلَ لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ نَزْغَةٌ أَلْقَاهَا الشَّيْطَانُ فِي أَذْهَانِ الْعَوَامّ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى تَرْكِهَا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ وَبِأَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسِتٌّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَرْبَعٌ وَكَانَ الْأَوْلَى الْعَطْفُ بِثُمَّ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يُرَدُّ قَوْلُ شَيْخِنَا) اعْتَمَدَ م ر قَوْلَ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَنَسْتَغْفِرُك إلَخْ) سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ قَوْلِهِ فِيهِ وَنَحْفِدُ هَلْ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ أَوْ بِالْمُعْجَمَةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ هُوَ بِالْمُهْمَلَةِ وَأَلَّفْت فِي ذَلِكَ كِتَابًا إلَخْ اهـ
(قَوْلُهُ: أَمْ بَعْدَهَا) هَلَّا قَالَ أَمْ قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُسَنُّ فِيهِمَا قِرَاءَةُ (الشَّمْسِ وَالضُّحَى) إِلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعَارِفِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ يَقْرَأُ فِيهِمَا أَيْ رَكْعَتَيْ الضُّحَى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] ، وَالْكَافِرُونَ لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ وَفِي آخَرَ مِثْلَهُ فِي الْأُولَى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ الضُّحَى وَفِيهِ مُنَاسَبَةٌ فَهُمَا سُنَّتَانِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِفَضْلِ السُّورَتَيْنِ إذْ وَرَدَ.