للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ الْجَمَاعَةِ فِيهِ (لِغَيْبَتِهِ) عَنْهُ لِكَوْنِهِ إمَامَهُ أَوْ يَحْضُرُهُ النَّاسُ بِحُضُورِهِ فَقَلِيلُ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرِهِ بَلْ بَحَثَ شَارِحٌ أَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْمُتَعَطِّلِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ لِغَيْبَتِهِ أَفْضَلُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ، وَأَمَّا اعْتِمَادُ شَارِحٍ التَّقْيِيدَ بِالْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْجِوَارِ وَهُوَ مَدْعُوٌّ مِنْهُ فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ مِنْ الْبَعِيدِ أَيْضًا وَحَقُّ الْجِوَارِ يُعَارِضُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَعْظَمُ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ أَجْرًا أَبْعَدُهُمْ إلَيْهَا مَمْشًى» وَلَوْ تَعَارَضَ الْخُشُوعُ وَالْجَمَاعَةُ فَهِيَ أَوْلَى كَمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ حَيْثُ قَالُوا: إنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ السُّنَّةِ وَأَيْضًا فَالْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا فَرْضَ عَيْنٍ وَكَوْنِهَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ أَقْوَى مِنْهُ فِي شَرْطِيَّةِ الْخُشُوعِ وَإِفْتَاءُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ أَوْلَى مُطْلَقًا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَكَذَا إفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَمْعُ يَمْنَعُهُ الْخُشُوعَ فِي أَكْثَرِ صَلَاتِهِ فَالِانْفِرَادُ أَوْلَى عَلَى أَنَّهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِشَرْطِيَّتِهِ مَعَ شُذُوذِهِمْ إنَّمَا يَقُولُونَ بِهَا فِي جُزْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ لَا فِي كُلِّهَا، فَإِنْ قُلْت تَقْدِيمُهَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِهِ فِي ذِي جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ.

قُلْت لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَنْ يُتَوَهَّمُ فَوَاتُهُ بِهَا مِنْ حَيْثُ إيثَارُهُ الْعُزْلَةَ فَأُمِرَ بِهَا قَهْرًا لِنَفْسِهِ الْمُتَخَيِّلَةِ مَا قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِاسْتِيلَاءِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ السَّابِقُ «إنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ» ، وَأَمَّا ذَاكَ فَمَانِعُهُ ظَاهِرٌ فَقُدِّمَ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ عُذْرًا كَمُدَافَعَةِ الْحَدَثِ ثُمَّ رَأَيْت لِلْغَزَالِيِّ إفْتَاءً آخَرَ يُصَرِّحُ بِمَا ذَكَرْته مُتَأَخِّرًا عَنْ ذَلِكَ الْإِفْتَاءِ فِيمَنْ لَازَمَ الرِّيَاضَةَ فِي الْخَلْوَةِ حَتَّى صَارَتْ طَاعَتُهُ تَتَفَرَّقُ عَلَيْهِ بِالِاجْتِمَاعِ بِأَنَّهُ رَجُلٌ مَغْرُورٌ إذْ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِي الْجَمَاعَةِ مِنْ الْفَوَائِدِ أَعْظَمُ مِنْ خُشُوعِهِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.

(وَإِدْرَاكُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ) مَعَ الْإِمَامِ (فَضِيلَةٌ) مَأْمُورٌ بِهَا لِكَوْنِهَا صَفْوَةَ الصَّلَاةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ وَلِأَنَّ مُلَازِمَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُكْتَبُ لَهُ بِهَا بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ كَمَا فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ (وَإِنَّمَا تَحْصُلُ) بِحُضُورِ تَكْبِيرَةِ الْإِمَامِ وَ (بِالِاشْتِغَالِ بِالتَّحَرُّمِ عَقِبَ تَحَرُّمِ إمَامِهِ) ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا أَوْ تَرَاخَى فَاتَتْهُ نَعَمْ يُغْتَفَرُ لَهُ وَسْوَسَةٌ خَفِيفَةٌ وَاسْتُشْكِلَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِهِمْ الْوَسْوَسَةَ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْإِمَامِ بِتَمَامِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ وَيُرَدُّ بِأَنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَكُونُ إلَّا ظَاهِرَةً فَلَا تَنَافِي وَفُرِّقَ بِأَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ فِيهَا نَظَرٌ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ (بِإِدْرَاكِ بَعْضِ الْقِيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحَرُّمِ (وَقِيلَ) تَحْصُلُ بِإِدْرَاكِ (أَوَّلِ رُكُوعٍ) أَيْ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْهُ، وَالْخَطِيبُ كَالْمُدَرِّسِ وَمِثْلُهُ الطَّلَبَةُ أَيْ الْمُقَرَّرِينَ فِي الْوَظَائِفِ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّمَ بِدُونِ مُعَلِّمٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَنْ الْجَمَاعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَطُّلٍ سم (قَوْلُهُ: التَّقْيِيدِ) أَيْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْجِوَارِ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَوَى مَسْجِدَا جَمَاعَةٍ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَنْ مَالِ بَانِيهِ وَوَاقِفِهِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُتَرَتِّبًا فَيَنْبَغِي كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنْ يَكُونَ ذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلَ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي سَائِرِ الْوُجُوهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَارَضَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا خَشَعَ أَيْ فِي جَمِيعِ صَلَاتِهِ وَلَوْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ لَمْ يَخْشَعْ فَالِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ، وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَقْوَى مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْخُشُوعَ وَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي أَكْثَرِ صَلَاتِهِ أَوْ كُلِّهَا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ إفْتَاءَ الْغَزَالِيِّ (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُهَا) أَيْ الْجَمَاعَةِ وَ (قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِهِ) أَيْ الْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: قُلْت لَا يُنَافِيهِ إلَخْ) وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ أَيْضًا بِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ لَيْسَ سَبَبًا مُعْتَادًا فِي مَنْعِ الْخُشُوعِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَنْعِ الْأَوَّلِ وَاعْتُدَّ بِمَنْعِ الثَّانِي سم (قَوْلُهُ فَأَمَرَ بِهَا) أَيْ بِالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: السَّابِقُ) أَيْ فِي شَرْحِ وَقِيلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلَخْ و (قَوْلُهُ: «وَإِنَّمَا يَأْكُلُ» إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ (قَوْلُهُ: فَمَانِعُهُ) أَيْ مَانِعُ الْخُشُوعِ (قَوْلُهُ: مُتَأَخِّرًا إلَخْ) حَالٌ مِنْ إفْتَاءٍ آخَرَ وَ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَازَمَ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقَانِ بِهِ أَيْ بِإِفْتَاءٍ آخَرَ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الْإِمَامِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالصَّحِيحُ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَفُرِّقَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: صَفْوَةَ الصَّلَاةِ) أَيْ خَالِصَهَا ع ش أَيْ لِتَوَقُّفِ انْعِقَادِهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَزَّارِ) رَاجِعٌ لِلتَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ، وَالضَّعِيفُ يُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ سم وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا) أَيْ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ع ش (قَوْلُهُ: بِحُضُورِهِ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِالِاشْتِغَالِ إلَخْ مَعَ التَّعْبِيرِ بِمَعَ بَدَلَ الْبَاءِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُغْتَفَرُ لَهُ وَسْوَسَةٌ إلَخْ) وَكَذَا يُغْتَفَرُ لَهُ اشْتِغَالُهُ بِدُعَاءِ الْإِقَامَةِ إذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْأَذَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَرَاخَى إلَخْ) أَيْ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَالطَّهَارَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: خَفِيَّةٌ) بِأَنْ لَا تَكُونَ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ رُكْنَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَيْخُنَا عِبَارَةُ ع ش وَهِيَ الَّتِي لَا يُؤَدِّي الِاشْتِغَالُ بِهَا إلَى فَوَاتِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ إلَخْ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا لَا يَطُولُ بِهَا زَمَانٌ عُرْفًا حَتَّى لَوْ أَدَّتْ وَسْوَسَتُهُ إلَى فَوَاتِ الْقِيَامِ أَوْ مُعْظَمِهِ فَاتَتْ فَضِيلَةُ التَّحَرُّمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَتْ بِقَدْرِ رُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالرُّكُوعِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ أَوَّلَ رُكُوعٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ (قَوْلُهُ: -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ ضَعِيفٌ وَيُوَجَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ الْجَمَاعَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعَطُّلِ (قَوْلُهُ بَلْ بَحَثَ شَارِحٌ إلَخْ) هَذَا الْبَحْثُ يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْعُبَابِ فِي الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اعْتِمَادُ شَارِحٍ التَّقْيِيدَ بِالْقَرِيبِ إلَخْ) وَلَوْ اسْتَوَى مَسْجِدَا جَمَاعَةٍ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مَسَافَةً لِحُرْمَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ مَا انْتَفَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ عَنْ مَالِ بَانِيهِ أَوْ وَاقِفِهِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ نَعَمْ إنْ سَمِعَ النِّدَاءَ مُرَتَّبًا فَذَهَابُهُ إلَى الْأَوَّلِ أَفْضَلُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ مُؤَذِّنَهُ دَعَاهُ أَوَّلًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت تَقْدِيمُهَا يُنَافِي مَا يَأْتِي إلَخْ) يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاجْتِمَاعَ لَيْسَ سَبَبًا مُعْتَادًا فِي مَنْعِ الْخُشُوعِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ فَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَنْعِ الْأَوَّلِ وَاعْتُدَّ بِمَنْعِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ) ، وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوَّلِ رُكُوعٍ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>