أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَالْأَقَلُّ جَمَاعَةً بَلْ الِانْفِرَادُ أَفْضَلُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ أَوْ الشُّرُوطِ، وَإِنْ أَتَى بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهَا النَّفْلِيَّةَ وَهُوَ مُبْطِلٌ عِنْدَنَا، وَمِنْ ثَمَّ أَبْطَلَ الِاقْتِدَاءَ بِهِ مُطْلَقًا بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُ رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ الْجَمَاعَةِ وَاكْتِفَاءً بِوُجُودِ صُورَتِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ اقْتِدَاءٌ بِمُخَالِفٍ وَتَعَطَّلَتْ الْجَمَاعَاتُ، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ إلَّا خَلْفَ مَنْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ وَلَا نَظَرَ لِإِدَامَةِ تَعَطُّلِهَا لِسُقُوطِ فَرْضِهَا حِينَئِذٍ.
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ ضَعْفُ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ هَؤُلَاءِ وَمِنْهُمْ الْمُخَالِفُ أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ، فَإِنْ قُلْت مَا وَجْهُ الْكَرَاهَةِ الَّتِي ذَكَرْتهَا فِي الْمُخَالِفِ قُلْت مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْوَقْفِ أَنَّ كُلَّ مَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْإِبْطَالِ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ مِنْ تِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ (أَوْ) كَوْنِ الْقَلِيلَةِ بِمَسْجِدٍ مُتَيَقَّنٍ حِلُّ أَرْضِهِ وَمَالِ بَانِيهِ أَوْ إمَامُهُ يُبَادِرُ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ حَتَّى يُدْرِكَ بَطِيءُ الْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةَ، وَالْكَثِيرَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَوْ (تَعَطُّلُ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ) أَوْ بَعِيدٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
بِدْعَةِ إمَامِهِ سم أَيْ فِسْقِهِ بِغَيْرِ الْبِدْعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا إلَخْ) كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ صَرِيحٌ فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ كَالْحَنَفِيِّ سم (قَوْلُهُ بَلْ الِانْفِرَادُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ أَيْضًا وَكَذَا جَزَمَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ إلَخْ سم (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ إلَخْ) كَحَنَفِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى بِهَا إلَخْ) يُوهِمُ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالتَّعْبِيرُ بِالْغَايَةِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالِاقْتِدَاءُ بِهِ) أَيْ بِمَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) رَاعَى الْخِلَافَ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ قُلْنَا بِبُطْلَانِ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: لِسُقُوطِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِلَا نَظَرٍ وَعِلَّةٌ لِعَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) وَافَقَ السُّبْكِيَّ م ر ثُمَّ صَنِيعُ الشَّارِحِ يُشْعِرُ بِفَرْضِ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ فِي حَالَةِ تَعَذُّرِهَا إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ سم (قَوْلُهُ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ إلَخْ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ وَأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِهِ وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ لَعَلَّهُ الْأَقْرَبُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ.
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُغْنِي اعْتِمَادُهُ أَيْضًا قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر حُصُولُ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ هَؤُلَاءِ إلَخْ وَفِي حُصُولِهَا مَعَ كَرَاهَةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ الْمُصَرَّحِ بِهَا فِيمَا مَرَّ حَتَّى فِيمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَهُمْ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ سِيَّمَا وَالْكَرَاهَةُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ تُفَوِّتُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّتَهَا مِنْ الِانْفِرَادِ يَقْتَضِي طَلَبَهَا إذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ بَحَثْت فِيهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا بَيْنَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ سم وَيَأْتِي فِي الْإِعَادَةِ عَنْهُ عَنْ م ر خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ فَوَافَقَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَيْ مُخَالِفًا لِمَا مَرَّ عَنْ نِهَايَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَتْ الْجَمَاعَةُ إلَّا خَلْفَ مَنْ يَكْرَهُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَمْ تَنْتَفِ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ يُفِيدُهُ انْتِفَاءُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ سم أَيْ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَالطَّبَلَاوِيِّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَوْنُ الْقَلِيلَةِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا أَطْبَقُوا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ بَحَثَ إلَى وَلَوْ تَعَارَضَ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ الْفَضِيلَةِ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ إمَامُهُ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ مُتَيَقَّنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ يُطِيلُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي أَوْ إمَامُ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ سَرِيعُ الْقِرَاءَةِ وَالْمَأْمُومُ بَطِيئُهَا لَا يُدْرِكُ مَعَهُ الْفَاتِحَةَ وَيُدْرِكُهَا مَعَ إمَامِ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ. اهـ.
ع ش وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ إمَامُ الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَفْضَلَ مِنْ إمَامِ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ بِفِقْهٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَعَطُّلُ مَسْجِدٍ إلَخْ) (فَرْعٌ) إذَا كَانَ عَلَيْهِ الْإِمَامَةُ فِي مَسْجِدٍ فَلَمْ يَحْضُرْ مَعَهُ أَحَدٌ يُصَلِّي مَعَهُ وَجَبَتْ أَيْ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ الصَّلَاةُ فِيهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ شَيْئَيْنِ الصَّلَاةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، وَالْإِمَامَةُ فِيهِ، فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ بِخِلَافِ مَنْ عَلَيْهِ التَّدْرِيسُ إذَا لَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ لَا يَجِبُ أَنْ يُدَرِّسَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّعْلِيمُ وَلَا يُتَصَوَّرُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ بِخِلَافِ الْإِمَامِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَمْرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ. ع ش
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ صَرِيحٌ فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ كَالْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: بَلْ الِانْفِرَادُ أَفْضَلُ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ أَيْضًا وَكَذَا جَزَمَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَا يَعْتَقِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ يُعْلَمُ ضَعْفُ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ) وَافَقَ السُّبْكِيُّ م ر ثُمَّ صَنِيعُ الشَّارِحِ يُشْعِرُ بِفَرْضِ اخْتِيَارِ السُّبْكِيّ حَالَةَ تَعَذُّرِهَا إلَّا خَلْفَ هَؤُلَاءِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ) بِذَلِكَ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ أَفْضَلِيَّتَهَا مِنْ الِانْفِرَادِ يَقْتَضِي طَلَبَهَا إذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا أَنَّهَا أَكْثَرُ ثَوَابًا وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ بَحَثْت مَعَ م ر فَوَافَقَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي أَفْضَلِيَّتِهَا بَيْنَ وُجُودِ غَيْرِهَا وَعَدَمِهِ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِعَادَةَ مَعَ هَؤُلَاءِ أَفْضَلُ مِنْ عَدَمِهَا بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: قُلْت مَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ يُفِيدُ انْتِفَاءَ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْمُخَالِفِ (قَوْلُهُ: يُبَادِرُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا الْآنَ خَلْفَ إمَامِ الطَّيْبَرِسِيَّةِ فِي نَحْوِ الصُّبْحِ أَفْضَلُ مِنْهَا خَلْفَ إمَامِ الْأَزْهَرِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَوْ تَعَطُّلِ مَسْجِدٍ قَرِيبٍ لِغِيبَتِهِ) قَالَ فِي الْعُبَابِ بَلْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ. اهـ. وَبَيَّنَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ نَقْلَ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute