وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَلَّمَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ رَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا فَسَأَلَهُمَا فَقَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةً» وَصَلَّيْتُمَا يَصْدُقُ بِالِانْفِرَادِ، وَالْجَمَاعَةِ وَخَبَرُ «مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ ثُمَّ أَدْرَكَ جَمَاعَةً فَلْيُصَلِّ إلَّا الْفَجْرَ، وَالْعَصْرَ» أُعِلَّ بِالْوَقْفِ وَرُدَّ بِأَنَّ ثِقَةً وَصَلَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَرِّحَ بِالْجَوَازِ فِي الْوَقْتَيْنِ أَصَحُّ مِنْهُ وَهُوَ الْخَبَرُ الْأَوَّلُ، وَالْخَبَرُ الْآخَرُ وَهُوَ «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ فَصَلَّى مَعَهُ رَجُلٌ أَيْ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -» كَمَا فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ فِيهِ نَدْبُ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مَعَ الدَّاخِلِ وَنَدْبُ شَفَاعَةِ مَنْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ مَعَهُ إلَى مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ لَا تُكْرَهُ فِيهِ جَمَاعَةٌ بَعْدَ جَمَاعَةٍ
كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجَمَاعَةُ الثَّانِيَةُ هُنَا بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إمَامٌ وَمَأْمُومٌ وَجَوَّزَ شَارِحٌ الْإِعَادَةَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَقَالَ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ، وَإِنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمَرَّةِ لَمْ يَعْتَمِدْهُ سِوَى الْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ. اهـ. وَيَرُدُّهُ مَا مَرَّ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَقَالَ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهَا أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ وَاعْتَمَدَهُ آخَرُونَ غَيْرُ ذَيْنِك فَبَطَلَ مَا ذَكَرَهُ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ بِحَيْثُ إنَّهَا إنَّمَا تُسَنُّ إذَا حَضَرَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي الْأُولَى وَإِلَّا لَزِمَ اسْتِغْرَاقُ الْوَقْتِ وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّهُ لَا اسْتِغْرَاقَ إذْ لَا تُنْدَبُ الْإِعَادَةُ إلَّا مَرَّةً وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ كَالْإِعَادَةِ مُنْفَرِدًا أَيْ إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الْقَاضِي صَرِيحًا فِيهِ وَهُوَ لَوْ ذَكَرَ فِي مُؤَدَّاهُ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً أَتَمَّ ثُمَّ صَلَّى الْفَائِتَةَ ثُمَّ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.
وَكَأَنَّ شَيْخَنَا اعْتَمَدَ هَذَا الْبَحْثَ حَيْثُ قَالَ فِيمَنْ صَلَّيَا فَرِيضَةً مُنْفَرِدَيْنِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِأَحَدِهِمَا الِاقْتِدَاءُ بِالْآخَرِ فِي إعَادَتِهَا فَلَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ شَمَلَهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِمْ إنَّمَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ
ــ
[حاشية الشرواني]
(قَوْلُهُ: وَالْخَبَرُ الْآخَرُ) عَطْفٌ عَلَى الْخَبَرِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَدْبُ صَلَاةِ إلَخْ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ أَيْ فِي الْخَبَرِ الْآخَرِ دَلَالَةٌ عَلَى نَدْبِ مَا ذُكِرَ وَكَانَ الْأَوْلَى وَفِيهِ إلَخْ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: مَعَ الدَّاخِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَلَاةِ سم (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يُرِدْ الصَّلَاةَ إلَخْ) قَيَّدَهُ غَيْرُهُ بِقَوْلِهِ لِعُذْرٍ وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ أَقْعَدُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ الدَّاخِلِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَسْجِدَ الْمَطْرُوقَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نَدْبُ صَلَاةِ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ، وَأَنَّ أَقَلَّ الْجَمَاعَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْإِمَامِ) وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ ع ش (قَوْلُهُ: وَيَرُدُّهُ إلَخْ) جَرَى عَلَى هَذَا الرَّدِّ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ) أَيْ التَّقْيِيدُ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: ذَيْنِك) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ) أَيْ الشَّارِحِ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَ شَيْخُنَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا شَاهِدُهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بَحَثَ أَنَّهَا إلَخْ) أَيْ بَحَثَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهَا إلَخْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَفِي الْكُرْدِيِّ أَنَّ هَذَا الْبَحْثَ مُعْتَمَدٌ فِي الْكُسُوفِ خَاصَّةً. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) أَيْ فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى جَمَاعَةً أَوْ انْفِرَادًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَى مَرَّةٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ وَقَعَ خِلَافٌ فِي صِحَّةِ الْأُولَى) أَقُولُ إطْلَاقُهُمْ الْخِلَافَ صَادِقٌ بِالْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ الْمَذْهَبِيِّ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ فَلْيُحَرَّرْ بَصْرِيٌّ وَقَالَ ع ش وَيَنْبَغِي وِفَاقًا ل م ر أَنَّهُ يُشْتَرَطُ قُوَّةُ مُدْرِكِ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَهَلْ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ مَسَحَ الشَّافِعِيُّ بَعْضَ رَأْسِهِ وَصَلَّى يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ بِمَسْحِ جَمِيعِ الرَّأْسِ، وَالْإِعَادَةُ مُرَاعَاةً لِخِلَافِ مَالِكٍ يُتَّجَهُ نَعَمْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَلْ مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الْحَمَّامِ لِقَوْلِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا يَبْعُدُ نَعَمْ إنْ قَوِيَ دَلِيلُهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُنْظَرْ دَلِيلُهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهَلْ مِمَّا قَوِيَ مُدْرِكُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ مِنْ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُخَالِفِ لَا فَضِيلَةَ فِيهَا أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ وَسُئِلْت عَمَّا لَوْ أَحْرَمَ خَلْفَ الْإِمَامِ بَعِيدًا عَنْ الصَّفِّ فَهَلْ تُسَنُّ لَهُ الْإِعَادَةُ مُنْفَرِدًا لِكَرَاهَةِ فِعْلِ ذَلِكَ فَأَجَبْت عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ تُطْلَبُ إعَادَتُهَا وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي الْحَمَّامِ إنَّمَا هُوَ لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِبُطْلَانِهَا لَا لِمُجَرَّدِ كَوْنِهَا مَكْرُوهَةً انْتَهَى وَقَوْلُهُ، وَالْأَقْرَبُ إلَخْ أَقُولُ قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ إلَّا لِبِدْعَةِ إمَامِهِ مِنْ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا أَبْطَلَ الِاقْتِدَاءَ بِالْمُخَالِفِ أَنَّهُ تُسَنُّ الْإِعَادَةُ لِقُوَّةِ مُدْرِكِهِ كَمَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ لَوْ ذَكَرَ فِي مُؤَدَّاةٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تُسَنُّ الْإِعَادَةُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَاضِرَةِ عَالِمًا بِأَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ بَلْ اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ فِي هَذِهِ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ لِتَقْصِيرِهِ بِتَقْدِيمِ الْحَاضِرَةِ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ الْخِلَافِ) أَيْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَ الْحَاضِرَةَ الْمُقَدَّمَةَ عَلَى الْفَائِتَةِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ شَيْخُنَا) أَيْ فِي غَيْرِ شَرْحِ مَنْهَجِهِ ع ش (قَوْلُهُ: هَذَا الْبَحْثَ) أَيْ بَحْثَ الْإِسْنَوِيِّ أَنَّهَا إنَّمَا تُسَنُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّيَا إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّهُمَا صَلَّيَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِيَكُونَ كُلٌّ حَاضِرًا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
يَكْفِي أَقَلُّ مِنْ رَكْعَةٍ، وَإِنْ شَرَعَ فِيهَا فِي وَقْتٍ يَسَعُ جَمِيعَهَا وَمَدَّ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ جَازَ الْمَدُّ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَهُ إلَّا أَنَّهُ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ أَدَاءً وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ رَكْعَةٍ مَعَهُ فِي الْوَقْتِ م ر وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِعَادَةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَفِي غَيْرِهِ ش م ر.
(قَوْلُهُ: مَعَ الدَّاخِلِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَلَاةٍ ش (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ) جَرَى عَلَى الدَّفْعِ م ر -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute