فَكَمَا ذُكِرَ (تَنْبِيهٌ) يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ مِنْ لُزُومِ الْإِعَادَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فِعْلُ الْعِشَاءِ وَعَلَى الْإِمَامِ فِعْلُ الْمَغْرِبِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ تَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ فِي كُلٍّ، فَإِنْ قُلْت إنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالْفِعْلِ لَهُمَا لَا قَبْلَهُمَا قُلْت مَمْنُوعٌ بَلْ الْمُعَيَّنُ هُوَ فِعْلُ مَا قَبْلَهُمَا لَا غَيْرُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ.
(وَ) شَمِلَ قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لِدَلِيلٍ نَشَأَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْفُرُوعِ فَعَلَيْهِ (لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ) مَثَلًا أَتَى بِمُبْطِلٍ فِي اعْتِقَادِنَا أَوْ اعْتِقَادِهِ كَأَنْ (مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا) فِيهِمَا (بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ اعْتِقَادِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهُ بِالْمَسِّ دُونَ الْفَصْدِ وَبَحَثَ جَمْعٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَسِيَهُ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ لِلصَّلَاةِ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِلْبُطْلَانِ وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ بَيْنَهُمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَكَمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْأَوَانِي لَكِنَّ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَالْإِنْكَارِ، وَإِلَّا فَصَاحِبُ الْحَدَثِ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ فَصَلَوَاتُهُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَا اقْتَدَى فِيهِ وَمَا أَمَّ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم وَعِبَارَةُ ع ش لَكِنْ لَوْ تَعَدَّدَ الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ لَمْ يُعِدْ كُلٌّ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ وَاحِدٍ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَرْعٌ رَأَى إنْسَانًا تَوَضَّأَ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَنْ حَدَثٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ م ر الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ انْتَهَى أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى غَيْرِ إمَامِ الْعِشَاءِ (وَقَوْلُهُ: فِعْلُ الْعِشَاءِ) أَيْ مَعَ إمَامِهَا (وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى إمَامِ الْعِشَاءِ (وَقَوْلُهُ: فِعْلُ الْمَغْرِبِ) أَيْ مَعَ إمَامِهَا (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَعَيَّنُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ وَ (قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ لَهُمَا) أَيْ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ، وَ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُمَا) أَيْ لَا قَبْلَ فِعْلِهِمَا وَلَوْ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: لِدَلِيلٍ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدُهُ وَكَانَ الْأَخْصَرُ الْأَوْلَى الِاعْتِقَادَ النَّاشِئَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْفُرُوعِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ شَرَعَ فِي اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْفُرُوعِ فَقَالَ وَلَوْ اقْتَدَى إلَخْ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ جَمْعٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَأَيْضًا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ حَكَى الرَّدَّ الْآتِيَ بِقِيلِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ مَسَّ فَرْجَهُ) أَيْ أَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَوْ الْبَسْمَلَةَ أَوْ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ اعْتِقَادَ صِحَّتِهِ صَيَّرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ ع ش
قَوْلُ الْمَتْنِ (دُونَ الْمَسِّ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) ، وَالثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي بِهِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا حُكْمُنَا بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ عِنْدَ سُجُودِهِ لِصَلَاةٍ قَوْلُهُمْ: لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ وَجَازَ لَهُ أَيْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ نَوَاهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ فَصَلَّى أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي ع ش (قَوْلُهُ: دُونَ الْقَصْدِ) وَلَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِمَنْ يَرَى تَطْوِيلَ الِاعْتِدَالِ فَطَوَّلَهُ لَمْ يُوَافِقْهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا كَمَا يَنْتَظِرُهُ قَائِمًا إذَا سَجَدَ فِي سَجْدَةِ ص، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْقَفَّالِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُ فِي الِاعْتِدَالِ وَكَلَامُ شَيْخِنَا جَوَازُ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُغْنِي وَقَوْلُهُ بَلْ يَسْجُدُ وَيَنْتَظِرُهُ سَاجِدًا قَالَ ع ش ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ يَقْتَضِيه قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَاعْتَمَدَهُ م ر انْتَهَى سم عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَحَثَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وسم وَالْبَصْرِيُّ وَكَذَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَالطَّبَلَاوِيُّ كَمَا فِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ الصِّحَّةِ فِي الْفَصْدِ (قَوْلُهُ: إذَا نَسِيَهُ) أَيْ نَسِيَ الْإِمَامُ كَوْنَهُ مُفْتَصِدًا نِهَايَةٌ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاقْتِدَاءِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْإِعَادَةِ ضُويِقَ فِيهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَاكَ إذْ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الِاشْتِبَاهِ، وَالتَّحَيُّرِ فَسُومِحَ فِيهِ وَبِأَنَّهُ ثَمَّ تَوَجَّهَ إلَى كُلِّ جِهَةٍ بِالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِكُلِّ إمَامٍ بِالِاجْتِهَادِ (قَوْلُهُ: فَكَمَا ذُكِرَ) لَكِنَّ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَالْإِنْكَارِ وَإِلَّا فَصَاحِبُ الْحَدَثِ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ فَصَلَوَاتُهُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَا اقْتَدَى بِهِ وَمَا أَمَّ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ فِي مُدَّةِ قَصْرٍ ثُمَّ نَوَى الْحَنَفِيُّ الْإِقَامَةَ وَشَرَعَ فِي صَلَاةٍ مَقْصُورَةٍ جَازَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَقَدْ سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ مَا نَصُّهُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا عِنْدَ السَّلَامِ وَحِينَئِذٍ يُفَارِقُهُ الْمُقْتَدِي وَيَقُومُ، وَأَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَإِحْرَامُهُ بِالصَّلَاةِ صَحِيحٌ فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَا دَامَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً اهـ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَعْتَقِدُ عَدَمَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ
وَالْمُقِيمُ إذَا نَوَى الْقَصْرَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فَلَمْ يَنْتَفِ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحَنَفِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ لِاعْتِقَادِهِ الْجَوَازَ وَنِيَّةُ الْقَصْرِ جَهْلًا لَا تَضُرُّ وَهَذَا الْجَوَابُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ