للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَأْتِ مَا عَلَّلَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمَ صِحَّتِهَا خَلْفَ الْمُفْتَصِدِ مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ صَحِيحَةً فَلَمْ يَتَصَوَّرْ جَزْمَ الْمَأْمُومِ بِالنِّيَّةِ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ، فَإِنْ قُلْت فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا كَمَا تَقَرَّرَ قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ حَالَ النِّيَّةِ عَالِمٌ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ وَعِلْمُهُ بِهِ مُؤَثِّرٌ فِي جَزْمِهِ عِنْدَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِبَارَةُ سم بَعْدَ كَلَامٍ نَصُّهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدُ، فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا وَالْأَصَحُّ، وَإِنْ جَهِلَهُ صَحَّ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ اهـ وَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ عِلْمَهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَكَّ فِيهِ فَيَصِحُّ كَمَا يَأْتِي عَنْهُ آنِفًا

(قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبُطْلَانُ عَلَى هَذَا مَخْصُوصًا بِمَا إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ فَصْدَ الْإِمَامِ وَعَلِمَ عِلْمَهُ بِهِ حَالَ النِّيَّةِ، فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَدَثٌ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَبِنْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ سم (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فِي اعْتِقَادِهِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) أَيْ تَصْوِيرُ الْخِلَافِ بِكَوْنِ الْإِمَامِ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ) أَيْ النِّسْيَانُ وَ (قَوْلُهُ: فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ) خَبَرُ كَانَ وَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْتِ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ، وَالْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: عَدَمَ صِحَّتِهَا إلَخْ) مَفْعُولُ عَلَّلَ وَ (قَوْلُهُ: مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْإِمَامِ) بَيَانٌ لِمَا عَلَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِاسْتِلْزَامٍ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْأَوَّلَ مُتَعَلِّقٌ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا إلَخْ، وَالثَّانِيَ بَدَلٌ مِمَّا عَلَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْهُ صَحِيحَةً) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: عِنْدَ عِلْمِهِ) أَيْ الْإِمَامِ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّ عِلْمَهُ بِمُبْطِلٍ فِي اعْتِقَادِهِ يُوجِبُ قَطْعًا عَدَمَ جَزْمِهِ بِالْفِعْلِ فِي الْوَاقِعِ وَاعْتِقَادُنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ لِمَنْ قَامَ بِهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ لَا لِمَنْ قَامَ بِهِ نَقِيضُهُ فَنَحْنُ مَعَ اعْتِقَادِنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ نَعْلَمُ وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ جَزْمٌ بِالْفِعْلِ بَلْ حَصَلَ لَهُ بِالْفِعْلِ عَدَمُ الْجَزْمِ وَذَلِكَ مُضِرٌّ

وَأَمَّا إنَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الشَّافِعِيَّ الْمُقِيمَ لَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ مَعَ الْجَهْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبُطْلَانُ عَلَى هَذَا مَخْصُوصًا بِمَا إذَا عَلِمَ فَصْدَهُ وَعِلْمُهُ بِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ بِأَنَّ هَذَا حَدَثَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَبِنْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَظُهُورُ الْفَصْدِ غَالِبًا لَا يَزِيدُ عَلَى ظُهُورِ نَحْوِ الْمَسِّ وَاللَّمْسِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نَحْوَ الْفَصْدِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ وَيَقْصِدَ إظْهَارَهُ وَنَحْوَ الْمَسِّ وَاللَّمْسِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكْتُمَ أَمْرَهُ فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَلَامِ إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ فُصِدَ، فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) قَدْ يُرَدُّ أَيْضًا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ حَدَثٌ فَلْتَصِحَّ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا صَحَّ هُنَا مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُومِ أَيْضًا نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ حَدَثًا وَيُجَابُ بِأَنَّ صِحَّتَهَا خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ شَرْطُهَا جَهْلُ الْإِمَامِ، وَالْحُكْمُ فِي نَظَرِهِ هُنَا بِأَنْ عَلِمَ الْإِمَامُ فَصْدَ نَفْسِهِ وَجَهِلَهُ الْمَأْمُومُ هُوَ الصِّحَّةُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُومِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي صُورَةِ الْحَدَثِ، وَإِنْ جَهِلَ الْإِمَامُ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَيَصِحُّ فِي صُورَةِ الْفَصْدِ إنْ جَهِلَ الْإِمَامُ الْفَصْدَ لَا إنْ عَلِمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدَ، فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَصَحُّ إنْ جَهِلَهُ صَحَّ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَلَاعِبًا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ خَلْفَ الْعَالِمِ لِتَلَاعُبِهِ فَالْإِشْكَالُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بَلْ أَنْكَرَ الْأَكْثَرُونَ نِسْبَتَهُ لِلشَّافِعِيِّ

فَإِنْ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا عَالِمٌ بِتَلَاعُبِ الْإِمَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَدَثِ قُلْت الْعِبْرَةُ فِي الشُّرُوطِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْضًا فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مِمَّا يَقْطَعُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّ إحْدَاهُمَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْأُخْرَى بُطْلَانُ اقْتِدَاءِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ نَسِيَ هُوَ حَدَثَ نَفْسِهِ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَهُ بِخِلَافِ الْعَالِمِ بِافْتِصَادِ الْإِمَامِ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ التَّأْيِيدُ الْمَذْكُورُ وَمِمَّا يُوَضِّحُ انْدِفَاعَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ مُطْلَقًا إنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ جَهْلِ الْمَأْمُومِ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُفْتَصَدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ عِلْمُهُ بِحَدَثِ نَفْسِهِ لِجَهْلِ الْمَأْمُومِ بِالْحَدَثِ وَكَوْنِهِ مِمَّا يَخْفَى وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْفَصْدِ لِفَرْضِهَا فِي عِلْمِ الْمَأْمُومِ بِالْفَصْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ نَاسِيًا لَهُ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَلَاعِبًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَلَا يَتَأَتَّى ارْتِبَاطُهُ بِهِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ السُّؤَالِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا جَوَابُهُ عَنْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْفَاعِلِ وَهُوَ هُنَا الْإِمَامُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَالْمُقْتَدِي بِهِ فَجَازَ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ لِمَعْنًى يَقْتَضِي الِافْتِرَاقَ

(قَوْلُهُ: قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّ عِلْمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>