للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا عِنْدَنَا فَتَأَمَّلْهُ وَأَيْضًا فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى وُجُودِ صُورَةِ صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ عِنْدَنَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِمُخَالِفٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقِدٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَهَذَا مُبْطِلٌ عِنْدَنَا فَاقْتَضَتْ الْحَاجَةُ لِلْجَمَاعَةِ اغْتِفَارَ اعْتِقَادِهِ مُبْطِلًا عِنْدَنَا وَإِتْيَانِهِ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ.

وَلَوْ شَكَّ شَافِعِيٌّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ بِالْوَاجِبَاتِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ فِي تَوَقِّي الْخِلَافِ وَمَرَّ فِي سَجْدَةِ ص أَنَّ الْمُبْطِلَ الَّذِي يُغْتَفَرُ جِنْسُهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَضُرُّ إتْيَانُ الْمُخَالِفِ بِهِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ إخْلَالُهُ بِوَاجِبٍ إنْ كَانَ ذَا وِلَايَةٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَزْمِ خِلَافُ مُقْتَضَى اعْتِقَادِنَا فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ لَا يَنْفِي التَّأْثِيرَ فِي جَزْمِهِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ فَتَدَبَّرْ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ سم وَبَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لَا عِنْدَنَا) لَك أَنْ تَقُولَ اعْتِقَادُنَا إنَّمَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ وَافَقَنَا الْمُبَاشِرُ فِي اعْتِقَادِنَا لَا حَيْثُ خَالَفَنَا سم (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُبْطِلٌ عِنْدَنَا) قَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِمَّنْ اعْتَقَدَ رُكْنِيَّةَ الْمَتْرُوكِ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي الِاعْتِقَادِ سَوَاءٌ أَتَى مَا اعْتَقَدَ عَدَمَ وُجُوبِهِ أَوْ تَرَكَهُ (قَوْلُهُ: اغْتِفَارَ اعْتِقَادِهِ مُبْطِلًا) أَيْ كَعَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ شَافِعِيٌّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ تَأْثِيرِ الشَّكِّ فِي إتْيَانِ الْمُخَالِفِ بِالْأَبْعَاضِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَلَا يُسَنُّ لِلشَّافِعِيِّ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ سُجُودُ السَّهْوِ فِيمَا إذَا شَكَّ فِي إتْيَانِ إمَامِهِ الْحَنَفِيِّ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَثَلًا وَيَأْتِي عَنْ سم مَا يُفِيدُ عَدَمَ التَّأْثِيرِ، وَإِنْ عَلِمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا عِنْدَهُ مَثَلًا فَظَهَرَ بِذَلِكَ انْدِفَاعُ مَا ادَّعَاهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ سَنِّ سُجُودِ السَّهْوِ لِلشَّافِعِيِّ الْمُقْتَدِي بِالْحَنَفِيِّ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ أَيْضًا إذْ الظَّاهِرُ تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ لِاعْتِقَادِهِ كَرَاهَتَهَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ تَوَقِّي ذَلِكَ الْخِلَافِ وَلَيْسَ بَعِيدًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ عِنْدَهُ تَوَقِّي الْخِلَافِ فِيهَا سم وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ انْدِفَاعُ مَا تَوَهَّمَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ الشَّافِعِيِّ بِالْحَنَفِيِّ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذْ الظَّاهِرُ تَرْكُهُ الْفَاتِحَةَ فِيهَا لِاعْتِقَادِهِ كَرَاهَةَ قِرَاءَتِهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

(قَوْلُهُ: فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ) وَلَوْ أَخْبَرَهُ بَعْدُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ وَتَجِبُ الْإِعَادَةُ أَوْ لَا؟ لِلْحُكْمِ بِمُضِيِّ صَلَاتِهِ عَلَى الصِّحَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ إمَامُهُ تَارِكًا لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّحَرُّمَ مِنْ شَأْنِهِ جَهْرُ الْإِمَامِ بِهِ فَيُنْسَبُ الْمَأْمُومُ لِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَيُؤَيِّدُ الْفَرْقَ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ شَكَّ بَعْدَ إحْرَامِ الْمَأْمُومِ فَاسْتَأْنَفَ النِّيَّةَ وَكَبَّرَ ثَانِيًا لَا تَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ إذَا عَلِمَ بِحَالِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ تَقَدُّمَ إحْرَامِهِ عَلَى إحْرَامِ إمَامِهِ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِمَشَقَّةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى حَالِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَأَمُّلُ حَالِهِ فِي بَقِيَّةِ صَلَاتِهِ ع ش وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُؤَيِّدُ الْفَرْقَ وَيَأْتِي عَنْهُ مَا يُصَرِّحُ بِهِ

(قَوْلُهُ: تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَمُحَافَظَةً عَلَى الْكَمَالِ عِنْدَهُ انْتَهَى وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى كِلَا التَّعْلِيلَيْنِ بِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ الْمَتْرُوكُ عِنْدَهُ مِنْ الْكَمَالِ وَلَا مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ فِيهِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ الظَّاهِرُ الْإِتْيَانَ بِجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ سَلَّمْنَا أَنَّهُ أَتَى بِهِ لَكِنْ عَلَى اعْتِقَادِ السُّنِّيَّةِ وَمَنْ اعْتَقَدَ بِفَرْضٍ مُعَيَّنٍ نَفْلًا كَانَ ضَارًّا وَأَشَارَ شَرْحُ الرَّوْضِ إلَى دَفْعِهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ اعْتِقَادَ عَدَمِ الْوُجُوبِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَذْهَبًا لِلْمُعْتَقِدِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَذْهَبًا لَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَيَكْتَفِي مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِهِ ع ش وَتَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ سم مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الِاعْتِرَاضُ الْأَوَّلُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَضُرُّ إلَخْ) قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَاسْتَحْسَنَاهُ بَعْدَ نَقْلِهِمَا عَنْ تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَضُرُّ إخْلَالُهُ إلَخْ الْمُعْتَمَدُ الضَّرَرُ م ر. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِوَاجِبٍ) كَالْبَسْمَلَةِ نِهَايَةٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِمُبْطِلٍ فِي اعْتِقَادِهِ يُوجِبُ قَطْعًا عَدَمَ جَزْمِهِ بِالْفِعْلِ فِي الْوَاقِعِ بَلْ وَعَدَمَ نِيَّةٍ مُطْلَقًا كَذَلِكَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ ارْتِكَابِ الْمُبْطِلِ، وَالْعِلْمُ بِهِ نِيَّةٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَاعْتِقَادُنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ لِمَنْ قَامَ بِهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ لَا لِمَنْ قَامَ بِهِ نَقِيضُهُ فَنَحْنُ مَعَ اعْتِقَادِنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ نَعْلَمُ وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ جَزْمٌ بِالْفِعْلِ بَلْ حَصَلَ لَهُ بِالْفِعْلِ عَدَمُ الْجَزْمِ وَذَلِكَ مُضِرٌّ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَزْمِ خِلَافُ مُقْتَضَى اعْتِقَادِنَا فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ لَا يَنْفِي التَّأْثِيرَ فِي جَزْمِهِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ فَتَدَبَّرْهُ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ لِتَعْلَمَ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: لَا عِنْدَنَا) لَك أَنْ تَقُولَ اعْتِقَادُنَا إنَّمَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ وَافَقَنَا الْمُبَاشِرُ فِي اعْتِقَادِنَا لَا حَيْثُ خَالَفَنَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُبْطِلٌ عِنْدَنَا) قَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ رُكْنِيَّةَ الْمَتْرُوكِ (قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ اعْتِقَادِهِ مُبْطِلًا) كَعَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ عَلِمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ تَوَقَّى ذَلِكَ الْخِلَافَ وَلَيْسَ بَعِيدَ الِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِي بِهَا احْتِيَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ عِنْدَهُ تَوَقِّيَ الْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَضُرُّ إخْلَالُهُ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>