خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ فَيَقْتَدِي بِهِ الشَّافِعِيُّ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ مُوَافَقَتَهُ فِي الْأَفْعَالِ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لِعُسْرِ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ وَلِصِحَّةِ صَلَاةِ الشَّافِعِيِّ يَقِينًا وَيُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ الْمَسْبُوقَةُ، وَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعَهَا الصَّادِقُ بِكَوْنِهِ إمَامَهَا إذْ قِيَاسُ مَا هُنَا صِحَّةُ اقْتِدَائِهِمْ بِهِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ بَلْ هِيَ ثَمَّ أَشَدُّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عُهِدَ إيقَاعِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مَعَ اخْتِلَالِ بَعْضِ شُرُوطِهَا لِعُذْرٍ وَلَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ جُمُعَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ اُضْطُرُّوا لِلصَّلَاةِ مَعَهُ نَوَوْا رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً
(تَنْبِيهٌ) رَجَّحَ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَكَابِرِ أَئِمَّتِنَا بَلْ أَلَّفَ فِيهِ مُجِلِّي وَنَقَلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ مُتَأَخِّرُونَ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَ مَا هُنَا وَعَدَمِ صِحَّةِ اقْتِدَاءِ أَحَدِ مُجْتَهِدِينَ فِي الْمَاءِ أَوْ الْقِبْلَةِ إذَا اخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمَا بِالْآخَرِ بِأَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا هُنَا يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْجَمَاعَةِ الْمَطْلُوبِ تَكْثِيرُهَا بِخِلَافِهِ فِي ذَيْنِك لِنُدْرَتِهِمَا، فَإِنْ قُلْت يُؤَيِّدُ الْمُقَابِلَ الْمَذْكُورَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ قَلَّدَ تَقْلِيدًا صَحِيحًا كَانَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً حَتَّى عِنْدَ مُخَالِفِهِ قُلْت مَعْنَى كَوْنِهَا صَحِيحَةً عِنْدَ الْمُخَالِفِ أَنَّهَا تُبْرِئُ فَاعِلَهَا عَنْ الْمُطَالَبَةِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا أَنَّا نَرْبِطُ صَلَاتَنَا بِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا تَخْلُفُهُ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى هِيَ اعْتِقَادُنَا أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِالنِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا فَمَنَعْنَا الرَّبْطَ لِذَلِكَ لَا لِاعْتِقَادِنَا بُطْلَانَ صَلَاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِاعْتِقَادِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ رَبَطْنَا بِهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ لِذَلِكَ وَمِنْ حَيْثُ إبْرَاؤُهَا لِذِمَّةِ فَاعِلِهَا صَالِحَةٌ لَهُ ظَاهِرًا فِيهِمَا وَأَمَّا بَاطِنًا فَكُلٌّ مِنْ صَلَاتِنَا وَصَلَاتِهِ يَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ وَغَيْرَهَا لِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الْفُرُوعِ وَاحِدٌ لَكِنْ عَلَى كُلِّ مُقَلِّدٍ أَنْ يَعْتَقِدَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَقْلِيدُ الْأَرْجَحِ عِنْدَهُ أَنَّ مَا قَالَهُ مُقَلَّدُهُ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِمَّا قَالَهُ غَيْرُهُ مَعَ احْتِمَالِ مُصَادَفَةِ قَوْلِ غَيْرِهِ لِمَا فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ.
(وَلَا تَصِحُّ قُدْوَةٌ بِمُقْتَدٍ) بِغَيْرِهِ إجْمَاعًا وَلَوْ احْتِمَالًا وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَمُغْنِي كَأَنْ سَمِعَهُ يَصِلُ تَكْبِيرَةَ التَّحَرُّمِ أَوْ الْقِيَامِ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ع ش (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ الْفِتْنَةِ) هَذَا التَّعْلِيلُ مَمْنُوعٌ فَقَدْ لَا يَعْلَمُ الْإِمَامُ بِعَدَمِ اقْتِدَائِهِ أَوْ مُفَارَقَتِهِ كَأَنْ يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْأَخِيرِ مَثَلًا أَوْ يُتَابِعَهُ فِي أَفْعَالِهَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ وَانْتِظَارٍ كَثِيرٍ فَيَنْتَفِي خَوْفُ الْفِتْنَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ) أَيْ الْمُوَافَقَةُ مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ وَانْتِظَارٍ كَثِيرٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَيَقْتَدِي بِهِ الشَّافِعِيُّ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَضُرُّ إخْلَالُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عُهِدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ سم (قَوْلُهُ: لِلصَّلَاةِ مَعَهُ) أَيْ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْمَسْبُوقَةِ مَعَ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ) أَيْ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ أَوْ تَرْجِيحَهُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ نُوزِعَ فِيهِ) أَيْ فِي النَّقْلِ
(قَوْلُهُ: وَاخْتَارَهُ) أَيْ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ الرَّاجِحِ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الْمِنْهَاجُ بِالْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: فَرَّقَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ بَلْ مَا ذُكِرَ عَلَى حَدِّ مَا هُنَا مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْمُقْتَدِي، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُجْتَهِدَيْنِ يَعْتَقِدُ نَجَاسَةَ مَاءِ الْآخَرِ، وَأَنَّ جِهَتَهُ غَيْرُ قِبْلَةٍ سم (قَوْلُهُ: بَيَّنَ مَا هُنَا) أَيْ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ فِي نَحْوِ الْفَصْدِ، وَإِنْ شِئْت تَقُولُ أَيْ فِي الْفُرُوعِ الْخِلَافِيَّةِ فَصَحَّحُوا فِيهَا الِاقْتِدَاءَ فِي نَحْوِ الْفَصْدِ دُونَ نَحْوِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ: بِالْآخَرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاقْتِدَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَنْعَ) أَيْ مَنْعَ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ أَتَى الْإِمَامُ بِمُبْطِلٍ عِنْدَنَا أَوْ عِنْدَهُ (هُنَا) أَيْ فِي الْفُرُوعِ الْخِلَافِيَّةِ فِي الْمَذَاهِبِ (قَوْلُهُ الْمُقَابِلَ إلَخْ) يَعْنِي الصِّحَّةَ فِي نَحْوِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهَا تُبْرِئُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّا نَرْبِطُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ لَنَا الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ صِحَّةَ الرَّبْطِ وَتَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ سم (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِاعْتِقَادِنَا أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ صَلَاةَ الْمُخَالِفِ مَعَ نَحْوِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلرَّبْطِ فَاللَّامُ لِلتَّعْدِيَةِ وَ (صَالِحَةٍ) عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ اعْتِقَادُنَا أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ إلَخْ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَصَالِحَةٌ بِمَعْنَى صَحِيحَةٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا فِيهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكُلٌّ مِنْ صَلَاتِنَا) أَيْ مَعَ نَحْوِ الْفَصْدِ (وَصَلَاتِهِ) أَيْ مَعَ نَحْوِ الْمَسِّ (قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُقَلِّدٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَجِبُ تَقْلِيدُ الْأَرْجَحِ إلَخْ) أَيْ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ الْمُقَلِّدِ (قَوْلُهُ: مُقَلَّدُهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَنَفْسِ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا أَثَرَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَا أَثَرَ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ وَقَوْلُهُ جَهْلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ احْتِمَالًا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلَا بِمَنْ تَوَهَّمَهُ أَوْ ظَنَّهُ مَأْمُومًا كَأَنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ يُصَلِّيَانِ جَمَاعَةً وَتَرَدَّدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا هَجَمَ، فَإِنْ اجْتَهَدَ فِي أَيِّهِمَا الْإِمَامُ وَاقْتَدَى بِمَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ الْإِمَامُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَمَا يُصَلِّي بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، وَالثَّوْبِ، وَالْأَوَانِي، وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْ الْمُصَلِّيَيْنِ أَنَّهُ إمَامٌ صَحَّتْ صَلَاتُهُمَا إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْبُطْلَانِ أَوْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مُقْتَدٍ بِمَنْ يَقْصِدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فَمَنْ شَكَّ وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِشَكِّ أَنَّهُ تَابِعٌ أَوْ مَتْبُوعٌ وَلَوْ شَكَّ أَحَدُهُمَا وَظَنَّ الْآخَرُ صَحَّتْ لِلظَّانِّ أَنَّهُ إمَامٌ دُونَ الْآخَرِ وَهَذَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الظَّنِّ، وَالشَّكِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي كَوْنِ إمَامِهِ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَبِنْ إمَامًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيه، وَإِنْ بَانَ إمَامًا لِجَوَازِ تَخْصِيصِهِ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْمُعْتَمَدُ الضَّرَرُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ عُهِدَ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْفَرْقِ بَلْ مَا ذُكِرَ عَلَى حَدِّ مَا هُنَا مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْمُقْتَدِي، فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ يَعْتَقِدُ نَجَاسَةَ مَاءِ الْآخِرِ، وَإِنَّ جِهَتَهُ غَيْرُ قِبْلَةٍ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ غَيْرُ جَازِمٍ بِالنِّيَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ السَّلَامِ) أَيْ بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فِي كَوْنِ إمَامِهِ مَأْمُومًا إلَّا أَنَّ مَحَلَّ هَذَا مَا لَمْ يَبِنْ إمَامًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يُنَافِيه، وَإِنْ بَانَ إمَامًا لِجَوَازِ تَخْصِيصِهِ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَتَيْنِ بَلْ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ وَلَوْ شَكَّ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ فِي أَنَّهُ إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ