للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ صَفَّيْنِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كُرِهَ لِلدَّاخِلِينَ أَنْ يَصْطَفُّوا مَعَ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي لَوْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ ضَيَّعُوا حُقُوقَهُمْ فَلِلدَّاخِلِينَ الِاصْطِفَافُ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا كُرِهَ لَهُمْ وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا ثُمَّ مَا يَلِيه وَهَكَذَا وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ وَقَوْلُ جَمْعٍ مَنْ بِالثَّانِي أَوْ الْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ أَفْضَلُ مِمَّنْ بِالْأَوَّلِ أَوْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْفَضِيلَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَكَانِهَا مَرْدُودٌ بِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ، وَالْيَمِينِ مِنْ صَلَاةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى أَهْلِهِمَا كَمَا صَحَّ مَا يَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ تَوْفِيرِ الْخُشُوعِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِي لِاشْتِغَالِهِمْ بِمَنْ أَمَامَهُمْ، وَالْخُشُوعُ رَوْحُ الصَّلَاةِ فَيَفُوقُ سَمَاعَ الْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا فَمَا فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِذَاتِ الْعِبَادَةِ أَيْضًا وَقَدْ رَجَّحُوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ بِالرَّوْضَةِ الْكَرِيمَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ تَخْتَصُّ بِمَسْجِدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ هُوَ مَا يَلِي الْإِمَامَ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُ مِنْبَرٌ أَوْ نَحْوُهُ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

ــ

[حاشية الشرواني]

سَدُّ فُرَجِ الصُّفُوفِ، وَأَنْ لَا يُشْرَعَ فِي صَفٍّ حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلَ وَأَنْ يُفْسَحَ لِمَنْ يُرِيدُهُ وَجَمِيعُ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَا شَرْطٌ فَلَوْ خَالَفُوا صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر حَتَّى يَتِمَّ الْأَوَّلَ أَيْ، وَإِذَا شَرَعُوا فِي الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وُقُوفُهُمْ عَلَى هَيْئَةِ الْوُقُوفِ خَلَفَ الْإِمَامِ فَإِذَا حَضَرَ وَاحِدٌ وَقَفَ خَلْفَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِحَيْثُ يَكُونُ مُحَاذِيًا لِيَمِينِ الْإِمَامِ، فَإِذَا حَضَرَ آخَرُ وَقَفَ فِي جِهَةِ يَسَارِهِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ خَلْفَ مَنْ يَلِي الْإِمَامَ وَقَوْلُهُ م ر صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ م ر قِيلَ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ مِنْ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ. اهـ. ع ش

(قَوْلُهُ: بَيْنَ صَفَّيْنِ) أَيْ أَوْ بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالْإِمَامِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كُرِهَ لَلدَّاخِلِينَ إلَخْ) أَيْ إنْ وَسِعَ مَا بَيْنَهُمَا صَفًّا وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَاضِي الْآتِيَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَنَظَائِرِهِ أَنَّ الْفَائِتَ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَا ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ سم (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ) أَيْ الْخُلَّصِ وَخَرَجَ بِهِ الْخَنَاثَى، وَالنِّسَاءُ فَأَفْضَلُ صُفُوفِهِمْ آخِرُهَا لِبُعْدِهِ عَنْ الرِّجَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ رَجُلٌ غَيْرُ الْإِمَامِ سَوَاءٌ كُنَّ إنَاثًا فَقَطْ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَالْبَعْضُ مِنْ هَؤُلَاءِ فَالْأَخِيرُ مِنْ الْخَنَاثَى أَفْضَلُهُمْ، وَالْأَخِيرُ مِنْ النِّسَاءِ أَفْضَلُهُنَّ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَفْضَلُ صُفُوفِ الرِّجَالِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَالْخَنَاثَى الْخُلَّصُ وَالنِّسَاءُ كَذَلِكَ أَوَّلُهَا وَهُوَ الَّذِي يَلِي الْإِمَامَ، وَإِنْ تَخَلَّلَهُ مِنْبَرٌ أَوْ نَحْوُهُ ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَأَفْضَلُهَا لِلنِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ أَوْ الْخَنَاثَى وَلِلْخَنَاثَى مَعَ الرِّجَالِ آخِرُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَلْيَقُ وَأَسْتَرُ نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ صُفُوفُهَا كُلُّهَا فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ إذَا اتَّحَدَ الْجِنْسُ؛ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الصُّفُوفِ فِيهَا مَطْلُوبٌ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يُوَسِّطُوا الْإِمَامَ وَيَكْتَنِفُوهُ مِنْ جَانِبَيْهِ. اهـ.

وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ ع ش أَيْ الْخُلَّصِ لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ اخْتَصَّ غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ بِفَضِيلَةٍ فِي الْمَكَانِ كَأَنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِهَا، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ الِانْفِرَادَ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا وَكَمَا لَوْ كَانَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ ارْتِفَاعٌ عَلَى الْإِمَامِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي يَلِي الْأَوَّلَ أَفْضَلُ أَيْضًا بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الَّذِي يَلِيهِ هُوَ الْأَوَّلُ لِكَرَاهَةِ الْوُقُوفِ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ ع ش وَقَوْلُهُ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ يُخَالِفُ قَوْلَ الشَّارِحِ الْآتِي وَقَدْ رَجَّحُوا إلَخْ وَقَوْلُهُ لِكَرَاهَةِ الْوُقُوفِ إلَخْ يُعَارِضُهَا كَرَاهَةُ الزِّيَادَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِعُذْرٍ

(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِيَسَارِهِ لَا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ سم عِبَارَةُ ع ش أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ أَمَّا مَنْ خَلْفَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ لحج. اهـ. (قَوْلُهُ: يَمِينُهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ مَنْ بِالْيَسَارِ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَيَرَى أَفْعَالَهُ نِهَايَةٌ أَيْ دُونَ مَنْ بِيَمِينِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: يَسْمَعُ الْإِمَامَ إلَخْ) صِفَةُ مَنْ بِالثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْأَوَّلِ أَوْ الْيَمِينِ) أَيْ الْخَالِي مِنْ ذَلِكَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) خَبَرُ وَقَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى أَهْلِهِمَا) أَيْ الْيَمِينِ، وَالْأَوَّلِ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَسْجِدِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَصْلِيٍّ دُونَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ) إلَى قَوْلِهِ فَمَنْ أَمَامَهُمْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّلَهُ مِنْبَرٌ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مَنْ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ مُحَاذِيًا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيل الْمِنْبَرُ وَوَقَفَ مَوْضِعَهُ شَخْصٌ مَثَلًا صَارَ الْكُلُّ صَفًّا وَاحِدًا ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ كَالْمَقْصُورَةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَالزِّيَادِيِّ عَلَى شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَإِذَا اسْتَدَارُوا فِي مَكَّةَ فَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الَّذِي وَرَاءَ الْإِمَامِ لَا مَا قَرُبَ مِنْ الْكَعْبَةِ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلشَّارِحِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرِّجَالَ إذَا حَضَرُوا أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ أُخِّرَ لَهُمْ الْعُرَاةُ، وَالْخُنْثَى، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عَمَلٌ قَلِيلٌ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلُوا لَمْ يُحَصِّلُوا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ) قَضِيَّةُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَنَظَائِرِهِ أَنَّ الْفَائِتَ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ لَا ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ كُلِّ صَفٍّ يَمِينُهُ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِيَسَارِهِ لَا لِمَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَشَرْحِهِ، وَالْوُقُوفُ بِقُرْبِ الْإِمَامِ فِي صَفٍّ أَفْضَلُ مِنْ الْبُعْدِ عَنْهُ فِيهِ وَعَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ عَنْ يَسَارِهِ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ وَمُحَاذَاتُهُ بِأَنْ يَتَوَسَّطُوهُ وَيَكْتَنِفُوهُ مِنْ جَانِبَيْهِ أَفْضَلُ. اهـ.

بِاخْتِصَارِ الْأَدِلَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْيَمِينُ) أَيْ وَهُوَ لَا يَسْمَعُ وَلَا يَرَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ لِلْإِرْشَادِ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْإِمَامِ مَا اتَّصَلَ بِالصَّفِّ الَّذِي وَرَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>