وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا مَعْنَاهُمَا؛ لِأَنَّ الْبَحْثَ فِي النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَا يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ هُنَا فِي بِعْت هَذِهِ الْفَرَسَ فَبَانَتْ بَغْلَةً؛ لِأَنَّ لِلْعِبَارَةِ الْمُعَارِضَةِ لِلْإِشَارَةِ مَدْخَلًا ثَمَّ لَا هُنَا، وَلَوْ تَعَارَضَ الرَّبْطُ بِالشَّخْصِ وَبِالِاسْمِ كَخَلْفِ هَذَا إنْ كَانَ زَيْدًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ بِالشَّخْصِ حِينَئِذٍ أَبْطَلَهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ صِحَّتَهَا بِيَدِهِ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْبَعْضِ مُقْتَدٍ بِالْكُلِّ أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ لَا يَتَبَعَّضُ وَبَعْضُهُمْ بُطْلَانَهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ مَا عَلَّلَ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِمَا عَلَّلَ بِهِ فَحَسْبُ بَلْ؛ لِأَنَّ الرَّبْطَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ إنْ رَبَطَ فِعْلَهُ بِفِعْلِهِ وَهَذَا مَفْهُومٌ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لَا بِنَحْوِ يَدِهِ أَوْ رَأْسِهِ أَوْ نِصْفِهِ الشَّائِعِ إلَّا إنْ نَوَى أَنَّهُ عَبَّرَ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ
وَتَخْرِيجُ هَذَا عَلَى قَاعِدَةِ أَنَّ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ وَمَا لَا كَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ لَا يَصِحُّ فِيهِ ذَلِكَ، وَالْإِمَامَةُ مِنْ الثَّانِي فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْأُمُورِ الْمَعْنَوِيَّةِ الْمَلْحُوظِ فِيهَا السِّرَايَةُ وَعَدَمُهَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ هُنَا الْمُتَابَعَةُ وَهِيَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَجَزُّؤٌ بِوَجْهٍ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا إنْ رُبِطَ بِالْفِعْلِ كَمَا تَقَرَّرَ وَبِهِ فَارَقَ مَا هُنَا مَا يَأْتِي فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ نَحْوِ الْيَدِ وَنَحْوِ الرَّأْسِ
(وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
قَدْ يُقَالُ النَّظَرُ الْمَذْكُورُ تَوْجِيهٌ لِلْخِلَافِ وَقَدْ أَفَادَ التَّقْرِيرُ السَّابِقُ أَنَّ مَوْضِعَهُ أَيْ الْخِلَافِ الرَّبْطُ الْمَذْكُورُ وَأَيْضًا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُمَا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الرَّبْطِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّخْرِيجُ إذْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَفْرُوضًا مَعَ عَدَمِ الرَّبْطِ سم (قَوْلُهُ: هُنَا) مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافِ وَ (قَوْلُهُ: فِي بِعْت إلَخْ) بِيَتَخَرَّجُ سم (قَوْلُهُ: لَا يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ إلَخْ) وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ الْأَوْجَهُ مِنْهُمَا الْبُطْلَانُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ) وَفِي دَعْوَى الظُّهُورِ مِنْ ذَلِكَ تَوَقُّفٌ (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ) إلَى قَوْلِهِ وَتَخْرِيجُ هَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: صِحَّتَهَا) أَيْ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِمَنْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْمَنْعِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوْجَهُ) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَا بِنَحْوِ يَدِهِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِهِ بِإِعَادَةِ الْخَافِضِ
(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ نَوَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَيْسَ لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مَعْنَى؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ مَفْرُوضٌ فِي النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَعْبِيرٌ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَلْفَاظِ لَا يُقَالُ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْيَدِ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنْ قَصَدَ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ فَهُوَ اقْتِدَاءٌ بِالْكُلِّ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثِهِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَاحَظَ مَعَهُ الْيَدَ أَيْضًا لَمْ يَخْرُجْ أَيْضًا عَنْ كَوْنِهِ اقْتِدَاءً بِالْكُلِّ وَلَا يَصِحُّ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْكُلَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ فَلَيْسَ فِي هَذَا إرَادَةُ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتَخْرِيجُ هَذَا) أَيْ عَدَمُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) خَبَرٌ وَتَخْرِيجُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْمُتَابَعَةُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ مَثَلًا وَذَلِكَ مَعْنَوِيٌّ قَطْعًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُتَعَلَّقَهَا حِسِّيٌّ وَهُوَ الْفِعْلُ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ: وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَا تَتَحَقَّقُ إلَخْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) (فَرْعٌ)
نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُرَاعِ الْخِلَافَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ قَالَ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَقْصِدْ تَحْصِيلَ الْجَمَاعَةِ لِبَعْضِ الْمُصَلِّينَ دُونَ بَعْضٍ بَلْ قَصَدَ حُصُولَهَا لِجَمِيعِ الْمُقْتَدِينَ وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِرِعَايَةِ الْخِلَافِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ صَلَاةِ الْبَعْضِ أَوْ الْجَمَاعَةِ دُونَ الْبَعْضِ انْتَهَى وَهُوَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
هُوَ زَمَنُ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَفِي زَمَنِهَا لَا يُتَصَوَّرُ نُطْقٌ بِزَيْدٍ وَهَذَا فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ بَلْ فِي مَعْنَاهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ بِأَنْ يُلَاحِظَ حَالَ التَّكْبِيرِ مَعْنَاهُمَا وَيَلْزَمُ مِنْ مُلَاحَظَةِ مَعْنَاهُمَا تَعْلِيقُ الْقُدْوَةِ بِالشَّخْصِ سَوَاءٌ اعْتَبَرْت مَعْنَى الْبَدَلِ أَوْ عَطْفِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ مَعْنَى اسْمِ الْإِشَارَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الشَّخْصُ فَالنَّظَرُ لِلْبَدَلِ وَعَطْفِ الْبَيَانِ يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ الرَّبْطَ فَكَيْفَ يُقَالُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عِنْدَ عَدَمِهِ كَمَا زَعَمَهُ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لَزِمَ مَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي اللَّفْظَيْنِ بِدُونِ تَصَوُّرِ مَعْنَاهُمَا فَتَأَمَّلْ وَلَا تَغْفُلْ وَمِنْ هُنَا يُشْكِلُ تَخْرِيجُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مُلَاحَظَةَ مَعْنَى الْإِشَارَةِ تَقْتَضِي الرَّبْطَ بِالشَّخْصِ مُطْلَقًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِمَعْنَى اسْمِ الْإِشَارَةِ مَفْهُومَ الْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ الشَّخْصِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ حَقِيقَةِ مَعْنَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الرَّبْطِ) قَدْ يُقَالُ النَّظَرُ الْمَذْكُورُ تَوْجِيهٌ لِلْخِلَافِ، وَقَدْ أَفَادَ التَّقْرِيرُ السَّابِقُ أَنَّ مَوْضِعَهُ الرَّبْطُ الْمَذْكُورُ وَأَيْضًا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُمَا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الرَّبْطِ فَكَيْفَ يَصِحُّ التَّخْرِيجُ إذْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَفْرُوضًا مَعَ عَدَمِ الرَّبْطِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ هُنَا فِي بِعْت إلَخْ) هُنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْخِلَافِ وَفِي بِعْت بِيَتَخَرَّجُ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ نَوَى إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا تَعْبِيرٌ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْأَلْفَاظِ لَا يُقَالُ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِالْيَدِ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنْ قَصَدَ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ فَهُوَ اقْتِدَاءٌ بِالْكُلِّ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَحْثِهِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَاحَظَ مَعَهُ الْيَدَ أَيْضًا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ اقْتِدَاءً بِالْكُلِّ فَهُوَ اقْتِدَاءٌ بِالْكُلِّ وَلَا يُصَحِّحُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَعْضِ الْكُلَّ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الِاقْتِدَاءَ بِالْكُلِّ فَلَيْسَ فِي هَذَا إرَادَةُ الْكُلِّ بِالْبَعْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْمُتَابَعَةُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ بَعْدَ الْفِعْلِ مَثَلًا وَذَلِكَ مَعْنَوِيٌّ قَطْعًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مُتَعَلِّقَهَا حِسِّيٌّ وَهُوَ الْفِعْلُ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَمْرٌ حِسِّيٌّ إلَخْ) قَدْ يُنَاقِشُ بِأَنَّ كَوْنَهُ حِسِّيًّا لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ جَرَيَانِ الْقَاعِدَةِ فِيهِ، وَعَدَمُ تَصَوُّرِ التَّجَزُّؤِ مَوْجُودٌ فِي نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ مَعَ جَرَيَانِ الْقَاعِدَةِ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَانِعٍ