(وَيَتَقَدَّمَ) انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ (عَلَى فَرَاغِهِ) أَيْ الْمَأْمُومِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ فِعْلِهِ وَأَكْمَلُ مِنْ هَذَا أَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ حَرَكَةِ الْإِمَامِ فَلَا يَشْرَعُ حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ لِحَقِيقَةِ الْمُنْتَقَلِ إلَيْهِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِكَمَالِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا تَقَرَّرَ لَا بِقَيْدِ وُجُوبِهَا قَوْلُهُ (فَإِنْ قَارَنَهُ) فِي الْأَفْعَالِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ وَعَدَمُ ضَرَرِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ أَوْ وَالْأَقْوَالِ وَلَوْ السَّلَامَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَذْفُ الْمَعْمُولِ الْمُفِيدِ لِلْعُمُومِ وَالِاسْتِثْنَاءِ الْآتِي إذْ الْأَصْلُ فِيهِ الِاتِّصَالُ (لَمْ يَضُرَّ) لِانْتِظَامِ الْقُدْوَةِ مَعَ ذَلِكَ نَعَمْ تُكْرَهُ الْمُقَارَنَةُ وَتَفُوتُ بِهَا فِيمَا وُجِدَتْ فِيهِ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي فَصْلِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَى إمَامِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِلْوَاجِبَةِ أَيْضًا
ــ
[حاشية الشرواني]
صَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِ لِلْوَاجِبِ مَعَ التَّنْبِيهِ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَيَتَقَدَّمُ انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ عَلَى فَرَاغِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ أَيْ، وَالْمُغْنِي وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ انْتَهَتْ قَالَ الشِّهَابُ سم وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. اهـ. وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى وَجْهِ عُدُولِ الشَّارِحِ م ر كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ ذَلِكَ الْأَقْرَبِ وَأَقُولُ وَجْهُهُ لِيَتَأَتَّى لَهُ حَمْلُ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى الْأَكْمَلِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ وَإِلَّا فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِاعْتِبَارِ حِلِّ الْجَلَالِ صَادِقَةٌ بِمَا إذَا تَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنْ ابْتِدَاءِ فِعْلِ الْإِمَامِ لَكِنَّهُ قَدَّمَ انْتِهَاءَهُ عَلَى انْتِهَائِهِ بِأَنْ كَانَ سَرِيعَ الْحَرَكَةِ، وَالْإِمَامُ بَطِيئَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْأَكْمَلِ رَشِيدِيٌّ وَفِي ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَأَكْمَلُ مِنْ هَذَا إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ أَيْضًا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُغْنِي فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى حَمْلِ مَا فِي الْمَتْنِ عَلَى صُورَةِ الْكَمَالِ كَمَا صَنَعَا وَلَمْ يَسْتَدِرْك مَا ذَكَرَاهُ بِقَوْلِهِمَا وَأَكْمَلُ إلَخْ بَصْرِيٌّ وَقَدْ يُوَجَّهُ صَنِيعُ الْمُغْنِي بِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ دَاخِلٌ فِي صُورَةِ الْكَمَالِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْرَعُ حَتَّى يَصِلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمَأْمُومِ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ حَتَّى يَتَلَبَّسَ الْإِمَامُ بِالسُّجُودِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ.
سم وَأَقَرَّهُ الْهَاتِفِيُّ وَأَقُولُ لَا تَوَقُّفَ فِيهِ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مَا يُفِيدُهُ كَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرِهِمْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا ثُمَّ نَقَعَ سُجُودًا» وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ حَتَّى يَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ نَعَمْ رَأَيْت فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ اسْتِثْنَاءَ مَا إذَا عَلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ إلَى هَذَا الْحَدِّ لَرَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ سُجُودِهِ انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَعَلَّهُ وَجْهُ تَوَقُّفٍ سم فِيمَا ذَكَرَ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا جَوَابُ ع ش بِمَا نَصَّهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الشَّارِحِ بِالْوُصُولِ لِلْحَقِيقَةِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَى ابْتِدَاءِ مُسَمَّى الْحَقِيقَةِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِوَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا بَعْضُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ. اهـ.
فَيَرُدُّهُ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَوْلُهُ فَإِنْ قَارَنَهُ) أَيْ إلَى الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: السِّيَاقُ) يَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (مُنْقَطِعٌ) أَيْ إذْ التَّكْبِيرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ ضَرَرِ الْمُقَارَنَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُرَدُّ عَلَى التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ فِي الْأَفْعَالِ مِنْ إفْهَامِهِ ضَرَرَ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ وَالْأَقْوَالُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَفْعَالِ أَيْ فَقَطْ (وَقَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى حَذْفِ الْمَعْمُولِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يَضُرَّ) أَيْ لَمْ يَأْثَمْ مُغْنِي قَالَ ع ش وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الضَّرَرِ مَا لَوْ عَزَمَ قَبْلَ الِاقْتِدَاءِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَفْعَالِ لِأَنَّ الْقُصُودَ الْخَارِجَةَ عَنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِهَا لَا أَثَرَ لَهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِظَامٍ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَفُوتُ بِهَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْمَكْرُوهَاتِ أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَاعَةِ، وَضَابِطُهُ أَنَّهُ حَيْثُ فَعَلَ مَكْرُوهًا مَعَ الْجَمَاعَةِ مِنْ مُخَالَفَةِ مَأْمُورِ بِهِ فِي الْمُوَافَقَةِ وَالْمُتَابَعَةِ كَالِانْفِرَادِ عَنْهُمْ فَاتَهُ فَضْلُهَا إذْ الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِيهِ مَعَ أَنَّ صَلَاتَهُ جَمَاعَةً إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ فَضْلِهَا انْتِفَاؤُهَا، فَإِنْ قِيلَ فَمَا فَائِدَةُ حُصُولِ الْجَمَاعَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الثَّوَابِ فِيهَا أُجِيبُ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ سُقُوطُ الْإِثْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا إمَّا عَلَى الْعَيْنِ أَوْ عَلَى الْكِفَايَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِقِيَامِ الشِّعَارِ ظَاهِرًا، وَأَمَّا ثَوَابُ الصَّلَاةِ فَلَا يَفُوتُ بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا صَلَّى بِأَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى حُصُولِ الثَّوَابِ فَالْمَكْرُوهُ أَوْلَى مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِيمَا وَجَدْت فِيهِ) أَيْ فِيمَا قَارَنَ فِيهِ فَقَطْ سَوَاءٌ أَكَانَ رُكْنًا أَوْ أَكْثَرَ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ إلَخْ (وَقَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِلْمُتَابَعَةِ الْكَامِلَةِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَأَمَّا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
خِلَافِهِ فِي غَايَةِ الْمُخَالَفَةِ لِلظَّاهِرِ الْمُتَبَادَرِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَكَوْنُ هَذَا تَمْثِيلًا لَا يُنَافِي إجْزَاءَ مَا هُوَ دُونَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُتَابَعَةَ الْوَاجِبَةَ تَحْصُلُ بِوُجُوهٍ مِنْهَا هَذَا وَهُوَ أَوْلَاهَا فَهُوَ وَاجِبٌ مِنْ حَيْثُ عُمُومِهِ مَنْدُوبٌ مِنْ حَيْثُ خُصُوصُهُ فَلِهَذَا صَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِ لِلْوَاجِبِ مَعَ التَّنْبِيهِ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهُ مِنْ حَيْثُ الْعُمُومُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَدَّمُ انْتِهَاءُ فِعْلِ الْإِمَامِ عَلَى فَرَاغِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ وَيَتَقَدَّمُ ابْتِدَاءُ فِعْلِ الْمَأْمُومِ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ أَيْ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْفِعْلِ انْتَهَى، وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِلَ الْإِمَامُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْمَأْمُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute