للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَسُهُولَةٍ أَوْ أَمْنٍ) أَوْ زِيَادَةٍ، وَإِنْ قَصَدَ مَعَ ذَلِكَ اسْتِبَاحَةَ الْقَصْرِ وَكَذَا لِمُجَرَّدِ تَنَزُّهٍ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ مَقْصُودٌ إذْ هُوَ إزَالَةُ الْكُدُورَةِ النَّفْسِيَّةِ بِرُؤْيَةِ مُسْتَحْسَنٍ يَشْغَلُهَا بِهِ عَنْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَافَرَ لِأَجْلِهِ قَصَرَ أَيْضًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ الْعُدُولِ لِأَنَّهُ غَرَضٌ فَاسِدٌ، وَلُزُومُ التَّنَزُّهِ لَا نَظَرَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ (قَصَرَ) لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ وَكَذَا إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْقَصْرَ فَقَطْ كَمَا بِأَصْلِهِ وَكَلَامُهُ قَدْ يَشْمَلُهُ (فَلَا) يَقْصُرُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ طَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ فَأَشْبَهَ مَنْ سَلَكَ قَصِيرًا وَطَوَّلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّرَدُّدِ فِيهِ حَتَّى بَلَغَ قَدْرَ مَرْحَلَتَيْنِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مُتَعَمِّدِ ذَلِكَ بِخِلَافِ نَحْوِ الْغَالِطِ، وَالْجَاهِلِ بِالْأَقْرَبِ، فَإِنَّ الْأَوْجَهَ قَصْرُهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا غَرَضٌ فِي سُلُوكِهِ أَمَّا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ مُطْلَقًا قَطْعًا وَنَظَرَ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ بِأَنَّ إتْعَابَ النَّفْسِ بِلَا غَرَضٍ حَرَامٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا بِتَسْلِيمِهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَصْرِ لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ عَلَى إبَاحَتِهِ.

(تَنْبِيهٌ) مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ مَا لَهُ طَرِيقَانِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ تُعْتَبَرُ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكَةُ قَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ فِي نَحْوِ قَرْنِ الْمِيقَاتِ أَنَّهَا عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ لَهَا طَرِيقَيْنِ طَوِيلًا وَقَصِيرًا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْكَلَامَ ثَمَّ فِي بُقْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ هَلْ يُعَدُّ سَاكِنُهَا مِنْ حَاضِرِي الْحَرَمِ أَوْ مَكَّةَ وَحَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ وَلَوْ مِنْ إحْدَى الطُّرُقِ لَا يُعَدُّ مِنْ حَاضِرِي ذَلِكَ وَهُنَا عَلَى مَشَقَّةِ سَيْرِ مَرْحَلَتَيْنِ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِالطَّرِيقِ الْمَسْلُوكَةِ وَأَيْضًا فَالْقَصِيرَةُ ثَمَّ وَعِرَةٌ جِدًّا فَعَدَمُ اعْتِبَارِهِمْ لَهَا ثَمَّ لَعَلَّهُ لِذَلِكَ وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمَحَلٍّ طَرِيقَانِ إلَى بَلَدِ الْقَاضِي أَحَدُهُمَا مَسَافَةُ الْعَدَوِيِّ، وَالْآخَرُ دُونَهَا اُعْتُبِرَ الْأَبْعَدُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ بُعْدُ مَحَلِّهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

(وَلَوْ تَبِعَ الْعَبْدُ أَوْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْجُنْدِيُّ) أَوْ الْأَسِيرُ (مَالِكَ أَمْرِهِ)

ــ

[حاشية الشرواني]

فِيهِ لُغَةً أُخْرَى ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ زِيَادَةٌ) أَيْ أَوْ عِيَادَةٌ أَوْ لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْمَكَّاسِينَ أَوْ رُخْصُ سِعْرٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: يَشْغَلُهَا) أَيْ النَّفْسَ (بِهِ) أَيْ الْمُسْتَحْسَنِ (عَنْهَا) أَيْ الْكُدُورَةِ ش. اهـ. سم (قَوْلُهُ: قَصَرَ أَيْضًا) خَالَفَهُ النِّهَايَةُ، وَالْمُغْنِي فَاعْتَمَدَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّنَزُّهِ وَرُؤْيَةِ الْبِلَادِ، فَإِنْ كَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَبَبًا لِأَصْلِ السَّفَرِ فَلَا يَقْصُرُ أَوْ لِلْعُدُولِ إلَى الطَّوِيلِ فَيَقْصُرُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ اللُّزُومَ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ الشَّرْطِ) وَهُوَ السَّفَرُ الطَّوِيلُ الْمُبَاحُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ سَلَكَهُ لِمُجَرَّدِ الْقَصْرِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ (قَوْلُهُ: قَدْ يَشْمَلُهُ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْغَرَضِ الْغَرَضُ الصَّحِيحُ غَيْرُ الْقَصْرِ أَخْذًا مِنْ التَّمْثِيلِ أَوْ، وَالْقَصْرُ لَيْسَ مِنْهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: بِالتَّرَدُّدِ فِيهِ) أَيْ بِالذَّهَابِ يَمِينًا وَيَسَارًا مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ) أَيْ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: فِي مُتَعَمِّدِ ذَلِكَ) أَيْ سُلُوكِ الطَّوِيلِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ طَوِيلٌ وَقَصِيرٌ مَا لَوْ كَانَا طَوِيلَيْنِ فَسَلَكَ الْأَطْوَلَ وَلَوْ لِغَرَضِ الْقَصْرِ فَقَطْ قَصَرَ فِيهِ جَزْمًا. اهـ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ) أَيْ مِنْ الطَّوِيلَيْنِ سم (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا إلَخْ) عَلَى أَنَّ الْإِتْعَابَ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ سَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا تَعَبَ مَعَهُ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا لِدَابَّتِهِ سم (قَوْلُهُ: لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَسَيُعْلَمُ إلَى فَمَا أَوْهَمَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِتْعَابَ وَانْتِفَاءَ الْغَرَضِ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُدُولِ دُونَ أَصْلِ السَّفَرِ سم (قَوْلُهُ: لِبَقَاءِ أَصْلِ السَّفَرِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ أَنْ يُتْعِبَ نَفْسَهُ وَدَابَّتَهُ بِالرَّكْضِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ هُنَا عَلَى مَنْعِ تَسْلِيمِ الْحُرْمَةِ، فَإِنَّ الْعُدُولَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ إتْعَابَ النَّفْسِ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْمَشَقَّةُ الْحَاصِلَةُ فِي الطَّرِيقِ الْأَطْوَلِ قَرِيبَةً مِنْ الْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي الطَّرِيقِ الْآخَرِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْوُصُولِ إلَى الْمَقْصِدِ وَلَا كَذَلِكَ الرَّكْضُ الْآتِي، فَإِنَّهُ مَحْضُ عَبَثٍ، وَالتَّعَبُ مَعَهُ مُحَقَّقٌ أَوْ غَالِبٌ ع ش (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: هَلْ يُعَدُّ سَاكِنُهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ دَمُ التَّمَتُّعِ، وَالْقِرَانِ (وَقَوْلُهُ: لَا يُعَدُّ إلَخْ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ) أَيْ حُصُولَ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ: وَعِرَةً) الْوَعِرُ ضِدُّ السَّهْلِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَبْعَدِ مِنْ طَرِيقَيْ الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْأَبْعَدُ) أَيْ فَيَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ

(قَوْلُهُ: أَوْ الْأَسِيرُ) إلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِهِ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَوْ تَبِعَ الْعَبْدُ إلَخْ) ، وَالْمُبَعَّضُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ فَكَالْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ فَفِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بِأَنَّ التَّنَزُّهَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْحَامِلَ عَلَى السَّفَرِ بَلْ الْحَامِلُ عَلَيْهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَسَفَرِ التِّجَارَةِ وَلَكِنَّهُ سَلَكَ أَبْعَدَ الطَّرِيقَيْنِ لِلتَّنَزُّهِ فِيهِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِيمَا يَأْتِي، فَإِنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى السَّفَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَالتَّنَزُّهِ هُنَا أَوْ كَانَ التَّنَزُّهُ هُوَ الْحَامِلَ عَلَيْهِ كَانَ كَمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الْبِلَادِ فِي تِلْكَ. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ التَّنَزُّهَ لِإِزَالَةِ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَانَ غَرَضًا صَحِيحًا دَاخِلًا فِيمَا قَدَّمَهُ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ كَسُهُولَةٍ أَوْ أَمْنٍ) أَيْ وَكَفِرَارٍ مِنْ الْمَكَّاسِينَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يَشْغَلُهَا) أَيْ النَّفْسَ بِهِ أَيْ الْمُسْتَحْسَنِ عَنْهَا أَيْ الْكُدُورَةِ ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ) دَخَلَ مَا لَوْ سَلَكَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا فِي الْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ غَرَضُهُ الْقَصْرَ فَقَطْ) يُفَارِقُ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ فِي الرُّكُوعِ لِقَصْدِ سُقُوطِ الْفَاتِحَةِ عَنْهُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَطْلُوبَةٌ لِذَاتِهَا فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَبِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مَشْرُوعَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا بِخِلَافِ الْقَصْرِ فَكَانَتْ أَهَمَّ مِنْهُ وَبِأَنَّ فِيهِ إسْقَاطَ شَطْرِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيمَا إذَا سَلَكَ الْأَطْوَلَ) أَيْ مِنْ الطَّوِيلَيْنِ بِدَلِيلٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَصْرِ إذْ لَا قَصْرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ إلَّا عَلَى الْمُقَابِلِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا بِتَسْلِيمِهَا لِأَمْرٍ خَارِجٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْقَصْرِ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَسَيُعْلَمُ إلَى فَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ إلَخْ لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِ أَنَّهُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِتْعَابَ وَانْتِفَاءَ الْغَرَضِ هُنَا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُدُولِ دُونَ أَصْلِ السَّفَرِ عَلَى أَنَّ الْإِتْعَابَ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ سَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>