للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاسْتُعْمِلَ لِتَجَاوُرِ حَدٍّ إلَى حَدٍّ كَ {أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ٢٨] أَيْ لَا يَتَجَاوَزُوا وِلَايَةَ الْمُؤْمِنِينَ إلَى وِلَايَةِ الْكَافِرِينَ (يُنَجَّسُ) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وَارِدًا وَإِلَّا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي، وَمِنْهُ فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسُ أَعْلَاهُ وَمَوْضُوعٌ عَلَى نَجِسٍ يَتَرَشَّحُ مِنْهُ مَاءٌ فَلَا يُنَجَّسُ مَا فِيهِ إلَّا إنْ فُرِضَ عَوْدُ التَّرْشِيحِ إلَيْهِ (بِالْمُلَاقَاةِ) أَيْ بِوُصُولِ النَّجِسِ الْغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ لَهُ لِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ لِعُمُومِ خَبَرِ «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَاخْتَارَ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجَّسُ مُطْلَقًا إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَّا فَالدَّلِيلُ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا تَرَى، وَإِنَّمَا تَنَجَّسَ الْمَائِعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَشُقُّ حِفْظُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فِيهِمَا وَحَيْثُ كَانَ الْمُتَنَجِّسُ الْمُلَاقِي مَاءً اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَبْلُغَ قُلَّتَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ) وَلَوْ مُتَنَجِّسًا أَوْ مُتَغَيِّرًا أَوْ مُسْتَعْمَلًا أَوْ مِلْحًا مَائِيًّا أَوْ ثَلْجًا أَوْ بَرْدًا ذَابَ وَتَنْكِيرُ الْمَاءِ لِيَشْمَلَ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ لَا يُنَافِيهِ حَدُّهُمْ الْمُطْلَقُ بِأَنَّهُ مَا يُسَمَّى مَاءً؛ لِأَنَّ هَذَا حَدٌّ بِالنَّظَرِ لِلْعُرْفِ الشَّرْعِيّ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً اخْتَصَّ بِالْمُطْلَقِ وَمَا فِي الْمَتْنِ تَعْبِيرٌ بِالنَّظَرِ لِمُطْلَقِ الْعُرْفِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ (وَلَا تَغَيُّرَ) بِهِ (فَطَهُورٌ) لِكَثْرَتِهِ حِينَئِذٍ وَمِنْ بُلُوغِهِمَا بِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

اسْتِطْرَادِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (يُنَجِّسُ) أَيْ هُوَ وَرَطْبُ غَيْرِهِ كَزَيْتٍ وَإِنْ كَثُرَ مُغْنِي عِبَارَةُ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ يُنَجَّسُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ وَهُوَ مَا يَنْقُصُ عَنْ الْقُلَّتَيْنِ بِأَكْثَرَ مِنْ رِطْلَيْنِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ، وَإِنْ كَثُرَ وَبَلَغَ قِلَالًا كَثِيرَةً بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ اهـ.

وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي) أَيْ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ طَهَارَةُ غَسَّالَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْوَارِدِ (فَوَّارٌ أَصَابَ النَّجَسُ أَعْلَاهُ) فَلَا يُنَجَّسُ أَسْفَلُهُ بِتَنَجُّسِ أَعْلَاهُ كَعَكْسِهِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ بِوُصُولِ النَّجَسِ) وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ أَوْ كَانَ الْوَاقِعُ مُجَاوِرًا أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ كَثَوْبٍ فِيهِ قَلِيلُ دَمٍ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُغَلَّظٍ أَوْ كَثِيرٌ مِنْ نَحْوِ بَرَاغِيثَ وَمِثْلُ الْمَاءِ الْقَلِيلِ كُلُّ مَائِعٍ وَإِنْ كَثُرَ وَجَامِدٌ لَاقَى رَطْبًا نَعَمْ لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا، ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ يَدُهُ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى، ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ يُنَجَّسْ بِغَمْسِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ، وَقَدْ اُعْتُضِدَ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيَدِ الْيُسْرَى نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَيُعْفَى عَمَّا تُلْقِيهِ الْفِئْرَانُ مِنْ النَّجَاسَةِ فِي حِيَاضِ الْأَخْلِيَةِ وَذَرْقِ الطُّيُورِ الْوَاقِعِ فِيهَا لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُغَيَّرْ مَا ذُكِرَ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَوْ عُفِيَ عَنْهَا فِي الصَّلَاةِ قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَعْفُوَّ عَنْهَا لَا يُنَجَّسُ بِمُلَاقَاتِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا عُفِيَ عَنْهُ هُنَا كَاَلَّذِي يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ غَيْرُ مَا عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ اهـ.

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ فُرِضَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرَشُّحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يُنَجِّسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ فَإِنْ تَرَاجَعَ تَنَجَّسَ كَمَا لَوْ سُدَّ بِنَجِسٍ (مُهِمَّةٌ)

إذَا قَلَّ مَاءُ الْبِئْرِ وَتَنَجَّسَ لَمْ يَطْهُرْ بِالنَّزْحِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ نُزِحَ فَقَعْرُ الْبِئْرِ يَبْقَى نَجِسًا، وَقَدْ تَتَنَجَّسُ جُدْرَانُ الْبِئْرِ أَيْضًا بِالنَّزْحِ بَلْ بِالتَّكْثِيرِ كَأَنْ يُتْرَكَ أَوْ يُصَبَّ عَلَيْهِ مَاءٌ لِيَكْثُرَ وَلَوْ كَثُرَ الْمَاءُ، وَتَفَتَّتَ فِيهِ شَيْءٌ نَجِسٌ كَفَأْرَةٍ تَمَعَّطَ شَعْرُهَا فَهُوَ طَهُورٌ وَيَعْسُرُ اسْتِعْمَالُهُ بِاغْتِرَافِ شَيْءٍ مِنْهُ كَدَلْوٍ إذْ لَا يَخْلُو مِمَّا تَمَعَّطَ فَيَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجَ الْمَاءُ كُلُّهُ لِيُخْرَجَ الشَّعْرُ مَعَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ فَوَّارَةً وَتَعَسَّرَ نَزْحُ الْجَمِيعِ نُزِحَ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الشَّعْرَ كُلَّهُ خَرَجَ مَعَهُ فَإِنْ اغْتَرَفَ مِنْهُ قَبْلَ النَّزْحِ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ فِيمَا اغْتَرَفَهُ شَعْرًا لَمْ يَضُرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَاءِ الْقَلِيلِ مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْمُخَصَّصُ) أَيْ الْمَفْهُومُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا تَغَيَّرَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَالدَّلِيلُ إلَخْ) أَيْ كَمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَنَجَّسَ الْمَائِعُ إلَخْ) وَيُلْتَحَقُ بِالْمَائِعَاتِ الْمَاءُ الْكَثِيرُ الْمُتَغَيِّرُ بِطَاهِرٍ نِهَايَةٌ قَالَ عَمِيرَةُ فَلَوْ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الطَّهُورِيَّةِ انْتَهَى وَعَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ بِمَ تَحْصُلُ طَهَارَتُهُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مِنْ عَمِيرَةَ بَدَلَ لَفْظِ عَدَمِ إلَخْ عَوْدُ الطَّهُورِيَّةِ اهـ وَهِيَ وَاضِحَةٌ ع ش وَتَقَدَّمَ فِي شَرْحِ فَنَجَّسَ تَفْصِيلٌ آخَرُ رَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ لَا يَشُقُّ) هُوَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الضَّعْفِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ (قَوْلُهُ الْمُلَاقَى) اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ مَا لَاقَاهُ النَّجِسُ كُرْدِيٌّ أَقْوَى عَدَمُ بُلُوغِ الْمُلَاقَى اسْمُ مَفْعُولٍ قُلَّتَيْنِ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَلَا مَعْنَى لِعِلْمِ اشْتِرَاطِهِ مِمَّا يَأْتِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَنَجِّسًا) إلَى قَوْلِهِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَمُتَنَجِّسًا) أَيْ لَا نَجِسًا كَبَوْلٍ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مُتَغَيِّرًا) بِنَحْوِ زَعْفَرَانٍ مُغْنِي عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِمُسْتَغْنًى عَنْهُ اهـ أَيْ وَخَالِصُ الْمَاءِ قُلَّتَانِ كَمَا يَأْتِي، وَمَرَّ أَيْضًا رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ مِلْحًا مَائِيًّا أَوْ ثَلْجًا إلَخْ) فِي جَعْلِهَا غَايَةً لِلْمَاءِ تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ) ، أَيْ: الْمُتَنَجِّسَ وَالْمُتَغَيِّرَ وَالْمُسْتَعْمَلَ (قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ) أَيْ الْمَاءُ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَتِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ لِكَثْرَتِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْقُلَّةُ حَتَّى لَوْ فَرَّقَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ بُلُوغِهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَكْفِي الضَّمُّ وَإِنْ لَمْ يَمْتَزِجْ صَافٍ بِكَدِرٍ لِحُصُولِ الْقُوَّةِ بِالضَّمِّ لَكِنْ إنْ انْضَمَّا بِفَتْحِ حَاجِزٍ اُعْتُبِرَ اتِّسَاعُهُ وَمُكْثِهِ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَوْ غَمَسَ كُوزَ مَاءٍ وَاسِعَ الرَّأْسِ فِي مَاءٍ كَمَّلَهُ قُلَّتَيْنِ وَسَاوَاهُ بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُمْتَلِئًا أَوْ امْتَلَأَ بِدُخُولِ الْمَاءِ فِيهِ وَمَكَثَ قَدْرًا يَزُولُ فِيهِ تَغَيَّرَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ إلَّا إنْ فُرِضَ عَوْدُ التَّرْشِيحِ) يَنْبَغِي أَوْ وُقِفَ عَنْ التَّرْشِيحِ وَاتَّصَلَ الْخَارِجُ بِمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَاءٌ قَلِيلٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ (قَوْلُهُ بِالْمُلَاقَاةِ)

فَرْعٌ

لَوْ تَنَجَّسَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَثَلًا ثُمَّ غَسَلَ إحْدَى يَدَيْهِ وَشَكَّ فِي الْمَغْسُولِ أَهُوَ الْيُمْنَى أَمْ الْيُسْرَى ثُمَّ أَدْخَلَ الْيُسْرَى فِي مَائِعٍ لَمْ تُنَجَّسْ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِأَصْلِ طَهَارَتِهِ مَعَ الِاعْتِضَادِ بِاحْتِمَالِ طَهَارَةِ الْيُسْرَى انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ) يُنَازِعُ فِيهِ مَا نَقَلُوهُ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>