مَا لَوْ كَانَ النَّجِسُ أَوْ الطَّاهِرُ بِحُفْرَةٍ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ وَفُتِحَ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، وَاتَّسَعَ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِي كُلٍّ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كَدَوْرَةِ أَحَدِهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يَزُولُ فِيهِ تَغَيُّرٌ لَوْ كَانَ أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ وَاسِعِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ كَمَا ذُكِرَ مُمْتَلِئٌ غُمِسَ بِمَاءٍ، وَقَدْ مَكَثَ فِيهِ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مَا فِيهِ مُتَغَيِّرًا زَالَ تَغَيُّرُهُ لِتَقَوِّيهِ بِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي فِي أَحْوَاضٍ تَلَاصَقَتْ الِاكْتِفَاءُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ الَّذِي يَبْلُغُ بِهِ الْقُلَّتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ.
(فَلَوْ كُوثِرَ بِإِيرَادِ) مَاءٍ (طَهُورٍ) عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنْ النَّجِسِ كَمَا أَفْهَمَهُ الْمَتْنُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ الْمُشْتَرَطِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ فِي {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: ٦] وَإِنْ كَانَ التَّحْقِيقُ نَظَرًا لِلْمَقَامِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ الْبَذْلِ لِطَلَبِ الْجَزَاءِ مُطْلَقًا (فَلَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ) لِلْقِلَّةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْوَارِدَ الْقَلِيلَ لَا يَتَنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْإِنَاءَ يَطْهُرُ حَالًا بِإِدَارَةِ مَاءٍ عَلَى جَوَانِبِهِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ مَكَثَ الْمَاءُ فِيهِ مُدَّةً قَبْلَ الْإِدَارَةِ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَيْ؛ لِأَنَّ إيرَادَهُ مَنَعَ تَنَجُّسَهُ بِالْمُلَاقَاةِ فَلَمْ يَضُرَّ تَأْخِيرُ الْإِدَارَةِ عَنْهَا مَحَلُّهُمَا فِي وَارِدٍ عَلَى حُكْمِيَّةٍ أَوْ عَيْنِيَّةٍ أَزَالَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَرَدَ عَلَى عَيْنِيَّةٍ بَقِيَ بَعْضُ أَوْصَافِهَا كَنُقْطَةِ دَمٍ أَوْ مَاءٍ مُتَنَجِّسٍ وَلَمْ يَبْلُغْهُمَا، ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَبَّ مَاءً بِإِنَاءٍ فِيهِ نَجَسٌ مَائِعٌ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِهِ طَهُرَ بِالْإِدَارَةِ ضَعِيفٌ (وَقِيلَ) هُوَ (طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) كَثَوْبٍ غُسِلَ وَيَرُدُّهُ مَفْهُومُ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ، وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ بِأَنَّ الثَّوْبَ زَالَتْ نَجَاسَتُهُ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِ دُونَ الْمَاءِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّعِيفَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَارِدًا وَطَهُورًا وَأَكْثَرَ أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ نَجَسٌ عَيْنِيٌّ وَلَا هُنَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرٍ لِفَقْدِ بَعْضِ شُرُوطِ عَطْفِهَا وَمِنْهُ أَنْ لَا يَصْدُقُ أَحَدُ مُتَعَاطِفِيهَا عَلَى الْآخَرِ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَوْ كَانَ وَاحِدُ الْمَاءَيْنِ نَجِسٌ أَوْ مُسْتَعْمَلٌ طَهُرَ؛ لِأَنَّ تَقَوِّي أَحَدِ الْمَاءَيْنِ بِالْآخَرِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ضَيِّقَ الرَّأْسِ أَوْ وَاسِعَهُ بِحَيْثُ يَتَحَرَّكُ مَا فِيهِ بِتَحَرُّكِ الْآخَرِ تَحَرُّكًا عَنِيفًا لَكِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أَوْ كَمُلَ لَمْ يَمْكُثْ زَمَنًا يَزُولُ فِيهِ التَّغَيُّرُ لَوْ كَانَ أَوْ مَكَثَ لَكِنْ لَمْ يُسَاوِهِ الْمَاءُ وَلَمْ يَطْهُرْ اهـ.
وَبِذَلِكَ عُلِمَ مَا فِي كَرَمِ الشَّارِحِ مِنْ الْإِيجَازِ (قَوْلُهُ لَوْ كَانَ النَّجِسُ أَوْ الطَّاهِرُ إلَخْ) حَقُّ التَّعْبِيرِ لِيَظْهَرَ عَطْفُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ إلَخْ لَوْ كَانَ أَحَدُ الْمَاءَيْنِ النَّجِسُ وَالطَّاهِرُ بِحُفْرَةٍ أَوْ حَوْضٍ، وَالْآخَرُ بِآخَرَ وَفُتِحَ حَاجِزٌ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَاتَّسَعَ إلَخْ) أَيْ الْفَتْحُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَضَى إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فُتِحَ (قَوْلُهُ تَحَرُّكًا عَنِيفًا إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِتَحَرَّكَ الْآخَرُ لَا لِيَتَحَرَّكَ بَصْرِيٌّ، وَجَرَى عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ عَنِيفًا قَيْدَ التَّحَرُّكِ الْآخَرِ فَقَطْ ع ش وَالْحَنَفِيُّ وَشَيْخُنَا وَالْبُجَيْرِمِيُّ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ وَالْقَلْيُوبِيِّ حَيْثُ اشْتَرَطَا تَبَعًا لِلْبُرُلُّسِيِّ التَّحَرُّكَ الْعَنِيفَ فِي الْمُحَرَّكِ وَمَا يَلِيهِ كَمَا مَرَّ كُلُّهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَزُلْ كَدَوْرَةِ أَحَدِهِمَا) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمُكَاثَرَةِ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ دُونَ الْخَلْطِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ الْحَوْضَيْنِ صَافِيًا، وَالْآخَرُ كَدِرًا وَانْضَمَّا زَالَتْ النَّجَاسَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى الِاخْتِلَاطِ الْمَانِعِ مِنْ التَّمَيُّزِ وَالْكُدْرَةِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَضَى) أَيْ بَعْدَ الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ كُوزٍ عَطْفٌ عَلَى بِحُفْرَةٍ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحْرِيكِ مُلَاصِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ سم وَاعْتَمَدَهُ ع ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ وَشَيْخُنَا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ مِنْ النَّجِسِ) أَيْ الْمُتَنَجِّسِ (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَ) أَيْ كَوْنُ الْوَارِدِ أَكْثَرَ الْمَتْنِ أَيْ قَوْلُهُ كُوثِرَ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلضَّعِيفِ إلَخْ) دَفْعٌ لِمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْأَكْثَرِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِفْهَامُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَثِيرًا كَانَ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ قَلِيلًا (قَوْلُهُ لِلْقِلَّةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلِأَنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ الْمَاءِ أَنْ يَكُونَ غَاسِلًا لَا مَغْسُولًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِمَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ فِي وَارِدٍ إلَخْ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ أَزَالَ جَمِيعَ أَوْصَافِهَا) أَيْ مَعَهَا (قَوْلُهُ أَوْ مَاءٍ مُتَنَجِّسٍ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَقِيلَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ) وَفِي الْكِفَايَةِ وَغَيْرِهَا مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ مُتَغَيِّرًا أَمْ لَا مُغْنِي، وَقِيلَ هُوَ طَهُورٌ رَدًّا بِغَسْلِهِ إلَى أَصْلِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا جَوَابٌ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ دُونَ الْمَاءِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقِيلَ يَقُولُ بِزَوَالِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم أَقُولُ بَلْ ذَلِكَ جَوَابٌ بِالْفَرْقِ بِزَوَالِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ زَوَالِهَا فِي الْمَاءِ الْمَقِيسِ (قَوْلُهُ إنَّ الضَّعِيفَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَارِدًا إلَخْ) فَلَوْ انْتَفَى الْكَثْرَةُ أَوْ الْإِيرَادُ أَوْ الطَّهُورِيَّةُ أَوْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ لَمْ يَطْهُرْ جَزْمًا فَهَذِهِ الْقُيُودُ شَرْطٌ لِلْقَوْلِ بِالطَّهَارَةِ لَا لِلْقَوْلِ بِعَدَمِهَا فَلَوْ قَالَ فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُمَا لَمْ يَطْهُرْ، وَقِيلَ إنْ كُوثِرَ إلَخْ فَهُوَ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَانَ أَوْلَى مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِنْهُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْقُودَ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَيْضًا أَنْ يُسْبَقَ بِإِيجَابٍ أَوْ أَمْرٍ أَوْ نِدَاءٍ وَقَدْ سُبِقَتْ هُنَا بِإِيجَابٍ سم.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَصْدُقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُغَايِرًا لِمَا قَبْلَهَا كَقَوْلِك جَاءَنِي رَجُلٌ لَا امْرَأَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِك جَاءَنِي رَجُلٌ لَا زَيْدٌ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَصْدُقُ عَلَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِي تَوْجِيهِ إطْلَاقِ الْمُتَغَيِّرِ كَثِيرًا بِمَا لَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بِهِ فَرَاجِعْهُ يَظْهَرُ لَك ذَلِكَ (قَوْلُهُ بِتَحَرُّكِ الْمُلَاصِقِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ بِالِاكْتِفَاءِ بِتَحَرُّكِ كُلِّ مُلَاصِقٍ بِتَحْرِيكِ مُلَاصِقِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِتَحْرِيكِ غَيْرِهِ إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قُلَّتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ عَنْ قِيَاسِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا جَوَابٌ بِمَحَلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ دُونَ الْمَاءِ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقِيلَ يَقُولُ بِزَوَالِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْمَفْقُودَ أَكْثَرُ