تَضُرُّ مُطْلَقًا وَجَمْعٌ مِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ تَنْقِيحِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الطَّرْحُ مُطْلَقًا، وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ (تَنْبِيهٌ آخَرُ)
يَظْهَرُ مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ نَدْبُ غَمْسِ الذُّبَابِ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَنْعِهِ فَإِنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَبْعُدْ، ثُمَّ رَأَيْت الدَّمِيرِيِّ صَرَّحَ بِالنَّدْبِ وَبِتَعْمِيمِهِ قَالَ: لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى ذُبَابًا لُغَةً إلَّا النَّحْلَ لِحُرْمَةِ قَتْلِهِ اهـ، وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْته، وَتِلْكَ التَّسْمِيَةُ شَاذَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهَا فِي الْقَامُوسِ، وَعِبَارَتُهُ وَالذُّبَابُ مَعْرُوفٌ وَالنَّحْلُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَظْهَرِ وَمَا هُنَا أَوْلَى إذْ لَا فَرْقَ لِلْخِلَافِ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ.
(وَكَذَا) يُسْتَثْنَى (فِي قَوْلٍ نَجِسٌ) غَيْرُ مُغَلَّظٍ وَلَيْسَ بِفِعْلِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ (لَا يُدْرِكُهُ) لِقِلَّتِهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ أَيُدْرِكُهُ أَوْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ (طَرَفٌ) أَيْ بَصَرٌ مُعْتَدِلٌ مَعَ فَرْضِ مُخَالَفَةِ لَوْنِ الْوَاقِعِ عَلَيْهِ لَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَا وَقَعَ فِيهِ أَوْ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إلَّا عَلَى ضَعِيفٍ جَازَ لَهُ تَقْلِيدُهُ بِشَرْطِهِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهِ أَمَّا عَلَى رَأْيِ جَمَاعَةٍ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ فَلَا إشْكَالَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ، وَعَلَى الرَّاجِحِ السَّابِقِ فِي الْمَطْرُوحِ اسْتَثْنَى الدَّارِمِيُّ مَا يَحْتَاجُ لِطَرْحِهِ كَوَضْعِ لَحْمٍ مُدَوِّدٍ فِي قِدْرِ الطَّبِيخِ فَمَاتَ مَعَهُ دُودٌ فَلَا يُنَجِّسُهُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ طَرَحَهُ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ سَائِرُ صُوَرِ الْحَاجَةِ انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِ أَوْ غَيْرِهِ نَشَأَتْ مِنْ الْمَائِعِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ مَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْإِطْلَاقَيْنِ (قَوْلُهُ بَلْ قِيلَ بِمَنْعِهِ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ اخْتِصَاصُ النَّدْبِ بِالذُّبَابِ وَالْحُرْمَةِ بِالنَّحْلِ.
(قَوْلُهُ لَا يَأْتِي فِي غَيْرِهِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ طُلِبَ غَمْسُ الذُّبَابِ وَهُوَ مُقَاوَمَةُ الدَّوَاءِ الدَّاءَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ مَا ذَكَرْته) أَيْ مَنْعُ غَمْسِ غَيْرِ الذُّبَابِ عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ الْغَمْسُ خَاصٌّ بِالذُّبَابِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَحْرُمُ غَمْسُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إهْلَاكِهِ انْتَهَتْ اهـ ع ش قَالَ النِّهَايَةُ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ التَّغَيُّرُ بِهِ أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ بِهِ وَيُغَيِّرُهُ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ اهـ زَادَ سم عَلَى صَاحِبِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَخْذًا مِنْ عَدَمِ حُرْمَةِ الْبَوْلِ فِيهِ، وَكَذَا فِيهِ إذَا أَدَّى إلَى تَضَمُّنٍ بِالنَّجَاسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالنَّحْلُ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالنَّحْلُ ذُبَابُ الْعَسَلِ وَاحِدَتُهَا بِهَاءٍ اهـ أَيْ مُفْرَدُهَا نَحْلَةٌ بِالتَّاءِ أُوقْيَانُوسُ (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا) أَيْ التَّعْبِيرُ بِالْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ) أَيْ إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ إلَخْ.
قَوْلُ الْمَتْنِ (نَجِسٌ لَا يُدْرِكُهُ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ أُجِيبَ بِمَا إذَا عَفَّ الذُّبَابُ عَلَى نَجِسٍ رَطْبٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ مَائِعٍ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ مَعَ أَنَّهُ عَلَّقَ فِي رِجْلِهِ نَجَاسَةً لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا رَآهُ قَوِيُّ الْبَصَرِ دُونَ مُعْتَمَدٍ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَجَّسُ أَيْضًا شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُغَلَّظٍ) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَاعْتَمَدَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُغَلَّظِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِفِعْلِهِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَلَوْ رَأَى ذُبَابَةً عَلَى نَجَاسَةٍ أَيْ رَطْبَةٍ فَأَمْسَكَهَا حَتَّى أَلْصَقَهَا بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ طَرَحَهَا فِي نَحْوِ مَاءٍ قَلِيلٍ اُتُّجِهَ التَّنْجِيسُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أُلْقِيَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةَ مَيْتَةً فِي ذَلِكَ اهـ.
وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَالْبُجَيْرِمِيِّ مِنْ أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ قَيَّدَ الْعَفْوَ بِمَا إذْ الَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ الْإِطْلَاقُ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّمْلِيِّ عَلَى مَا فِي غَيْرِ النِّهَايَةِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَلَى شَرْحِ بَافَضْلٍ قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ كَذَلِكَ التُّحْفَةُ وَغَيْرُهَا، وَاعْتَمَدَهُ الزِّيَادِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلَبِيُّ وَنَقَلَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الْجَمَالِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ ارْتَضَى الْعَفْوَ، وَإِنْ حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَقَالَ الْقَلْيُوبِيُّ سَوَاءٌ وَقَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ وَلَوْ قَصْدًا بِدَلِيلِ إطْلَاقِهِ مَعَ التَّفْصِيلِ فِي الْمَيْتَةِ، وَبَعْضُهُمْ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ انْتَهَى، وَعَبَّرَ الشَّارِحُ فِي الْإِمْدَادِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَحْصُلْ بِفِعْلِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُنَازَعُ فِيهِ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمٍ نَحْوُ الْقَمْلَةِ الْمَقْتُولَةِ قَصْدًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخِلَافِ هَذَا انْتَهَى.
وَفِيمَا نَقَلَهُ عَنْ سم مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِقِلَّتِهِ) كَنُقْطَةِ بَوْلٍ وَخَمْرٍ وَمَا يَعْلَقُ بِنَحْوِ رِجْلِ ذُبَابَةٍ عِنْدَ الْوُقُوعِ فِي النَّجَاسَةِ فَيُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ بَصَرٍ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَى رَطْبًا (قَوْلُهُ أَيْ بَصَرٍ مُعْتَدِلٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةِ الشَّمْسِ قَلْيُوبِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ لَا يُرَى لِلْبَصَرِ الْمُعْتَدِلِ مَعَ عَدَمِ مَانِعٍ فَلَوْ رَأَى قَوِيُّ النَّظَرِ مَا لَا يَرَاهُ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ كَمَا فِي نِدَاءِ الْجُمُعَةِ نَعَمْ يَظْهَرُ فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ الْمُعْتَدِلُ فِي الظِّلِّ وَيُدْرِكُهُ بِوَاسِطَةِ الشَّمْسِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِإِدْرَاكِهِ لَهُ بِوَاسِطَتِهَا لِكَوْنِهَا تَزِيدُ فِي التَّجَلِّي فَأَشْبَهَتْ رُؤْيَتُهُ حِينَئِذٍ رُؤْيَةَ حَدِيدِ الْبَصَرِ اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ فَرْضِ مُخَالَفَتِهِ إلَخْ) عُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ إذَا وَقَعَ عَلَى ثَوْبٍ أَحْمَرَ، وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَبْيَضُ رُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُرَ عَلَى الْأَحْمَرِ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ أَيْ كَدَمِ الْمَنَافِذِ أَوْ دَمٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّ يَسِيرَ الدَّمِ يُعْفَى عَنْهُ، ثُمَّ الْكَلَامُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِفَرْدٍ (قَوْلُهُ نُدِبَ غَمْسُ الذُّبَابِ إلَخْ) مَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ نَدْبُهُ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ التَّغَيُّرُ بِهِ أَيْ بِأَنْ يَمُوتَ بِهِ، وَيُغَيَّرُ وَإِلَّا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ الْمَالِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَاءِ الْقَلِيلِ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ حُرْمَةِ الْبَوْلِ فِيهِ وَكَذَا فِيهِ إذَا أَدَّى إلَى تَضَمُّخٍ بِالنَّجَاسَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إتْلَافٌ أَنَّ مَظِنَّةَ الْحَاجَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الظَّاهِرِ الْمُجَرَّبِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَمْسِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ نُدِبَ م ر.
(قَوْلُهُ غَيْرُ مُغَلَّظٍ) كَذَا قَيَّدَ وَخُولِفَ (قَوْلُهُ