فَلَا يُنَجَّسُ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي فِي نَظِيرِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ رَطْبًا لِلْمَشَقَّةِ أَيْضًا أَيْ نَظَرًا لِمَا مِنْ شَأْنِهِ، وَمِنْ ثَمَّ مَثَّلُوهُ بِنُقْطَةِ خَمْرٍ (قُلْت ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ) مِنْ الْقَوْلِ الْآخَرِ الَّذِي لَا يُسْتَثْنَى هَذَا (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) .
وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى اسْتَوْعَبْتهَا مَعَ بَيَانِ مَا فِيهَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مِنْهَا مَا عَلَى رِجْلِ الذُّبَابِ وَإِنْ رُئِيَ وَيَسِيرٌ عُرْفًا مِنْ شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
فِيمَا لَوْ فُرِضَ بِالْفِعْلِ وَخَالَفَ أَمَّا لَوْ اتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ أَصْلًا وَشَكَّ فِي كَوْنِهِ يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ بِهِ، وَنَحْنُ لَا نُنَجِّسُ مَعَ الشَّكِّ اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا يُنَجِّسُ إلَخْ) وَلَوْ وَقَعَ الذُّبَابُ عَلَى دَمٍ، ثُمَّ طَارَ وَوَقَعَ عَلَى نَحْوِ ثَوْبٍ اُتُّجِهَ الْعَفْوُ جَزْمًا؛ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا بِالْعَفْوِ فِي الدَّمِ الْمُشَاهَدِ فَلَأَنْ نَقُولَ بِهِ فِيمَا لَمْ يُشَاهَدْ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ إلَخْ) خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الثَّانِي، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَيْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَوُقُوعِهِ فِي مَحَالَّ وَهُوَ قَوِيٌّ لَكِنْ قَالَ الْجِيلِيُّ صُورَتُهُ أَنْ يَقَعَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، وَإِلَّا فَلَهُ حُكْمُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ إشَارَةٌ إلَيْهِ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ غَرِيبٌ.
قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوْجَهُ تَصْوِيرُهُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ اهـ زَادَ الْمُغْنِي وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.
وَفِي النِّهَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامٌ آخَرُ قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ سم وَالْبَصْرِيُّ لَكِنْ حَمَلَهُ ع ش عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ وَارْتَضَى بِهِ شَيْخُنَا عِبَارَتَهُ أَيْ شَيْخُنَا وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي النَّجَاسَةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ أَوْ مَحَالَّ لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ مَا يُحَسُّ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ أَيْ حَيْثُ كَثُرَ عُرْفًا وَإِلَّا فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا قَالَهُ الشبراملسي عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ عَطِيَّةُ الْعَفْوَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى حِدَتِهِ اهـ.
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ إنَّ مُعْتَمَدَ النِّهَايَةِ مَا ذَكَرَهُ آخِرًا بِقَوْلِهِ لَكِنْ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ إلَخْ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَالَ الشَّيْخُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ حِكَايَةٍ لِمَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّيْخُ اهـ وَاعْتَمَدَ سم أَيْضًا مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِمَا نَصُّهُ عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ، وَيُتَّجَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ مُحَمَّدٌ الرَّمْلِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ رَطْبًا) وَكَذَا جَافًّا كَثَوْبٍ وَبَدَنٍ جَافَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَكَذَا يُعْفَى عَنْهُ لَا كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ إنَّ مِنْ النَّجِسِ مَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ كَنَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرْفُ اتَّصَلَتْ بِمَأْكُولٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَغُبَارِ سِرْجِينٍ اتَّصَلَ بِطَعَامٍ أَوْ دَخَلَ الْفَمَ لَا يَحْرُمُ ابْتِلَاعُهُ، وَكَذَا قَلِيلُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ انْتَهَى سم (قَوْلُهُ أَيْ نَظَرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشُقَّ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَفْرَادِ لَا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَنُقْطَةِ خَمْرٍ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَلَا تَرَى أَنَّ دَمَ نَحْوِ الْبَرَاغِيثِ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ وَلَوْ فِي نَاحِيَةٍ تَنْدُرُ فِيهَا الْبَرَاغِيثُ نَظَرًا لِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ وَجِنْسِهِ إلَخْ انْتَهَى اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَا مِنْ شَأْنِهِ) أَيْ الْمَشَقَّةُ.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ حَيْثُ قِيلَ بِالْعَفْوِ عَنْهَا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي سم مَا نَصُّهُ قِيلَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْحُكْمُ بِالتَّنْجِيسِ، وَلَكِنْ يُعْفَى عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ جَزْمٌ بِاعْتِمَادِهِ حَتَّى يُجْعَلَ مُخَالِفًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ م ر ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْهَا مَا عَلَى رِجْلِ الذُّبَابِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَقَعُ مِنْ بَعْرِ الشَّاةِ فِي اللَّبَنِ فِي حَالِ الْحَلْبِ فَلَوْ شَكَّ أَوَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ إذْ شَرْطُ الْعَفْوِ لَمْ نَتَحَقَّقْهُ نِهَايَةٌ وَسَمِّ قَالَ ع ش وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعَفْوِ أَيْضًا تَلْوِيثُ ضَرْعِ الدَّابَّةِ بِنَجَاسَةٍ تَتَمَرَّغُ فِيهَا أَوْ تُوضَعُ عَلَيْهِ لِمَنْعِ وَلَدِهَا مِنْ شُرْبِهَا وَمَا لَوْ وُضِعَ الْإِنَاءُ فِي الرَّمَادِ أَوْ التَّنُّورِ لِتَسْخِينِهِ فَتَطَايَرَ مِنْهُ رَمَادٌ وَوَصَلَ لِمَا فِي الْإِنَاءِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَسِيرٌ إلَخْ) وَقَلِيلُ الدَّمِ الْبَاقِي عَلَى اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ شَرْحُ بَافَضْلٍ.
وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْقَلِيلِ (قَوْلُهُ عُرْفًا إلَخْ) وَفِي حَاشِيَةِ الْهَاتِفِيِّ عَلَى التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ اقْتِصَارَ الرَّافِعِيِّ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَوْ اجْتَمَعَ لَكَثُرَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَوْ كَانَ بِمَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَ لَرُئِيَ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَجْمُوعُ يَسِيرًا عُرْفًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ أَقَرَّ م ر شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلِهِ إنَّ الْوَجْهَ التَّصْوِيرُ بِالْيَسِيرِ عُرْفًا لَا بِوُقُوعِهِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ: وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَفْوَ عَمَّا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ بِمَا إذَا لَمْ يَكْثُرْ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي دَفَعَاتٍ مَا يُحَسُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ مَعَ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ رَطْبًا) وَكَذَا جَافٍّ كَثَوْبٍ وَبَدَنٍ جَافَّيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا يُعْفَى عَنْهُ لَا كُلُّ مَا اتَّصَلَ بِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اعْتِرَاضًا عَلَى عَدَمِ جَامِعِيَّةِ تَعْرِيفِ النَّجَاسَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ مَا نَصُّهُ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّجِسِ مَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ كَنَجَاسَةٍ لَا يُدْرِكُهَا الطَّرَفُ اتَّصَلَتْ بِمَأْكُولٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَغُبَارٍ سِرْجِينٌ اتَّصَلَ بِطَعَامٍ أَوْ دَخَلَ الْفَمَ لَا يَحْرُمُ ابْتِلَاعُهُ وَكَذَا قَلِيلُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ.
(قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صُوَرٌ أُخْرَى) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَنَقَلَ ابْنُ الْعِمَادِ