نَعَمْ الْمَرْكُوبُ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِ شَعْرِهِ وَمِنْ دُخَانٍ أَوْ بُخَارٍ تَصَعَّدَ بِنَارٍ وَإِلَّا كَبُخَارِ كَنِيفٍ وَرِيحِ دُبُرٍ رَطْبٍ فَطَاهِرٌ، وَبَحَثَ الْقَمُولِيُّ نَجَاسَةَ جَمِيعِ رَغِيفٍ أَصَابَهُ كَثِيرُهُ لِرُطُوبَتِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ جَامِدٌ فَلَا يَتَنَجَّسُ إلَّا مُمَاسَّةً فَقَطْ وَلَا يُطَهِّرُهُ الْمَاءُ وَمِنْ غُبَارِ سِرْجِينٍ وَمَا عَلَى مَنْفَذِ غَيْرِ آدَمِيٍّ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
كَابْنِ الصَّبَّاغِ عَلَى شَعْرَتَيْنِ وَسُلَيْمٍ عَلَى ثَلَاثٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّحْدِيدُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ انْتَهَى وَفِي الْإِمْدَادِ وَالْإِيعَابِ لَوْ قُطِّعَتْ شَعْرَةٌ أَوْ رِيشَةٌ أَرْبَعًا فَكَالْوَاحِدَةِ وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ لَوْ خُلِطَ زَبَادٌ فِيهِ شَعْرَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ بِزَبَادٍ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ لَا شَيْءَ فِيهِ بَحَثَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحَلَّ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ شَعْرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ مَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ فَعَلَيْهِ يُنَجَّسُ الزَّبَادَانِ انْتَهَى اهـ كُرْدِيٌّ أَقُولُ لَا يَبْعُدُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي طَرْحِ مَيْتَةٍ لَا دَمَ إلَخْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلْطُ لِحَاجَةٍ (قَوْلُهُ نَعَمْ الْمَرْكُوبُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ لِلرَّاكِبِ اهـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ عَبَّرَ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحَيْ الْإِرْشَادِ وَالْخَطِيبِ وَالزِّيَادِيِّ وَغَيْرِهِمْ بِالْعَفْوِ عَنْ كَثِيرِ شَعْرِ الْمَرْكُوبِ وَظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ يُفِيدُ وَلَوْ لِغَيْرِ الرَّاكِبِ خِلَافُ مَا جَرَى عَلَيْهِ هُنَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَيْهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِيعَابِ اهـ أَقُولُ وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ شَيْخِنَا وَيُعْفَى عَنْهُ فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمِنْ دُخَانٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّارِحَ قَدْ ذَكَرَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ قِلَّةَ الدُّخَانِ وَكَثْرَتَهُ تُعْرَفُ بِالْأَثَرِ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ كَصُفْرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ صُفْرَتُهُ فِي الثَّوْبِ قَلِيلَةً فَهُوَ قَلِيلٌ وَإِلَّا فَهُوَ كَثِيرٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْعَفْوُ عَنْ الدُّخَانِ فِي الْمَاءِ أَوْلَى مِنْهُ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ وَيُدْرَكُ فَيُعْلَمُ وُجُودُهُ وَتُدْرَكُ قِلَّتُهُ وَكَثْرَتُهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِذَا عُفِيَ عَنْ قَلِيلِهِ الْمُشَاهَدِ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ فَأَوْلَى فِي الْمَاء اهـ.
فَأَفَادَ كَمَا تَرَى فِي الضَّرِّ وَاشْتِرَاطِ الْأَثَرِ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ، وَنَقَلَ الْهَاتِفِيُّ عَلَى التُّحْفَةِ عَنْ الْإِيعَابِ أَنَّهُ لَوْ أُوقِدَ نَجَاسَةٌ تَحْتَ الْمَاءِ، وَاتَّصَلَ بِهِ قَلِيلُ دُخَانٍ لَمْ يَتَنَجَّسْ أَوْ كَثِيرُهُ فَيَتَنَجَّسُ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ دُخَانِ النَّجِسِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِفِعْلِهِ أَوْ لَا وَلَكِنْ فِي الْإِيعَابِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ شَرْطَ الْعَفْوِ أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَأَقَرَّهُ وَفِي الشبراملسي عَلَى النِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَيُعْفَى عَنْ قَلِيلِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ وُصُولُهُ لِلْمَاءِ وَنَحْوِهِ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْبَخُورُ بِالنَّجِسِ أَوْ الْمُتَنَجِّسِ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِنْ قَلَّ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ وَمِنْ الْبَخُورِ أَيْضًا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ تَبْخِيرِ الْحَمَّامَاتِ انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْوُصُولَ بِسَبَبِ الْإِيقَادِ الْمَذْكُورِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْوُصُولِ بِسَبَبِ التَّبْخِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ تَصَعَّدَ) أَيْ الْبُخَارُ (قَوْلُهُ كَبُخَارِ كَنِيفٍ) أَيْ بَيْتِ الْخَلَاءِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ فَطَاهِرٌ) فَلَوْ مَلَأَ مِنْهُ قِرْبَةً وَحَمَلَهَا عَلَى ظَهْرِهِ وَصَلَّى بِهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ جَمِيعُ رَغِيفٍ إلَخْ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ جَمِيعَ ظَاهِرِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ كَثِيرُهُ) أَيْ الدُّخَانِ وَقَوْلُهُ لِرُطُوبَتِهِ أَيْ عِنْدَ رُطُوبَتِهِ وَقَبْلَ التَّخْبِيزِ (قَوْلُهُ وَمِنْ غُبَارِ سِرْجِينٍ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَحْمِلُهُ الرِّيحُ كَالذَّرِّ مُغْنِي عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَمِنْهَا السِّرْجِينُ الَّذِي يُخْبَزُ بِهِ فَيُعْفَى عَنْ الْخَبْزِ سَوَاءٌ أَكَلَهُ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي مَائِعٍ كَلَبَنٍ وَطَبِيخٍ وَمِثْلُهُ الْخُبْزُ الْمُقَمَّرُ فِي الدَّمْسِ فَلَوْ فُتَّ فِي اللَّبَنِ وَغَيْرِهِ عُفِيَ عَنْهُ، وَهَلْ يُعْفَى عَنْ حَمْلِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا يُعْفَى وَخَالَفَ الْعَلَّامَةُ الْخَطِيبُ فَقَالَ يُعْفَى عَنْهُ فِيهَا اهـ زَادَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْفَمِ مِنْهُ لِنَحْوِ الصَّلَاةِ، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.
وَعِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ عَنْ شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ الْحِنْطَةَ مِنْ الْبَوْلِ وَالرَّوْثِ حَالَ الدِّيَاسَةِ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَالْأَحْوَطُ الْمُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْفَمِ مِنْ أَكْلِهِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يُسَنَّ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُعْفَى عَنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمَا عَلَى مَنْفَذٍ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا عَلَى رِجْلِ إلَخْ أَيْ يُعْفَى عَنْهُ إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ مَثَلًا سَوَاءٌ أَغَلَبَ وُقُوعُهُ فِيهِ أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطْرَأَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ شَرْحُ بَافَضْلٍ قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعَفْوُ هُنَا عَنْ مَنْفَذِ الْحَيَوَانِ، وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ الْمَاءَ بِفِعْلِ غَيْرِهِ اهـ وَقَالَ فِي الْإِيعَابِ هُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِفِعْلِهِ أَيْ الْغَيْرِ وَهُوَ قِيَاسُ كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ بَحَثَ هَذَا انْتَهَى اهـ كَلَامُ الْكُرْدِيِّ.
(قَوْلُهُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ) كَأَنْ بَالَ الْحِمَارُ أَوْ رَاثَ وَبَقِيَ أَثَرُ ذَلِكَ بِمَنْفَذِهِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ قَالَ الشَّارِحُ فِي الْحَاشِيَةِ يُعْفَى عَمَّا فِي الْمَنْفَذِ مِنْ النَّجَسِ الْخَارِجِ مِنْهُ لَا غَيْرُهُ وَلَوْ مِنْ جَوْفِهِ كَقَيْئِهِ انْتَهَى اهـ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْعَفْوَ عَنْ بَعْرِ شَاةٍ وَقَعَ فِي اللَّبَنِ حَالَ الْحَلْبِ فَلَوْ وُجِدَ بَعْرٌ فِي لَبَنٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ وَقَعَ فِي حَالِ الْحَلْبِ أَوْ لَا فَالْوَجْهُ الْحُكْمُ بِنَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي اللَّبَنِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبَبُ الْعَفْوِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وُجِدَتْ نَجَاسَةٌ فِي مَاءٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ حَيْثُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقِلَّةِ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ