للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ جَاءَ أَوَّلَ سَاعَةٍ أَوْ وَسَطَهَا أَوْ آخِرَهَا يَشْتَرِكُونَ فِي أَصْلِ الْبَدَنَةِ مَثَلًا لَكِنَّهُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي كَمَالِهَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ فِي الْخَبَرِ بِالرَّوَاحِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْخُرُوجِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْ ثَمَّ أَخَذَ مِنْهُ غَيْرُنَا أَنَّ السَّاعَاتِ مِنْ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا يُؤْتَى بِهِ بَعْدَهُ عَلَى أَنَّ الْأَزْهَرِيَّ قَالَ: إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ حَقِيقَةً أَيْضًا فِي مُطْلَقِ السَّيْرِ، وَلَوْ لَيْلًا وَبِتَسْلِيمٍ أَنَّ هَذَا مَجَازٌ تَتَعَيَّنُ إرَادَتُهُ لِخَبَرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْمَذْكُورِ

أَمَّا الْإِمَامُ فَيُسَنُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى وَقْتِ الْخُطْبَةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَقَدْ يَجِبُ التَّبْكِيرُ كَمَا مَرَّ فِي بَعِيدِ الدَّارِ وَيُسَنُّ لِمُطِيقِ الْمَشْيِ أَنْ يَأْتِيَ إلَيْهَا كَكُلِّ عِبَادَةٍ (مَاشِيًا) إلَّا لِعُذْرٍ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «مِنْ غَسَلَ» أَيْ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الْأَرْجَحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَيْ رَأْسَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ الْجِمَاعِ لَيْلَتَهَا أَوْ يَوْمَهَا كَذَا قَالُوهُ وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَوْمَهَا أَفْضَلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ أَصَالَةً كَفُّ بَصَرِهِ عَمَّا لَعَلَّهُ يَرَاهُ فَيَشْتَغِلُ قَلْبُهُ وَكُلَّمَا قَرُبَ مِنْ خُرُوجِهِ يَكُونُ أَبْلَغَ فِي ذَلِكَ «وَاغْتَسَلَ وَبَكَّرَ» أَيْ بِالتَّشْدِيدِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَتَى بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَبِالتَّخْفِيفِ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ بَاكِرًا «وَابْتَكَرَ» أَيْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الْخُطْبَةِ أَوْ تَأْكِيدٌ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ أَيْ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ «وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ» أَيْ مِنْ مَحَلِّ خُرُوجِهِ إلَى مُصَلَّاهُ فَلَا يَنْقَطِعُ الثَّوَابُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ بِوُصُولِهِ لِلْمَسْجِدِ بَلْ يَسْتَمِرُّ فِيهِ أَيْضًا إلَى مُصَلَّاهُ، وَكَذَا فِي الْمَشْيِ لِكُلِّ صَلَاةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ فِي خَبَرٍ صَحِيحٍ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ نَحْوِ الصَّلَاةِ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ لِمَا يَأْتِي فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ مُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فِيهِ إلَى مَا يَفُوقُ هَذَا بِمَرَاتِبَ لَا سِيَّمَا إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا نَحْوُ جَمَاعَةٍ وَسِوَاكٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ مُكَمِّلَاتِهَا وَأَنْ يَكُونَ طَرِيقُ ذَهَابِهِ أَطْوَلَ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَيَتَخَيَّرُ فِي عَوْدِهِ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ كَمَا يَأْتِي فِي الْعِيدِ وَأَنْ يَكُونَ مُشَبَّهٌ (بِسَكِينَةٍ)

ــ

[حاشية الشرواني]

حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ أَيْ طَوَوْا الصُّحُفَ فَلَمْ يَكْتُبُوا أَحَدًا» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَاءَ إلَخْ) وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْمَجِيءِ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَنْزِلِ إلَى الْمَسْجِدِ أَوْ الدُّخُولِ فِيهِ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَنُقِلَ فِي الدَّرْسِ عَنْ الزِّيَادِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.

نَعَمْ الْمَشْيُ لَهُ ثَوَابٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى ثَوَابِ دُخُولِهِ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ غَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْخُرُوجِ إلَخْ) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ اسْمٌ لِلرُّجُوعِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» وَعَلَيْهِ فَالْفُقَهَاءُ ارْتَكَبُوا فِيهِ مَجَازَيْنِ حَيْثُ اسْتَعْمَلُوهُ فِي الذَّهَابِ وَفِيمَا قَبْلَ الزَّوَالِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا مَجَازٌ) أَيْ الْخُرُوجُ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعْنًى مَجَازِيٌّ لِلرَّوَاحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ بَكَّرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ التَّبْكِيرِ وَحِكْمَتُهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ أَهْيَبُ لَهُ وَأَعْظَمُ فِي النُّفُوسِ وَتَأْخِيرُهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ يَجُوزُ أَنْ يُثَابَ عَلَيْهِ ثَوَابًا يُسَاوِي ثَوَابَ الْمُبَكِّرِينَ أَوْ يَزِيدُ ع ش (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَخْ) وَيُلْحَقُ بِالْإِمَامِ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ وَإِطْلَاقُهُ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ التَّبْكِيرِ لِلْعَجُوزِ إنْ اسْتَحْسَنَّا حُضُورَهَا وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى الَّذِي هُوَ فِي مَعْنَى الْعَجُوزِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّبْكِيرُ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ أَمِنَ تَلْوِيثَ الْمَسْجِدِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ السَّلَسَ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَظِنَّةً لِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَلَوْ عَلَى الْقُطْنَةِ وَالْعِصَابَةِ وَقَوْلُهُ: إنْ اسْتَحْسَنَّا إلَخْ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَيِّنَةً وَلَا مُتَعَطِّرَةً ع ش (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ التَّبْكِيرُ إلَخْ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ بِمِقْدَارٍ يَتَوَقَّفُ فِعْلُ الْجُمُعَةِ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ عِبَادَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ سم (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنْ قَدَرَ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بِالتَّخْفِيفِ) الْأَوْلَى هُوَ بِالتَّخْفِيفِ (قَوْلُهُ: أَيْ رَأْسُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَتَخْفِيفُ غَسَلَ أَرْجَحُ مِنْ تَشْدِيدِهَا وَمَعْنَاهُمَا غُسْلُ إمَّا حَلِيلَتُهُ بِأَنْ جَامَعَهَا فَالْجَأْهَا إلَى الْغُسْلِ إذْ يُسَنُّ لَهُ الْجِمَاعُ فِي هَذَا الْيَوْمِ لِيَأْمَنَ إلَخْ أَوْ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ بِأَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ اغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ أَوْ ثِيَابِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الرَّأْسَ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ فِيهِ نَحْوَ دُهْنٍ وَخِطْمِيٍّ وَكَانُوا يَغْسِلُونَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَغْتَسِلُونَ وَاخْتِيرَ الْأَخِيرُ. اهـ. أَيْ قَوْلُهُ: أَوْ ثِيَابِهِ وَرَأْسِهِ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ مِنْ هُنَا وَذِكْرُهُ قُبَيْلَ أَتَى إلَخْ وَقُبَيْلَ خَرَجَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْكِيدٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَة وَالْمُغْنِي وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا تَأْكِيدًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) أَيْ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ لَوْ فَعَلَ ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ طَرِيقُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: أَوْ اُحْضُرُوا وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ طَرِيقُ ذَهَابِهِ أَطْوَلَ) أَيْ مِنْ طَرِيقِ رُجُوعِهِ إنْ أَمِنَ الْفَوْتَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَتَخَيَّرُ فِي عَوْدِهِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَوْدُ قُرْبَةً أَيْضًا كَمَا إذَا قُصِدَ بِهِ إينَاسُ أَهْلِهِ وَالْقِيَامُ بِمُهِمٍّ شَرْعِيٍّ يَتَعَلَّقُ بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ أَوْ صِيَانَةِ جَوَارِحِهِ وَقَوَّاهُ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْمُتَوَقَّعَةِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الْمَنْزِلِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْأَصْحَابِ فِي تَقْيِيدِهِمْ الْمَشْيَ بِالذَّهَابِ وَهُوَ خَبَرُ مُسْلِمٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ إلَخْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مَشْيُهُ بِسَكِينَةٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ وَكَمَا يُسْتَحَبُّ عَدَمُ الرُّكُوبِ هُنَا إلَّا لِعُذْرٍ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَمَنْ رَكِبَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ سَيَّرَ دَابَّتَهُ بِسُكُونٍ كَالْمَاشِي مَا لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الرُّكُوبُ أَفْضَلَ لِمَنْ يُجْهِدُهُ الْمَشْيُ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ بُعْدِ مَنْزِلٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مَا يَنَالُهُ مِنْ التَّعَبِ الْخُشُوعَ وَالْحُضُورَ فِي الصَّلَاةِ عَاجِلًا. اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ أَيْ بَلْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

حُصُولِ الْبَدَنَةِ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى كَوْنِ الْمَجِيءِ مَسْبُوقًا بِالِاغْتِسَالِ وَالثَّوَابُ أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ (فَرْعٌ) دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ وَعَادَ إلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ بَدَنَةٌ وَبَقَرَةٌ الْوَجْهُ لَا بَلْ خُرُوجُهُ يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْبَدَنَةِ بِكَمَالِهَا بَلْ يَنْبَغِي عَدَمُ حُصُولِهَا لِمَنْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ أَنَّهَا لِمَنْ دَخَلَ وَاسْتَمَرَّ، وَلَوْ حَصَلَا لَهُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَنْ غَابَ، ثُمَّ رَجَعَ أَكْمَلَ مِمَّنْ لَمْ يَغِبْ وَلَا يَقُولُهُ أَحَدٌ خُصُوصًا إنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ دَخَلَ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ الْأُولَى وَعَادَ فِي آخِرِ الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: كَكُلِّ عِبَادَةٍ) دَخَلَ فِيهَا الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>