للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قبضَ ثمنَه، أو سَلَّمَ طوعاً نَفَذَ، وإن قبضَه مُكْرَهاً لا وردَّهُ إن بقي، فلو أُكْرِهَ البائعُ لا المشتري، وهَلَكَ المبيعُ في يده ضَمِنَ قيمتَه للبائع، وله أن يضمِّنَ أيَّاً شاء، فإن ضمَّنَ المُكْرِهُ رجع على المشتري بقيمتِه، وإن ضَمَّنَ المشتري نَفَذَ كلُّ شراءٍ بعدَهُ لا ما قبلَه

(فإن قبضَ ثمنَه، أو سَلَّمَ طوعاً نَفَذَ، وإن قبضَه مُكْرَهاً لا وردَّهُ إن بقي)، لم يذكرْ في «الهداية»: حُكْمَ التَّسليم مُكْرَهاً (١)، لكن ذُكِرَ في أصول الفقه: أنّ الإكراهَ إذا كان على البيعِ والتَّسليم يكونُ التَّسليمُ مقتصراً على الفاعل، ولم يجعلِ الفاعلُ آلةً للحامل في التَّسليم؛ لأنَّه حملَهُ على تسليمِ المبيع، ولو جُعِلَ آلةً له يصيرُ تسليم المغصوب (٢)، فإذا كان التَّسليمُ مقتصراً على الفاعل، ينبغي أن ينفذ، ويجبُ القيمة.

فإن قلت: يُشْكِلُ بقبضِ الثَّمن، فإنّ الفاعلَ لا يمكن أن يكونَ آلةً فيه، ومع ذلك لا ينفذُ فيه.

قلت: لا يلزمُ هنا من جعلِهِ آلةً تغيُّر الفعلِ الذي أكرِهَ عليه بخلاف تسليم المبيع.

(فلو أُكْرِهَ البائعُ لا المشتري، وهَلَكَ المبيعُ في يده): أي في يدِ المشتري، (ضَمِنَ قيمتَه للبائع، وله أن يضمِّنَ أيَّاً شاء، فإن ضمَّنَ المُكْرِهُ رجع على المشتري بقيمتِه (٣) (٤)، وإن ضَمَّنَ المشتري نَفَذَ كلُّ شراءٍ بعدَهُ لا ما قبلَه)، فقولُهُ: ضَمِنَ قيمتَه للبائع: أي ضَمِنَ المشتري، بمعنى أنَّ إقرارَ الضَّمان عليه.

وله: أي للبائع، وهو المُكْرَهُ ـ بالفتح ـ أن يضمِّنَ أيَّاً شاءَ من المكرِهِ بالكسر، ومن المشتري، فإن ضَمَّنَ المُكْرِهَ رجعَ على المشتري، وإن ضَمَّنَ المشتري نَفَذَ كُلُّ شراءٍ


(١) قال أخي جلبي في «ذخيرة العقبى» (ص ٥٣٧ - ٥٣٨): يردُ على ظاهرهِ أنّ صاحب «الهداية» (٣: ٢٧٧) قال قبيل هذا: ثمّ إذا باعَ مكرها وسَلَّم مكرهاً يثبتُ به الملك، وهل هذا إلا ذكرُ حكمِ التسليمِ مكرهاً، فليتأمّل.
(٢) إذ لو نسب إلى الحامل وجعلَ الفاعل آلة لزم التبديلُ في محلِّ التسليم، بأن يصير مغصوباً؛ لأنَّ التسليمَ من جهة الحامل يكون تصرُّفاً في ملك الغير على سبيلِ الاستيلاء، فيصيرُ البيع والتسليم غصباً، وأمّا إذا نسب التسليم إلى الفاعلِ وجعل تتميماً للعقد، حتى أنّ المشتري يملكُ المبيع ملكاً فاسداً لانعقادِ البيع وعدمِ نفاذه، فلا يلزم ذلك. انتهى. ينظر: «ذخيرة العقبى» (ص ٥٣٨).
(٣) العبارة في ق: ضمن قيمته للبائع، وللمكره أن يضمن المكره، فإن ضمنه رجع على المشتري بقيمته.
(٤) لأنه قام مقام البائع بأداء الضمان؛ لأن المضمون يصير ملكاً للضامن من وقت سبب الضمان، وهو الغصب. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>