للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونذرُه، ويمينُه، وظهارُه، ورجعتُه، وإيلاؤُه، وفيؤهُ فيه، وإسلامُهُ بلا قتلٍ لو رَجَع، لا إبراؤه مديونَه أو كفيلَه، وردَّتُه فلا تَبِينُ عرسُه، ولو زنى يحدُّ إلا

ويرجعُ عليه في الإكراه بالطَّلاق بنصفِ المسمَّى إن لم يوجدِ الدُّخول؛ لأنَّ نصفَ المسمَّى في مَعْرِضِ السُّقُوط بأن تجيءَ الفرقةُ من قِبَلِ المرأة، فيتأكَّدُ بالطَّلاقُ (١) قبلَ الدُّخولِ فمن هذا الوجهِ يكونُ إتلافاً فيضافُ إلى الحامل، بجعلِ الفاعلِ آلةً له بخلافِ ما بعد الدُّخول؛ لأنَّ المهرَ تقرَّرَ بالدُّخول (٢).

ولقائلٍ أن يقولَ: المهرُ يجبُ بالعقد، والطَّلاقُ شرطُه، والحكمُ لا يضافُ إليه، وأيضاً سقوطُهُ بالفرقةِ مجرَّدُ وهم، فلا اعتبارَ له.

(ونذرُه، ويمينُه، وظهارُه، ورجعتُه، وإيلاؤُه، وفيؤهُ فيه، وإسلامُهُ بلا قتلٍ لو رَجَع)، الأصل عندنا أن كلَّ عقدٍ لا يحتملُ الفسخَ فالإكراهُ لا يمنعُ نفاذَه، وكذلك كلُّ ما ينفذُ مع الهزل ينفذ مع الإكراه، والإسلام إنِّما يصحُّ مع الإكراه؛ لقولِه - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا لا إله إلا الله» (٣)، فالإسلامُ يصحُّ مع خوفِ القتل، لكن إذا أسلمَ المُكْرَهُ، ثُمَّ ارتدَّ لا يقتلُ لتمكّنِ الشُّبْهة في إسلامه.

(لا إبراؤه مديونَه أو كفيلَه (٤)، وردَّتُه فلا تَبِينُ عرسُه … (٥)، ولو زنى يحدُّ إلا إذا


(١) لأن ما عليه كان على شرف السقوط بوقوع الفرقة من جهتها بمعصية كالارتداد وتقبيل ابن الزوج، وقد تأكد ذلك بالطلاق فكان تقريراً للمال من هذا الوجه فيضاف تقريره إلى الحامل، والتقرير كالإيجاب، فكان متلفاً له فيرجع عليه بخلاف ما إذا دخل بها؛ لأن المقرر تقرر هنا بالدخول لا بالطلاق. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٧٢).
(٢) أي لا بالطلاق، فبقيَ مجرَّدُ إتلافِ ملكِ النكاح، وإنّه ليس بمال، فلا يضمنُ بالمال؛ لأنّه لا مماثلة بين ما هو مال وبين ما ليسَ بمال متقوَّم، وتقوّمُه عند التملُّك بالنكاح؛ لإظهارِ خطرِ الممهور، وهذا الخطر للمملوك لا للملك الوارد عليه، ألا ترى أنّ إزالةَ الملكِ بغيرِ شهودٍ وبغير وليٍّ صحيح، فلا حاجةَ إلى إظهارِ الخطرِ عند إتلاف الملك؛ فلهذا لا يضمنُ المتلف شيئاً؛ ولذا لا يجبُ على شاهدي الطلاق بعد الدخولِ ضماناً عند الرجوع. ينظر: «الكفاية» (٨: ١٨٠).
(٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وأنس بن مالك - رضي الله عنه - في «صحيح البخاري» (١: ١٥٣)، و «صحيح مسلم» (١: ٥٢)، و «صحيح ابن خزيمة» (١: ٣٩٩)، و «صحيح ابن حبان» (١: ٤٠١)، و «المنتقى» (١: ٢٥٨).
(٤) أي لا يصحّ مع الإكراه إبراؤه مديونَه أو إبراؤه كفيله بنفسٍ أو مال؛ لأنَّ البراءةَ لا تصحُّ مع الهزل؛ لأنّها إقرارٌ لفراغِ الذمّة، فيؤثِّرُ فيها الإكراه. ينظر: «ردّ المحتار» (٥: ٨٧).
(٥) في ف زيادة: فإن ادَّعت البينونة، فقال أظهرتُها وقلبي مطمئن بالإيمان صُدِّق.

<<  <  ج: ص:  >  >>