للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضُمِّنَ نقصانَ ولادةٍ معه، وجبرَ بولدٍ يفي به، فلو زَنَى بأمةٍ غصبَها فردَّتْ حاملاً، فولدتْ، فماتتْ ضَمِنَ قيمتَها بخلافِ الحرَّة، ومنافعِ ما غصبَ سكنَهُ أو عطَّله، وإتلافُ خمر المسلمِ وخِنْزيره، وإن أتلفهما للذميّ ضمن

(وضُمِّنَ نقصانَ ولادةٍ معه، وجبرَ بولدٍ يفي به) (١)، خلافاً لزُفرَ - رضي الله عنه - والشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - فإنَّ الولدَ ملكَه، فلا يصلحُ جابراً لملكه، قلنا: سببهما شيءٌ واحد، وهو الولادة، ومثل هذا لا يعدّ نقصاناً.

(فلو زَنَى بأمةٍ غصبَها فردَّتْ حاملاً، فولدتْ، فماتتْ ضَمِنَ قيمتَها)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: لا يضمن؛ لأنَّ الرَّدَّ وقعَ صحيحاً، وقد ماتت في يدِ المالكِ بسببِ حادثٍ في ملكِه، وهو الولادة، وله: أنّه لم يصحَّ الرَّدّ؛ لأنَّ سببَ التَّلفِ حصلَ في يدِ الغاصب، (بخلافِ الحرَّة)؛ لأنَّها لا تضمنُ بالغصبِ ليبقى الضَّمان بعد فسادِ الرَّدّ، ثُمَّ عطفَ على الحرَّة قولَه: (ومنافعِ ما غصبَ سكنَهُ أو عطَّله)، فإنَّها غيرُ مضمونةٍ بأجر عندنا سواءٌ استوفى المنافع، كما إذا سَكَنَ في الدَّار المغصوبة، أو عطَّلَها، وعند الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - مضمونة بأجرِ المثلِ في الصُّورتين، وعند مالكٍ (٤) - رضي الله عنه - مضمونةٌ إن استوفى، لا إن عطَّلَها، وهذا بناءً على عدم تقوُّمِها عندنا، وإن تقوُّمَها ضروريٌّ في العقد.

(وإتلافُ خمر المسلمِ وخِنْزيره، وإن أتلفهما للذميّ ضمن)، خلافاً للشَّافِعِيِّ (٥) - رضي الله عنه -، فإنَّ الذِّمي تبعُ المسلم، فلا تقومُ في حقِّه، ولنا: أنّه متروكٌ على اعتقاده.


(١) أي ما نقصتَ الجاريةُ بسبب الولادةِ في يد الغاصب، فهو في ضمان الغاصب، فلو غصبها فولدت عنده، فماتَ الولدُ فعليه ردُّ الجارية وردُّ نقصانِ الولادة الذي يثبتُ فيها بسبب الولادة؛ لأنّ الجاريةَ بالغصبِ دخلت في ضمانه بجميع أجزائها، وقد فات جزءٌ مضمونٌ عليه، كما لو فاتَ كلُّها، فإن رُدَّت الجاريةُ والولدُ وقد نقصت قيمةُ الجاريةِ وقيمةُ الولدِ يصلحُ أن تكونَ جابرة لذلك النقصان، لم يضمنْ الغاصبُ شيئاً. ينظر: «العناية» (٩: ٣٥١).
(٢) ينظر: «النكت» (ص ٥٩٧)، وغيرها.
(٣) ينظر: «النكت» (ص ٥٩٧)، وغيرها.
(٤) في «المنتقى» (٥: ٢٧٣): من غصب دار فلم يسكنها حتى انهدمت أنه ضامن لقيمتها خلافاً لأبي حنيفة.
(٥) ينظر: «النكت» (ص ٦٠٦)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>