للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو غصبَ خمرَ مسلم فخلَّلَها بما لا قيمةَ له أو جلدَ ميتةٍ فدبغَه به أخذَهما المالكُ بلا شيء، ولو أتلفَهُما ضَمِنَ، ولو خلَّلها بذي قيمةٍ ملكَهُ ولا شيءَ عليه، فلو دَبَغَ به الجلد أخذَهُ المالكُ وردَّ ما زادَ الدَّبغُ فيه، ولو أتلفَهُ لا يضمن

(ولو غصبَ خمرَ مسلم فخلَّلَها بما لا قيمةَ له): كالنَّقلِ من الظِّل إلى الشَّمس، (أو جلدَ ميتةٍ فدبغَه به): أي بما لا قيمةَ له كالتُّراب والشَّمس، (أخذَهما المالكُ بلا شيء، ولو أتلفَهُما ضَمِنَ (١)، ولو خلَّلها بذي قيمةٍ): كالملحِ والخلّ، (ملكَهُ ولا شيءَ عليه)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما أخذَها المالك، وأعطى ما زادَ الملح، (فلو دَبَغَ به الجلد): أي بشيء له قيمةٌ كالقرظِ (٢) والعَفْصِ (٣)، (أخذَهُ المالكُ وردَّ ما زادَ الدَّبغُ فيه (٤)، ولو أتلفَهُ لا يضمن)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما يضمنُ الجلدَ مدبوغاً، ويعطيه المالكُ ما زادَ الدِّباغ فيه.

فالحاصلُ أنّه إذا خلَّلَ أو دبغَ بما لا قيمةَ له أخذَهما المالك؛ لأنَّ الأصلَ حقُّه، وليس من الغاصبِ سوى العمل، ولا قيمةَ له، أمَّا إذا خلَّلَ أو دبغَ بذي قيمةِ يصيرُ ملكاً للغاصبِ ترجيحاً للمال المتقوِّم على غيرِ المتقوِّم، والفرقُ لأبي حنيفة - رضي الله عنه - بين الخلِّ والجلد: إنَّ المالكَ يأخذُ الجلد، ولا يأخذُ الخلّ؛ لأنَّ الجلدَ باقٍ لكن أزالَ عنه النَّجاسات، والخمرُ غيرُ باق، بل صارتْ حقيقةً أخرى، وإنِّما لا يضمنُ الجلدَ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - إذا أتلفَه؛ لأنَّه غَصَبَ جلداً غيرَ مدبوغ، ولا قيمةَ له، والضَّمانُ يتبعُ التقوُّم، لكن العينَ إذا كانت باقياً لا يشترط.


(١) أي لو أتلف الغاصب الخلَّ الذي صيَّرَه من الخمرِ المغصوبِ والجلد المدبوغ الذي دبغَه بعد الغصب، ضَمِنَ مثل الخلّ؛ لأنّه أتلفَ مالاً متقوَّماً خالصاً للمالك مثليّاً. ينظر: «حاشية الجلبي» (ص ٥٥٧).
(٢) القرظ: ورقُ السَّلَم يدبغُ به، وقيل: شجر عظام لها شوك غلاظ كشجر الجوز. ينظر: «المغرب» (ص ٣٧٩).
(٣) العَفْصُ: يدبغ به، ويتخذ منه الحبر، مولَّد وليس من كلام أهل البادية. ينظر: «مختار الصحاح» (ص ٤٤٢)، و «المصباح» (ص ٤١٨).
(٤) ساقطة من ج و ص و ف و ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>