للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخلُّ الخمر ولو بعلاج والانتباذُ في الدباء والحنتم والمزفَّتِ والنقير، وكرهَ شربُ دُرْدِيّ الخمر، والامتشاطُ به، ولا يحدُّ شاربُهُ بلا سكر

وخلُّ الخمر (١) ولو بعلاج): أي بإلقاءِ شيءٍ فيه، وهذا احترازٌ عن قولِ الشافعيّ (٢) - رضي الله عنه -، فإنّ التخليلَ إذا كان بإلقاءِ شيءٍ لا يحلُّ الخلُّ قولاً واحداً، وإن كان بغيرِ إلقاءِ شيء ففيه قولان له.

( … (٣) والانتباذُ في الدباء والحنتم والمزفَّتِ والنقير)، الدباءُ: القرع، والحنتمُ: الجرَّة الخضراء، والمزفت: الظرفُ المطلي بالزفت؛ أي القير، والنقير: الظرفُ الذي يكون من الخشبِ المنقور.

اعلم أنَّ هذه الظروفَ كانت مختصَّةً بالخمر، فإذا حرِّمت الخمرُ حرمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - استعمالَ هذه الظروف، إمَّا لأنَّ في استعمالها تشبُّهاً بشربِ الخمر، وإمّا لأنَّ هذه الظروفَ كان فيها أثرُ الخمر، فلمَّا مضت مدَّةٌ أباحَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استعمالَ هذه الظروف، فإنّ أثرَ الخمرِ قد زال عنها، وأيضاً في ابتداءِ تحريمِ شيءٍ يبالغُ ويشدَّد ليتركَه الناسَ مرَّة، فإذا تركَ الناسُ واستقرَّ الأمرُ يزولُ ذلك التشديدُ بعد حصولِ المقصود.

(وكرهَ شربُ دُرْدِيّ (٤) الخمر، والامتشاطُ به)، المرادُ بالكراهةِ الحرمة؛ لأنَّ فيه أجزاءَ الخمر، إلا أنَّه ذكرَ لفظَ الكراهةِ لا الحرمة؛ لعدمِ النصِّ القاطعِ فيه، (ولا يحدُّ شاربُهُ بلا سكر)، فإنّ في الخمر إنّما يحدُّ بشربِ القليل؛ لأنَّ قليلَ الخمرِ يدعو إلى الكثير، ولا كذلك في الدُرْدِيّ فاعتبرَ حقيقةُ السكر.

* * *


(١) أي حل الخل الذي يتحوَّل الخمر إليه. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٨٨).
(٢) ينظر: «روضة الطالب» (١: ١٨)، و «التنبيه» (ص ١٧)، وغيرهما.
(٣) في ق زيادة: فيكفر مستحلها.
(٤) دُرْدِيّ: أي العَكَر. ينظر: «المصباح» (ص ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>