للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحرمةُ الخمرِ أقوى، فيكفرُ مستحلُّها فقط. وحلَّ المُثَلَّثُ العنبيّ مشتدّاً، ونبيذُ التمرِ والزبيبِ مطبوخاً أدنى طبخة وإن اشتدّ إذا شربَ ما لم يسكرْ بلا لهو وطرب، والخليطان، ونبيذُ العسلِ والتينِ والبُرِّ والشعيرِ والذرة وإن لم يطبخْ بلا لهوٍ ولا طرب

وكذا نقيعُ الزبيب، وعند شريك بن عبد الله (١): السكرُ مباح؛ لقوله تعالى: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} (٢)، واعلم أنَّ هذه الأشربةَ إنَّما تحرمُ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - إذا غلت واشتدَّت وقذفتْ بالزبد، وعندهما: يكفي الاشتدادُ كما في الخمر.

(وحرمةُ الخمرِ أقوى، فيكفرُ مستحلُّها فقط.

وحلَّ المُثَلَّثُ العنبيّ مشتدّاً): أي بطبخ ماء العنب حتى يذهبَ ثلثاه وبقي ثلثُه، ثمّ يوضعُ حتى يغلي ويشتدُّ ويقذفُ بالزبد، وكذا إن صبَّ فيه الماءُ حتى يرقَّ بعدما ذهبَ ثلثاه، ثمّ يطبخُ أدنى طبخة، ثمّ يتركُ إلى أن يغليَ ويشتدَّ ويقذفَ بالزبد، وإنَّما حلَّ المثلَّث عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه - خلافاً لمحمَّد ومالك (٣) والشافعيّ (٤) - رضي الله عنهم -، (ونبيذُ التمرِ والزبيبِ مطبوخاً أدنى طبخة وإن اشتدّ إذا شربَ ما لم يسكرْ بلا لهو وطرب): أي إنَّما يحلّ هذه الأشربةُ إذا شربَ ما لم يسكر، أمَّا القدحُ الأخير (٥)، وهو المسكرُ حرامٌ اتّفاقاً، وشرطُهُ أن يشربَ لا لقصدِ اللهوِ والطرب، بل لقصدِ التقوى.

(والخليطان): وهو أن يجمعَ بين ماءِ التمرِ والزبيبِ ويطبخَ أدنى طبخة، ويترك إلى أن يغليَ ويشتدّ، يحلُّ بلا لهو وطرب.

(ونبيذُ العسلِ والتينِ والبُرِّ والشعيرِ والذرة وإن لم يطبخْ بلا لهوٍ ولا طرب،


(١) وهو شريك بن عبد الله النَّخَعي الكوفي، أبو عبد الله، القاضي بواسط ثم الكوفة، قال ابن المبارك: هو أعلم في حديث بلده من سفيان الثوري، قال ابن حجر: صدوق يخطئ كثيراً، تغيَّر حفظه منذ وُلِّي القضاءَ بالكوفة، وكان عادلاً فاضلاً شديداً على أهل البدع، (ت ٧/ ١٧٨ هـ). ينظر: «العبر» (١: ٢٧٠). «التقريب» (ص ٢٠٧).
(٢) من سورة النحل، الآية (٦٧).
(٣) ينظر: «منح الجليل» (٢: ٤٥٥)، وغيره.
(٤) ينظر: «أسنى المطالب» (١: ١٠)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٤: ٢٠٣)، وغيرهما.
(٥) أي يحرم القدر المسكر منه، وهو الذي يعلم يقيناً أو بغالب الرأي أنه يسكره، فالحرام: هو القدح الأخير الذي يحصل السكر بشربه. ينظر: «رد المحتار» (٦: ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>