للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن تركها عمداً فمات أو أرسلَ مجوسيّ كلبَه، فزجرَه مسلمٌ فانزجر، أو قتله معراض بعرضه، أو رمى صيداً فوقعَ في ماء، أو على سطحٍ أو جبلٍ فتردَّى منه إلى الأرض حرم، أو أرسلَ مسلمٌ كلبَه فزجرَه مجوسيّ فانزجر، أو لم يرسلْهُ أحد، فزجرَه مسلمٌ فانزجر

فإن تركها عمداً المرادُ به: أنّه تركَ التذكيةَ مع القدرة عليها، أمّا إن لم يتمكّن من التذكيةِ ففي «المتن» إشارةٌ إلى حلِّه كما روي عن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وكذا عن أبي يوسفَ - رضي الله عنه - وهو قولُ الشافعيّ (١) - رضي الله عنه -، وفي ظاهرِ الرواية: إنّه يحرمُ وإن كان حياته مثل حياة المذبوح فلا اعتبارَ لها، فلا يجبُ التذكية، أمَّا في المتردِّية وأخواتها، وفي الشاةِ التي مرضت فالفتوى على أنَّ الحياة وإن قلَّت معتبرة، حتى لو ذكَّاها وفيها حياةٌ قليلةٌ يحلّ لقوله تعالى: {إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} (٢).

(فإن تركها): أي التذكية، (عمداً فمات أو أرسلَ مجوسيّ كلبَه، فزجرَه مسلمٌ فانزجر): أي أغراهُ بالصياح فاشتدّ (٣)، (أو قتله معراض بعرضه)، المعراضُ السهمُ الذي لا ريشَ له، سمّيَ معراضاً؛ لأنَّه يصيبُ الشيءَ بعرضه، فلو كان في رأسه حدَّة فأصابَ بحدته يحلّ، أو بندقةٍ (٤) ثقيلةٍ ذات حدّة، إنَّما قال هذا؛ لأنّه يحتملُ أن يكون قد قتلَه بثقله، حتى لو كان خفيفاً به حدَّة يحلّ لتعيِّن أنَّ الموتَ بالجرح، (أو رمى صيداً فوقعَ في ماء)، فإنّه يحتملُ أنَّ الماءَ قتله فيحرم، (أو على سطحٍ أو جبلٍ فتردَّى منه إلى الأرض حرم)؛ لأنَّ الاحترازَ عن مثلِ هذا ممكن، فإن وقعَ على الأرضِ ابتداءً فإنّ الاحترازَ عن مثل هذا غير ممكن، فيحلّ.

(أو أرسلَ مسلمٌ كلبَه فزجرَه مجوسيّ فانزجر، أو لم يرسلْهُ أحد، فزجرَه مسلمٌ فانزجر)، اعلم أنّه إذا اجتمعَ الإرسالُ والزجرُ: أي السوقُ، فالاعتبارُ للإرسال، فإن كان الإرسالُ من المجوسيِّ والزجرُ من المسلمِ حَرُم، وإن كان على


(١) ينظر: «النكت» (٢: ٢٣٣)، وغيرها.
(٢) المائدة، (٣).
(٣) إذا المراد بالزجر: الإغراء بالصياح عليه، وبالإنزجاء يحصل زيادة الطلب للصيد. ينظر: «تكملة البحر» (٨: ٢٥٥).
(٤) البُنْدُقُ: ما يعمل من الطين ويرمى به، الواحدة منها بُنْدُقة، وجمع الجمع البنادق. ينظر: «المصباح» (ص ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>