للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورهنُ الحرِّ والمدبَّرِ والمكاتَبِ وأمِّ الولد، ولا بالأمانات، ولا بالدَّرَك، ولا بعينٍ مضمونةٍ بغيرها: كمبيعٍ في يدِ البائع، ولا بالكفالةِ بالنفسِ وبالقصاصِ بالنفس وما دونها، وبالشفعة، وبأجرةِ النائحةِ والمغنِّية، وبالعبد الجاني أو المديون

وأرضٍ بدون زرع أو نخل؛ لعدمِ كونه مفرغاً، فلا يتمُّ القبض، وعن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - أنّ رهنَ الأرضِ بدونِ الشجر جائزٌ؛ لأنَّ الشجرَ اسمٌ للنابت، فيكون استثناءُ الأشجارِ بمواضعها فيجوز؛ لأنَّ الاتِّصالَ حينئذٍ يكون اتَّصالَ مجاورة، ولو رهنَ النخل بمواضعها جاز أيضاً؛ لأنَّ الاتَّصال حينئذٍ اتَّصالُ مجاورة، (ورهنُ الحرِّ والمدبَّرِ والمكاتَبِ وأمِّ الولد).

ثمَّ لَمَّا ذكرَ ما لا يجوزُ رهنُه أرادَ أن يذكرَ ما لا يجوزُ الرهن به، فقال: (ولا بالأمانات): كالوديعةِ، والمستعار، ومالِ المضاربة، والشركة، (ولا بالدَّرَك)، صورته: باعَ زيدٌ من عمرو داراً فرهنَ بكرٌ عند المشتري شيئاً بما يدركُهُ في هذا البيع، وكذا لو رهنَ شيئاً بما ذابَ له على فلان لا يجوز، ولو كَفِلَ بهذا يجوز.

(ولا بعينٍ مضمونةٍ بغيرها)، المراد أن لا تكون مضمونةً بالمثل أو بالقيمة: (كمبيعٍ في يدِ البائع): أي باعَ شيئاً ولم يسلِّمه فرهنَ به شيئاً لا يجوز؛ لأنّه إذا هلكَ العينُ لم يضمنِ البائعُ شيئاً، لكنَّه يسقطُ الثمن، وهو حقّ البائع.

(ولا بالكفالةِ بالنفسِ وبالقصاصِ بالنفس وما دونها، وبالشفعة): أي كفلَ بنفسِ رجلٍ فرهنَ بها شيئاً ليسلِّمه، وإذا وجبَ عليه القصاصُ فرهنَ شيئاً لئلا يمتنعَ عن القصاصِ لا يجوز، وكذا إذا رهنَ البائعُ أو المشتري شيئاً عند الشفيعِ ليسلِّمَ الدارَ بالشفعةِ لا يجوزِ لعدمِ الدَّين في هذه الصور (١).

(وبأجرةِ النائحةِ والمغنِّية (٢)، وبالعبد الجاني أو المديون)، فإنَّه غيرُ مضمونٍ على المولى، فإنّه لو هلكَ لا يكون على المولى شيء، فإذا لم يصحّ الرهنُ في هذه الصورِ فللرَّاهنِ أن يأخذَ المرهونَ من المرتهن، ولو هلكَ المرهونُ في يدِ المرتهنِ قبل طلب الراهنِ هلكَ بلا شيء؛ لأنَّه لا حكمَ للباطل، فبقيَ القبضُ بإذنِ المالك.


(١) فإنه لا يجوز أخذ الرهن من المشتري الذي وجب عليه تسليم المبيع من أجل الشفعة؛ لأن المبيع غير مضمون عليه. ينظر: «رد المحتار» (٥: ٣١٧).
(٢) لبطلان الإجارة فلم يكن الرهن مضموناً إذ لا يقابله شيء مضمون. ينظر: «رد المحتار» (٥: ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>