للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا رهنَ خمرٍ وارتهانها من مسلمٍ أو ذميٍّ للمسلم، ولا يضمنُ له مرتهنُها ذميّاً، وفي عكسِهِ الضمان، وصحَّ بعينٍ مضمونةٍ بالمثلِ أو بالقيمة؛ كالمغصوبِ وبدلِ الخلع، والمهر، وبدل الصلح عن دم عمد، وبالدينِ ولو موعوداً، بأن رهنَ ليقرضَه كذا، فهلكُهُ في يدِ المرتهنِ عليه بما وعدَه، وبرأسِ مالِ السَّلَمِ وثمنِ الصرفِ والمسلَّم فيه، فإن هلكَ في المجلسِ فقد أخذ، وإن افترقا قبل نقدٍ وهَلَكَ بطلا

(ولا رهنَ خمرٍ وارتهانها من مسلمٍ أو ذميٍّ للمسلم): أي لا يجوز للمسلمِ أن يرهنَ خمراً ويرتهنَها من مسلمٍ أو ذميّ، (ولا يضمنُ له مرتهنُها ذميّاً، وفي عكسِهِ الضمان) (١): أي إن رهنَ المسلمُ من ذميٍّ خمراً فهلكت في يدِ الذميّ لا يضمنُ للمسلمِ شيئاً، وإن رهنَ الذميّ من المسلمِ خمراً فهلكت في يدِ المسلمِ للذميّ؛ لأنَّها مالٌ متقوّمٌ في حقِّ الذميّ دون المسلم وصحّ.

(وصحَّ بعينٍ مضمونةٍ بالمثلِ أو بالقيمة؛ كالمغصوبِ وبدلِ الخلع، والمهر، وبدل الصلح عن دم عمد)، فإنّ هذه الأشياء إذا كانت قائمةً يجبُ عينُها، وإن هلكت يجبُ المثلُ أو القيمة، فيصحُّ الرهنُ بها، (وبالدينِ ولو موعوداً، بأن رهنَ ليقرضَه كذا، فهلكُهُ في يدِ المرتهنِ عليه بما وعدَه) (٢): أي إن هلكَ في يدِ المرتهنِ فللرَّاهن على المرتهنِ المقدارُ الذي وَعَدَ إقراضَه، فهلكُه: بالرفع مبتدأ، وفي يد المرتهن: صفتُه، وعليه: خبره، واعلم أنَّ الرهنَ إنَّما يكونُ مضموناً بالدينِ الموعودِ إذا كان الدينُ مساوياً للقيمةِ أو أقلّ، أمَّا إذا كان أكثر فلا يكون مضموناً بالدين بل بالقيمة، وإنَّما لم يذكرْ هذا القسم؛ لأنَّ الظاهرَ أن لا يكون الدينُ أكثرَ من قيمة الرهن، وإن كان على سبيلِ الندرة فحكمه يعلم ممّا سبق، فاعتمد على ذلك.

(وبرأسِ مالِ السَّلَمِ وثمنِ الصرفِ والمسلَّم فيه، فإن هلكَ في المجلسِ فقد أخذ، وإن افترقا قبل نقدٍ وهَلَكَ بطلا): أي إذا رهنَ برأسِ مالِ السلم أو ثمنِ الصرف، فإن هلكَ الرهنُ قبل الافتراقِ فالمرتهنُ قد استوفى حقَّه، وإن افترقا قبل نقدِ


(١) أي إذا كان الراهن ذمياً والمرتهنّ مسلم فهلك في يد المرتهن يضمن المسلم الخمر للذمي؛ لأنها مال متقوم في حقّه فتصير الخمر مضمونة على المسلم للذمي بأقل من قيمتها ومن الدين كما يضمنها بالغصب. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٥٩٤).
(٢) صورته: رهن ليقرضه ألف درهم وهلك الرهن في يد المرتهن فهلكه على المرتهن بمقابلة الألف الموعود فيجب عليه تسليم الألف إلى الراهن. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٥٢ - ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>