للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...................................................................................................................

واعلمْ (١) أنَّ المفروضَ (٢) في مسحِ الرَّأسِ أدنى ما يطلقُ عليه اسمُ المسح، وهو شعرةٌ أو ثلاثُ شعراتٍ عند الشَّافعيِّ (٣) (٤) - رضي الله عنه -، عملاً بإطلاقِ النَّصّ.

وعندَ مالكٍ (٥) (٦): الاستيعابُ فرضٌ كما في قولِهِ تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} (٧)


(١) سيشرع في بيان اختلاف المذاهب في القدر المفروض في مسح الرأس، وإثبات مذهب الحنفية.
(٢) المفروض: المقدَّرُ من الفرض بمعنى التقدير، سواء كان بالدليل القطعي وهو الاعتقادي، أو الظني وهو العملي، والفرض الاعتقادي يكفر جاحده، والفرض العملي لا يكفر جاحده، فهو من جهة العمل فقط محكوم أنه فرض، لا من جهة الاعتقاد، فهو في قوة القطعي في العمل بحيث يفوت الجواز بفواته، والمجتهد قد يقوى عنده الدليل الظني حتى يصير قريباً عنده من القطعي، فما ثبت به يسميه فرضاً عملياً؛ لأنه يعامل معاملة الفرض في وجوب العمل، ويسمى واجباً نظراً إلى ظنية دليله، فهو أقوى نوعي الواجب، وأضعف نوعي الفرض، بل قد يصل خبر الواحد عنده إلى حدّ القطعي، ولذا قالوا: إنه إذا كان متلقى بالقبول جاز اثبات الركن به حتى ثبتت ركنية الوقوف بعرفات بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج عرفة». والمقدار في مسح الرأس من قبيل الفرض العملي، لأن خبر الواحد ظنّي في نفسه مع قطع النظر عن صحة دلالته. ينظر: «فتح باب العناية» (١: ٢٣ - ٢٤)، و «كشف الستر عن فرضية الوتر» (ص ٧)، و «رد المحتار» (١: ٦٤).
(٣) وهو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب الشَّافِعِيّ القُرْشِيّ، أبو عبد الله، ينسب إليه المذهب الشافعي، وهو أحد مجددي المئة الثانية الهجرية، قال هلال بن العلاء: أصحاب الحديث عيال على الشافعي فتح لهم الأقفال. له: «الأم»، و «الرسالة»، (١٥٠ - ٢٠٤ هـ). ينظر: «تهذيب الأسماء» (١: ٤٤ - ٦٧). «طبقات الأسنوي» (١: ١٨ - ٢٠). «وفيات» (٤: ١٦٣ - ١٦٩).
(٤) ينظر: «الدرر البهية» (ص ١٢). «المقدمة الحضرمية» (ص ٦)، و «سفينة النجاة» وشرحه «كاشفة السجا» (ص ١٩)، و «الرياض البديعة» (ص ١٥).
(٥) وهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأَصْبَحِيّ الحِمْيَريّ المَدَنِيّ، أبو عبد الله إمام دار الهجرة، ينسب إليه المذهب المالكي، له: «الموطأ»، (٩٣ - ١٧٩ هـ). ينظر: «وفيات» (٤: ١٣٥ - ١٣٩). «العبر» (١: ٢٧٢ - ٢٧٣). «طبقات الشيرازي» (ص ٥٣ - ٥٤).
(٦) ينظر: «إرشاد السالك» (ص ٦)، و «مصباح السالك» (ص ٢٥)، و «مختصر الأخضري» وشرحه «هداية المتعبد» (ص ١٣)، و «المقدمة العزية» وشرحها «الجواهر المضية» (ص ١٥)، و «عمد البيان» (ص ٢٧).
(٧) من سورة النساء، آية (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>