للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرجعُ على الرَّاهنِ بما أدَّى، فلو هلكَ مع الرَّاهنِ قبلَ رهنِهِ أو بعدَ فكِّهِ لا يضمن، وإن استخدمَهُ أو ركبَهُ من قبلِ، وجنايةُ الرَّاهنِ على الرَّهنِ مضمونةٌ، وجنايةُ المرتهنُ عليه تسقطُ من دينِهِ بقدرِها، وجنايةُ الرَّهنِ عليهما، وعلى مالهِما هدر، ومَن رهنَ عبداً يعدلُ ألفاً بألفٍ مؤجَّلٍ فصارتْ قيمتُهُ مئةً فقتلَهُ رجل، وغَرِمَ مئة، وحلَّ أجلُهُ قبضَ مرتهنُهُ المئةَ من حقِّهِ وسقطَ باقيه، وإن باعَهُ بأمرِه، وقبضَ ثمنَهُ رجعَ بما بقيَ

تخليصِ ملكِه، (ويرجعُ على الرَّاهنِ بما أدَّى)؛ لأنَّهُ غيرُ متبرِّعٍ كما ذكرنا.

(فلو هلكَ مع الرَّاهنِ قبلَ رهنِهِ أو بعدَ فكِّهِ لا يضمن، وإن استخدمَهُ أو ركبَهُ من قبلِ)؛ لأنَّهُ أمينٌ خالفَ ثمَّ عادَ إلى الوفاقِ فلا يضمن، خلافاً للشَّافعيِّ (١) - رضي الله عنه -.

(وجنايةُ الرَّاهنِ على الرَّهنِ مضمونةٌ (٢)، وجنايةُ المرتهنُ عليه تسقطُ من دينِهِ بقدرِها، وجنايةُ الرَّهنِ عليهما، وعلى مالهِما هدر)، هذا عندَ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: جنايةُ الرَّهنِ على المرتهنِ معتبرة؛ لأنَّها حصلتْ على غيرِ مالكِه، وفي الاعتبارِ فائدةٌ: وهي الدَّفعُ بالجنايةِ إلى المرتهن، فإن شاءَ الرَّاهنُ والمرتهنُ أبطلا الرَّهنَ ودفعَ بالجنايةِ إلى المرتهن، فإن قال المرتهنُ: لا أطلبُ الجناية، فهو رهنٌ على حالِه، وله: إنَّ الجنايةَ حصلتْ في ضَمانِ المرتهِن، فعليه تخليصُهُ فلا يفيدُ وجوبُ الضَّمانِ له مع وجوبِ التَّخليصِ عليه.

(ومَن رهنَ عبداً يعدلُ ألفاً بألفٍ مؤجَّلٍ فصارتْ قيمتُهُ مئةً فقتلَهُ رجل، وغَرِمَ مئة، وحلَّ أجلُهُ قبضَ مرتهنُهُ المئةَ من حقِّهِ وسقطَ باقيه)؛ لأنَّ نقصانَ السِّعرِ لا يوجبُ سقوطَ الدَّينِ عندنا، خلافاً لزفرَ - رضي الله عنه -، فإذا كان الدَّينُ باقياً، ويدُ المرتهنِ يدُ الاستيفاءِ فيصيرُ مستوفياً للكلِّ من الابتداء.

(وإن باعَهُ بأمرِه، وقبضَ ثمنَهُ رجعَ بما بقيَ): أي إن باعَهُ المرتهنُ بأمرِ الرَّاهنِ بالمئة، بعد أن صارَ قيمتُهُ مئة، وقبضَ ثمنَه، رجعَ بما بقي؛ لأنَّ الدَّينَ لم يسقطْ بنقصانِ السِّعر؛ لأنَّ نقصانَ السِّعرِ ليسَ هلاكاً؛ لاحتمالِ العودِ على ما كان، وإذا كان الدَّينُ باقياً، وقد أمرَ الرَّاهنُ أن يبيعَهُ بمئةٍ يكونُ الباقي في ذمَّتِه.


(١) ينظر: «النكت» (٢: ٥٨٥)، وغيرها.
(٢) لأنّه تفويتُ حقٍّ لازمٍ محترم، وتعلُّقُ مثلِهِ بالمال يجعل المالك كالأجنبيّ في حقِّ الضمان، كتعلُّق حقِّ الورثةِ بمال المريض مرض الموت بمنعِ نفاذ تبرُّعه فيما وراء الثلث. ينظر: «الهداية» (٤: ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>