للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قتلَهُ عبدٌ يعدلُ مئة فدفعَ به فكَّ بكلِّ دينَه، فإن جنى الرَّهن خطأً فداهُ مرتهنُه، ولم يرجع، فإن أبى دفعَهُ الرَّاهن أو فداه، وسقطَ الدَّين، ولو ماتَ الرَّاهنُ باعَ وصيُّهُ رهنَهُ، وقضى دينه، فإن لم يكنْ له وصيٌّ نُصِبَ وصيٌّ يبيعه

(وإن قتلَهُ عبدٌ يعدلُ مئة فدفعَ به فكَّ بكلِّ دينَه) (١)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه -: هو بالخيارِ إن شاءَ فكَّه، وإن شاءَ سَلَّمَ العبدَ المدفوعَ إلى المرتهنِ بماله، وعند زفرَ - رضي الله عنه -: يصيرُ رهناً بمئة؛ لأنَّهُ بقيَ الخلفُ بقدرِ العُشر، فيبقى الدَّينُ بقدرِه. قلنا لزفرَ - رضي الله عنه -: إنَّ العبدَ الثَّاني قائمٌ مقامَ الأوَّلِ فصارَ كما كان الأوَّلُ قائماً وتراجعَ سعرُهُ.

ثمَّ لمحمَّدٍ - رضي الله عنه -: أنّ المرهونَ تغيَّرَ في ضمانِ المرتهن، فيخيَّرُ الرَّاهنُ كالمبيعِ إذا قُتِلَ قبلَ القبض (٢)، ولهما: أنّ التَّغيرُ لم يظهرْ في حقِّ العبدِ لقيامِ الثَّاني مقامَه.

(فإن جنى الرَّهن خطأً فداهُ مرتهنُه، ولم يرجع): أي على الرَّاهن؛ لأنَّ الجنايةَ حصلتْ في ضمانِ المرتهن، ولا يملكُ الدَّفع؛ لأنَّ المرتهنَ غيرُ مالك، (فإن أبى دفعَهُ الرَّاهن أو فداه، وسقطَ الدَّين): أي إن أبى المرتهنُ أن يفديَهُ قيل للرَّاهن: ادفعِ العبد، أو افدِ عنه، وأيَّاً فعلَ سقطَ الدَّين. واعلمْ أنَّ الدَّينَ إنَّما يسقطُ بتمامِهِ إذا كانَ الدَّينُ أقلَّ من قيمةِ الرَّهنِ أو مساوياً، أمَّا إذا كان أكثر يسقطُ من الدَّينِ مقدارُ قيمةِ العبد، ولا يسقطُ الباقي، لكن لم يذكرْ في «المتن» هذا؛ لأنَّ الظَّاهرَ أن لا يكونَ الدَّينُ أكثرَ من قيمةِ الرَّهن.

(ولو ماتَ الرَّاهنُ باعَ وصيُّهُ رهنَهُ، وقضى دينه)، هذه مسألةٌ مبتدأة لا تعلُّق لها بمسألةِ الجناية، أي إذا ماتَ الرَّاهنُ فوصيٌّ يبيعُ الرَّهنَ بإذنِ المرتهنِ ويقضي دينَه، كما إذا كان الرَّاهنُ حيَّاً فلهُ البيعُ بإذنِ المرتهنِ كذا هاهنا، (فإن لم يكنْ له وصيٌّ نُصِبَ وصيٌّ يبيعه).


(١) أي دفع العبد الجاني مقام العبد المقتول بسبب قتله افتكه الراهن بكل دينه؛ لقيام الثاني مقام الأول لحماً ودماً. ينظر: «الدر المنتقى» (٢: ٦٠٩).
(٢) أي قتله عبد ودفع مكانه، وإنّما قيّد فيه بالقتل؛ لأنّ سعره لو نقصَ ممَّا كان عليه وقت البيع لا خيار للمشتري، بل يأخذه من غير خيار، أمّا لو قتله عبد فدفعَ مكانه يتخيَّر المشتري بين أن يأخذ المدفوع بكلِّ الثمن، وبين أن يفسخ البيع؛ لتغيُّر المبيع. ينظر: «الكفاية» (٩: ١٢٤ - ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>