للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقيدُ أبو المعتوه قاطعُ يده، وقاتلُ قريبِه، ويصالحُ ولا يعفو، وللوصيِّ الصُّلحُ فقط والصَّبيِّ كالمعتوه، والقاضي كالأب، هو الصحيح، ويستوفي الكبيرُ قبلَ كِبَرِ الصَّغيرِ قَوَداً لهما، ويُقْتَصُّ في جرحٍ ثبتَ عياناً أو بحجّة، وجُعِلَ المجروحُ ذا فراشٍ حتى مات، وفي

(ويقيدُ أبو المعتوه قاطعُ يده، وقاتلُ قريبِه، ويصالحُ ولا يعفو (١)، وللوصيِّ الصُّلحُ فقط): أي ليس له العفوَ ولا القتل، إذ ليسَ له الولايةَ على نفسِهِ بل على ماله، والقتلُ قصاصٌ من باب الولايةِ على النَّفس، وليسَ له ولايةُ القصاصِ في الأطراف، (والصَّبيِّ كالمعتوه، والقاضي كالأب، هو الصحيح) (٢)، حتى يكونَ لأبيهِ ووصيِّهِ ما يكونُ لأبِ المعتوهِ ووصيِّه، والقاضي بمَنْزلةِ الأب.

(ويستوفي الكبيرُ قبلَ كِبَرِ الصَّغيرِ قَوَداً لهما)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا (٣): ليسَ للكبيرِ ولايةُ القصاص حتى يدركَ الصَّغيرُ البلوغ؛ لأنَّهُ حقٌّ مشتركٌ كما إذا كان بين الكبيرَيْن وأحدهما غائب، له: أنّه حقٌّ لا يتجزَّأُ؛ لثبوتِهِ بسببٍ لا يتجزَّأ، وهو القرابةُ فيثبتُ لكلٍّ كملاً كما في ولايةِ الإنكاح، واحتمالُ العفوِ عن الصَّغيرِ منقطعٌ بخلافِ الكبيريْن.

(ويُقْتَصُّ في جرحٍ ثبتَ عياناً أو بحجّة، وجُعِلَ المجروحُ ذا فراشٍ حتى مات، وفي


(١) يعني إذا قطع رجل يدَ المعتوه عمداً أو قتل قريبه كولده فولي أبا المعتوه، يقتص من جانب المعتوه؛ لأنه من الولاية على النفس، شرع لأمر راجع إلى النفس، وهي تشفي الصدر فيليه كالإنكاح، ولأبي المعتوه أن يصالح القاطع على مال قدر الدية أو أكثر؛ لأنه أنظرَ في حقِّ المعتوه، ولو صالح على أقلِّ منه لا يجوز فتجب دية كاملة، وليس له ولايةُ العفو؛ لأنه إبطال لحقِّه بلا عوض. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٦٢٠).
(٢) وهو احتراز عمَّا روي عن محمّد أن القاضي لا يستوفي القصاصَ لا في النفس ولا فيما دون النفس ولا أن يصالح. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٦٢١).
(٣) الخلافُ مختصٌّ بما ليس من أولياءِ القتيل كبير له ولاية للصغير، أما إذا كان الكبيرُ وليّاً للصغير، ممَّن له التصرُّفُ في مالهِ كالأب والجدّ، يستوفيه الكبيرُ قبل أن يبلغَ الصغيرُ بإجماعِ أصحابنا، سواءٌ كانت الولايةُ لهما بالملك بأن يكون المقتولُ عبداً مشتركاً بين الأب والابن، أو بالقرابة، وإن كان الكبيرُ وليّاً لا يقدرُ على التصرُّف في ماله كالأخ، فعلى الخلاف المذكور، وإن كان أجنبيّاً عن الصغير لا يملكُ الكبير الاستيفاءَ في الكلّ. ينظر: «التبيين» (٦: ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>