للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن قطعَ يدَ رجل فعفا عن القطع، فماتَ منه ضَمِنَ له قاطعه دِيْتَه، ولو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدثُ منه، فهو عفوٌ عن النَّفسِ والخطأ من ثلثِ مالِه، والعمدُ من كلِّه، وكذا الشَّجَّة، فإن قطعتْ امرأةٌ يدَ رجلٍ فنكحَها على يدِه، ثمَّ ماتَ يجبُ مهرِ مثلها، ودِيَةُ يدِه في مالها إن تعمَّدت، وعلى عاقلتِها إن أخطأت

(ومَن قطعَ (يدَ رجل) (١) فعفا عن القطع، فماتَ منه ضَمِنَ له قاطعه دِيْتَه)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: لا يجبُ شيء؛ لأنَّ العفوَ عن القطعِ عفوٌ عن موجبِه، وهو القطعُ إن لم يَسْر، والقتلُ إن سرى، له: أنّه عفى عن القطع، فإذا سرى عَلِمَ أنَّهُ كان قتلاً لا قطعاً، وإنَّما لا يجبُ القصاصُ بشبهةِ العفو.

(ولو عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدثُ منه، فهو عفوٌ عن النَّفسِ والخطأ من ثلثِ مالِه، والعمدُ من كلِّه): أي إذا كانت الجنايةُ خطأ، وقد عفا عنها فهو عفوٌ عن الدِّيَة، فيعتبرُ من الثُّلُث؛ لأنَّ الدِّيةَ مالٌ فحقُّ الورثةِ يتعلَّقُ بها، فالعفوُ وصيةٌ فيصحُّ من الثُّلث، وأمَّا العمدُ فموجبُهُ القَوَدُ وهو ليسَ بمالٍ فلم يتعلَّقُ به حقُّ الورثةِ فيصحُّ العفوُ عنه على الكمال، فإن قلت: القودُ إنَّما يجبُ بعد الموتَ تشفيَّاً لصدورِ الأولياء، فينبغي أن لا يصحَّ عفو المقتول، قلت: السَّببُ انعقدَ في حقِّهِ فيعتبرُ، وسيأتي كيفيَّةُ وجوبِ القَوَد (٢)، (وكذا الشَّجَّة): أي لو كانتْ مقامَ القطعِ الشَّجة، فهي على الخلافِ المذكور.

(فإن قطعتْ امرأةٌ يدَ رجلٍ فنكحَها على يدِه، ثمَّ ماتَ (٣) يجبُ مهرِ مثلها، ودِيَةُ يدِه في مالها إن تعمَّدت، وعلى عاقلتِها إن أخطأت): أي إن قطعتِ امرأةٌ يدَ رجلٍ عمداً فنكحَها على يدِه فهو نكاحٌ:

إمَّا على الموجبِ الأصليِّ للقطعِ العمدِ وهو القصاصُ في الطَّرْف، فهو لا يصلحُ مهراً، فيجبُ مهرُ المثل، وعليها الدِّيَةُ في مالها.


(١) زيادة من ب.
(٢) ٤: ١٤٣).
(٣) قيّد بالموتِ في وجوب مهرِ المثل؛ لأنّه لو لم يمت فتزوَّجَها على اليدِ صحَّت التسمية، ويصير أرش ذلك، وهو خمسةُ آلاف درهمٍ مهراً لها بالإجماع، سواءً كان القطعُ عمداً أو خطأ تزوَّجها على القطع، أو على القطع وما يحدث عنه أو على الجناية؛ لأنّه لمّا برأ تبيّن أن موجبها الأرش دون القصاص؛ لأنّ القصاصَ لا يجري في الأطراف بين الرجل والمرأة، والأرشُ يصلحُ صداقاً. ينظر: «الكفاية» (٩: ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>