للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ نعوذُ بالله ـ فوصلَ، لا ما رماهُ مجوسيُّ فأسلمَ فوصل.

نعوذُ بالله فوصلَ، لا ما رماهُ مجوسيُّ فأسلمَ فوصل)؛ لأنَّ المعتبرَ حالةُ الرَّمي (١)


(١) ويدخل في الجنايات حوادث المرور، وقد أفاض في تفصيله قواعدها شيخ الإسلام محمد تقي الدين العثماني حفظه الله في «بحوث في قضايا فقهية معاصرة» (ص ٣١٠ - ٣١٩)، فأوجز بعض ما قال، فأقول: ضوابط الضمان المتعلقة بحوادث السير مستخلصة من كتب الفقهاء:
إذا كان المباشر هو السبب الوحيد في الإتلاف، فهو ضامن سواء كان متعدياً، أو غير متعدّ، بمعنى أنه لم يفعل فعلاً محظوراً في نفسه.
إذا اجتمع المباشر والمسبب، وليس أحداً منهما متعدّيا بالمعنى المذكور فالضمان على المباشر.
إذا اجتمع المباشر والمسبب، والمباشر متعد والمسبب غير متعد، فالضمان على المباشر.
إذا اجتمع المباشر والمسبب، وكل واحد منهما متعدّ، فالضمان على المباشر.
إذا اجتمع المباشر والمسبب، والمسبب متعدّ، والمباشر غير متعدّ، فالضمان على المسبب.

فالأصل أن سائق السيارة مسؤول عن كل ما يحدث بسيارته خلال تسييره إيّاها، وذلك لأن السيارة آلة في يده، وهو يقدر على ضبطها، فكل ما ينشأ عن السيارة، فإنه مسؤول عنه، وهناك فرقاً بين الدابة والسيارة من حيث إن الدابة متحركة بنفسها بخلاف السيارة.
وعليه فالأصل أن السائق ضامن لكل ضرر ينشأ من عجلاتها أو مقدمتها أو من خلفها أو من أحد جانبيها؛ لأن السيارة آلة محضة في يد السائق، فتنسب مباشرة الاضرار إليه. فإن كان متعدياً بمخالفة قواعد المرور كأن يسوق بسرعة غير معتادة، فلا خفاء في كونه ضامناً؛ لأن الضرر نشأ بتعديه، والمتعدّي ضامن في كل حال.
أما إذا لم يكن متعدّيا في السير، بأن ساق سيارته ملتزماً بجميع قواعد المرور، فإنه يضمن الضرر الذي باشره، ويجب لتضمينه أن تصحّ نسبة المباشرة إليه بدون مزاحم على وجه معقول، على هذا الأساس لا يضمن في الصور الآتية:
إذا كان السائق يسوق سيارته ملتزما بجميع قواعد المرور، ولكن دفع شخص رجلاً آخر أمام سيارته فجأة بحيث لم يمكن له أن يوقف السيارة قبل أن تدهسه.
إذا أوقف السائق سيارته أمام إشارة المرور منتظراً إشارة فتح الطريق فصدمته سيارة من خلفه ودفعته إلى الأمام فصدمت سيارته أحداً، فليس الضمان على سائق السيارة الأمامية، بل الضمان على سائق السيارة التي صدمتها من خلفها؛ لأنه لا تصح نسبة المباشرة إلى السيارة الأمامية، فإنها مدفوعة بمنْزلة الآلة للسيارة الخلفية.
إذا كانت السيارة سليمة قبل السير بها، وكان السائق يتعهدها تعهداً معروفاً، ثم طرأ علهيا خلل مفاجئ في جهاز من أجهزتها، حتى خرجت السيارة من قدرة السائق ومكنته من ضبطها، فصدمت إنساناً.
إذا ساق إنسان سيارة في شارع عام ملتزما السرعة المقررة، ومتبعاً خطّ السير حسب النظام، ومتبصراً في سوقه حسب قواعد السير، فقفز رجل أمامه فجأة؛ إذ كان بقربٍ منها بحيث لا يمكن للسيارة في سيرها المعتاد في مثل ذلك المكان أن تتوقف بالفرملة، وكان قفزه لا يتوقع مسبقاً لدى سائق متبصر محتاط، فصدمته السيارة رغم قيام السائق بما وجب عليه من الفرملة ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>