للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

...................................................................................................................

وأيضاً الحديثُ المشهور، وهو حديثُ (١) المسحِ على النَّاصية (٢)، دلَّ على أنَّ الاستيعابَ غيرُ مراد، فانتفى قولُ مالكٍ - رضي الله عنه -.

وأمَّا نفيُ مذهبِ الشَّافعيِّ (٣) - رضي الله عنه - فمبنيٌّ على أنَّ الآيةَ مجملةٌ (٤) في حقِّ المقدارِ لا مطلقةٌ (٥) كما زعم؛ لأنَّ المسحَ في اللُّغة: إمرارُ اليدِ المبتلَّة (٦).

ولا شكَّ أنَّ مماسّةَ الأنملةِ (٧) شعرةً أو ثلاثاً لا تُسَمَّى مسحَ الرَّأس، وإمرارُ اليدِ يكونُ له حدّ، وهو غيرُ معلوم، فيكونُ مجملاً؛ ولأنَّهُ إذا قيل: مسحتُ بالحائط، يرادُ به البعض، وفي قولِهِ تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} (٨) يرادُ (٩) الكلّ، فتكونُ الآيةُ في المقدارِ مجملة، ففعلُهُ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ «مسحَ على ناصيتِه» (١٠) يكون بياناً.


(١) وهو ما روي عن المغيرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين» في «صحيح مسلم» (١: ٢٣١)، و «المجتبى» (١: ٧٦)، و «شرح معاني الآثار» (١: ٣١)، وغيرها. وعن أنس - رضي الله عنه - في «سنن أبي داود» (١: ٣٦)، و «سنن ابن ماجه» (١: ١٨٧)، و «مسند أبي عوانة» (١: ٢١٨)، و «المستدرك» (١: ٢٧٥)، وغيرها.
(٢) النّاصية: واحدة النَّواصي: وهي قصاص الشعر في مقدِّم الرأس، وهي لغة طيئيَّة. ينظر: «اللسان» (٦: ٤٤٤٧).
(٣) ينظر: «مغني المحتاج شرح المنهاج» (١: ٥٣).
(٤) المجمل: وهو ما ازدحمت فيه المعاني واشتبه المراد به اشتباهاً لا يدرك بنفس العبارة، بل بالرجوع إلى الاستفسار ثم الطلب ثم التأمل. ينظر: «المنار» (ص ٧).
(٥) المطلق: هو الشائع في جنسه، بمعنى أنه حصة من الحقيقة محتملة الحصص كثيرةً من غير شمول، ولا تعيين. ينظر: «التلويح» (١: ٦٣).
(٦) سقطت من ص و ف و م.
(٧) الأَنْمَلَة: من الأصابع العُقْدة، وبعضهم يقول الأنامل رؤوس الأصابع، عليه قول الأزهري، الأنملة: المفصل الذي فيه الظُّفْر، وهي بفتح الهمزة مع فتح الميم أكثر من ضمها، وبعض المتأخرين من النحاة حكى تثليث الهمزة مع تثليث الميم. ينظر: «المصباح المنير» (٢: ٩٦٨) للفيومي.
(٨) من سورة النساء، آية (٤٣).
(٩) زيادة من م.
(١٠) سبق تخريجه قبل أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>