للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كفٍّ فيها أصبعٌ عشرها، وإن كانت أُصبعان فخمسُها، ولا شيءَ في الكفّ، وفي أصبعٍ زائدة، وعينِ صبيّ، وذَكَرِه، ولسانِه، لو لم يعلمِ الصِحّةَ بما دلَّ على نظرِه، وتحرُّكِ ذكرِه، وكلامِهِ حكومةُ عدل، ودخلَ أرشُ مُوضِحةٍ أذهبتْ عقلَهُ أو شعرَ رأسِهِ في الدِّيَة، وإن ذهبَ سمعُه، أو بصرُه، أو نطقُه لا

أنّ ما زادَ على أصابعِ اليدِ والرِّجلِ إلى المنكب وإلى الفخذ، فهو تَبَعٌ؛ لأنَّ الشَّرعَ أوجبَ في اليدِ الواحدةِ نصفَ الدِّيَة، واليدُ اسمُ هذه الجارحةِ إلى المنكب.

(وفي كفٍّ فيها أصبعٌ عشرها، وإن كانت أُصبعان فخمسُها، ولا شيءَ في الكفّ)، هذا عندَ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: ينظرُ إلى إرشِ الكفِّ والأصبعِ فيكون عليه الأكثر، ويدخلُ القليلُ في الكثير، وإن كانتْ ثلاثةُ أصابعَ يجبُ أرشُ الأصابع، ولا شيءَ في الكفِّ بالإجماع؛ لأنَّ للأكثرِ حكمَ الكلّ، فاستتبعتِ الكف.

(وفي أصبعٍ زائدة، وعينِ صبيّ، وذَكَرِه، ولسانِه، لو لم يعلمِ الصِحّةَ بما دلَّ على نظرِه، وتحرُّكِ ذكرِه، وكلامِهِ حكومةُ عدل)، هذا عندنا (١)، وعندَ الشَّافعيِّ (٢) - رضي الله عنه -: يجبُ دِيَةٌ كاملة؛ لأنَّ الغالبَ الصحّة، أمَّا إن عَلِمَ صحَّةَ هذه الأعضاء، فالواجبُ الدِّيَةُ الكاملةُ اتِّفاقاً.

(ودخلَ أرشُ مُوضِحةٍ أذهبتْ عقلَهُ أو شعرَ رأسِهِ في الدِّيَة (٣)، وإن ذهبَ سمعُه، أو بصرُه، أو نطقُه لا)، هذا عندنا، وعند زفرَ - رضي الله عنه -: لا يدخلُ في ذهابِ العقلِ والشَّعرِ أيضاً؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ جنايةٌ على حدة، قلنا: الرَّأسُ محلُّ العقلِ والشَّعر، فالجناياتُ كلُّها على الرَّأس، فيدخلُ بعضُ الدِّيَةِ في الكلّ، والرَّأسُ ليس محلاً للسَّمعِ والبصر، فالجنايةُ عليهما لا تستتبعُ المُوضِحة.


(١) لأن المقصودَ من هذه الأعضاء المنفعة، فإذا لم تعلم صحّتها لم يجب الأرش كاملاً؛ لأنه لا يجب بالشكّ، والظاهر لا يصلح حجّة للإلزام بخلاف المارن والأذن الشاخصة من الصبي؛ لأن المقصود منها الجمال، وقد فوّته على الكمال. ينظر: «فتح باب العناية» (٣: ٣٦٢).
(٢) ينظر: «النكت» (٣: ٣٨١)، وغيرها.
(٣) يعني إذا شجّ رجلاً موضِحة فذهب عقلُه أو شعرُ رأسه ولم يُنْبِت دخل أرشُ الموضِحة في الدِّيَة؛ لأن فواتَ العقل يبطلُ منفعةَ جميعِ الأعضاء إذ لا ينتفع بدونه، فصار كما إذا أوضحه فمات، وأرشُ الموضِحة يجبُ بفواتِ جزءٍ من الشعرِ حتى لو نبت الشعرُ سقطَ أرشُها، والديةُ وجبت بفوات الشعر، وقد تعلَّقا جميعاً بسبب واحد، وهو فواتُ الشعر، فيدخلُ الجزءُ في الكلِّ كمن قطعَ أصبعَ رجل فشلَّت به يدُه. ينظر: «درر الحكام» (٢: ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>