للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قَوَدَ إن ذهبتْ عيناه، بَلِ الدِّيَةُ فيهما، ولا بقطعِ أصبعٍ شلَّ جارُه، وفي أصبعٍ قُطِعَ مفصلُهُ الأعلى، وشُلَّ ما بَقِي، بل دِيَةُ المفصل، والحكومةُ فيما بَقِي، ولا بكسرِ نصفِ سنٍّ أسودٍ باقيها، بل كلُّ دِيَةِ السِّنِّ. ويجبُ الأَرشُ على مَن أقادَ سنَّهُ ثمَّ نبتتَ، أو قلعَها فردَّتْ إلى مكانها، ونبت عليه اللَّحم، لا إن قُلِعَت فنبتت أخرى، أو التحمتْ شجَّة أو جُرِحَ بضربٍ ولم يبقَ أثرُه

(ولا قَوَدَ إن ذهبتْ عيناه، بَلِ الدِّيَةُ فيهما): أي في المُوضِحةِ والعينينِ الدِّيَة، وهذا عندَ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: في الموضِحةِ القصاص، وفي العينَيْن الدِّية، (ولا بقطعِ أصبعٍ شلَّ جارُه)، هذا عند أبي حنيفةَ (١) - رضي الله عنه -، وعندهما وعند زفر - رضي الله عنه -: يقتصُّ من الأوَّل، وفي الثَّاني أَرشُها، (و (٢) في أصبعٍ قُطِعَ مفصلُهُ الأعلى، وشُلَّ ما بَقِي، بل دِيَةُ المفصل، والحكومةُ فيما بَقِي، ولا بكسرِ نصفِ سنٍّ أسودٍ باقيها، بل كلُّ دِيَةِ السِّنِّ.

ويجبُ الأَرشُ على مَن أقادَ سنَّهُ ثمَّ نبتتَ): أي نبت سنُّ مَن أقادَ فعُلِمَ أنَّه أقادَ بغيرِ حقّ، وكانَ واجباً أن يستأنيَ حولاً، ثمَّ يقتصّ، ولمَّا كانَ بغيرِ حقٍّ ينبغي أن يجبَ القصاص، لكن سقطَ للشُّبهةِ فيجبُ الأرش، (أو قلعَها فردَّتْ إلى مكانها، ونبت عليه اللَّحم): أي يجبُ الأرشُ على مَن قلعَ سنَّ غيرِهِ فردَّ صاحبُ السِّنِّ سنَّهُ إلى مكانها، فنبتَ عليها اللَّحم، وإنَّما يجبُ الأرش؛ لأنَّ نباتَ اللَّحمَ لا اعتبارَ له؛ لأنَّ العروقَ لا تعود.

(لا إن قُلِعَت فنبتت أخرى)، فإنَّه لا يجبُ الأرشُ على القالعِ عندَ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -؛ لأنَّ الجنايةَ انعدمتْ معنىً، كما إذا قلعَ سنَّ صبيٍّ فنبتتْ أخرى لا يجبُ الأرشُ بالإجماع، وعندهما: يجبُ الأرش؛ لأنَّ الجنايةَ قد تحقَّقت، والحادثةُ نعمةٌ مبتدأةٌ من الله تعالى.

(أو التحمتْ شجَّة أو جُرِحَ بضربٍ ولم يبقَ أثرُه)، فإنَّهُ يسقطُ الأرشُ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - لزوالِ الشَّينِ الموجب، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه -: عليه أرشُ الألم، وهو حكومةُ العدل، قيل: ينظرُ إنَّ الإنسانَ بكم يجرح نفسه مثلَ هذه الجراحة، فإنَّ بعضَ النَّاسِ يخرجُ نفسَه ويأخذُ على ذلك شيئاً، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه -: تجبُ أجرةُ الطَّبيبِ وثمنُ الدَّواء.


(١) لأن القصاص غير واجب لعدم المماثلة؛ لأن قطع الثاني على وجه يوجب شل الأخرى غير ممكن. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٦٤٦).
(٢) زيادة من أ و ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>