للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما يرجعُ في مالِ الطِّفلِ وصيٌّ باعَ ما أصابَه من التَّركة، وهَلَكَ معه ثمنُه فاستحقَّ، والطِّفلُ على الورثةِ بحصَّتِه، ولا يبيعُ وصيٌّ ولا يشتري إلاَّ بما يُتَغَابَنُ به

(كما يرجعُ في مالِ الطِّفلِ وصيٌّ باعَ ما أصابَه من التَّركة، وهَلَكَ معه ثمنُه فاستحقَّ، والطِّفلُ على الورثةِ بحصَّتِه): أي قُسِمَ الميراثُ فأصابَ الطِّفْلُ عبدٌ، فباعَه الوصيّ، وقبضَ ثمنَه، فهَلَكَ العبدُ في يدِه، فاستحقَّ العبد، وأخذَ المشتري الثَّمَن من الوصيِّ رجعَ الوصيُّ في مالِ الطِّفلِ؛ لأنَّه عاملٌ له، ويرجعُ الطِّفلُ على الورثةِ بنصيبِه ممِّا بقي في أيديهم؛ لأنَّ القسمةَ قد انتقضت، وصارَ كأنَّ العبدَ لم يكن.

(ولا يبيعُ وصيٌّ ولا يشتري إلاَّ بما يُتَغَابَنُ به)، اعلم أنَّه يجوزُ للوصيِّ أن يبيعَ مالَ الصَّبيّ، وهو من المنقولاتِ من الأجنبيِّ بمثل القيمةِ وبما يتغابنُ النَّاسُ فيه، وهو ما يَدْخُلُ تحت تقويمِ المقوِّمين، ويجوزُ أن يشتري له من الأجنبيِّ كذلك، لا بالغبنِ الفاحش، وأمَّا الاشتراء من نفسه، فإن كان الوصيُّ وصيَّ الأبِ يجوز؛ لا إن كان وصيَّ القاضي، لكن بشرط أن يكونَ للصَّغيرِ فيه منفعةٌ ظاهرة.

وفُسِّرَ بأن يبيعَ مالَه من الصَّغير، وهو يساوي خمسةَ عشرَ بعشرة، أو يشتري مال الصَّغيرِ لأجل نفسِه، وهو يساوي عشرةً بخمسةِ عشر، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسف - رضي الله عنه -، وأمَّا عند محمَّد - رضي الله عنه - فلا يجوزُ بكلِّ حال.

وأمَّا بيعُ الأبِ مالَ الصِّغيرِ من نفسِهِ فيجوزُ بمثلِ القيمة، وبما يُتَغابَنُ فيه.

وأمَّا عقارُ الصَّغيرِ فإن باعَه الوصيُّ من أجنبيٍّ بمثل القيمةِ يجوز، هذا جوابُ المتقدِّمين، واختيارُ المتأخِّرين (١) أنَّه إنِّما يجوزُ إن رَغِبَ المشتري بضعفِ القيمة، أو


(١) قال قاضي خان - رضي الله عنه -: أمّا على قول المتأخّرين لا يجوزُ للوصيّ بيعُ العقارِ إلا بشرائط:
أن يرغبَ إنسانُ في شرائها لضعفِ قيمتها.
أن يحتاجُ الصغيرُ إلى ثمنها للنفقة.
أن يكون على الميّت دينٍ لا وفاء إلا بثمنها.
أن يكون في التركةِ وصيّة مرسلة يحتاجُ في تنفيذِها إلى ثمنِ العقار.
أن يكونُ بيعُ العقار خيراً لليتيم، بأن كان خراجها ومؤنتها يربو على غلاّتها.
أن يكونَ العقار حانوتاً أو داراً يريدُ أن ينقضَ ويتداعى إلى الخراب. ينظر: «حسن الدراية» (٤: ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>