للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقيء دماً رقيقاً إن ساوى البُزاق أو مِرَّةً، أو طعاماً، أو ماءً، أو عَلَقاً إن

لم يخرجْ من العينِ لا ينقضُ الوضوء؛ لأنَّ داخلَ العينِ لا يجبُ تطهيرُهُ أصلاً لا في الوضوء، ولا في الغُسْل، إذ ليسَ له حكمُ ظاهرِ البدن، فالمعتبرُ الخروجُ إلى ما هو ظاهرُ البدنِ شرعاً.

واعلم أنَّ قولَهُ: إلى ما يطهر، يجبُ أن يكونَ متعلِّقاً بقولِه: ما خرج، لا بقولِه: سال، فإنَّهُ إذا فَصَد وخَرَجَ دمٌ كثيرٌ وسال بحيثُ لم يتلطَّخْ رأسُ الجرح، فإنَّهُ لا شكَّ في الانتقاضِ عندنا مع أنَّهُ لم يسلْ إلى موضعٍ يلحقُهُ حكمُ التَّطهير، بل خرجَ إلى موضعٍ يلحقُهُ حكمُ التَّطهير، ثمَّ سال، فالعبارةُ الحسنةُ (١) أن يقال: ما خرجَ من السَّبيلَيْن أو غيرِهِ إلى ما يطهرُ إن كان نجساً سال.

(والقيء) عطفٌ على قولِه: ما خرج، فأرادَ أن يفصِّلَ أنواعَهُ لأنَّ الحكمَ مُخْتَلِفٌ فيها، فقال: (دماً رقيقاً إن ساوى البُزاق) حتى إن كان البُزاقُ أكثرَ لا ينقض، ولمَّا ذكرَ حكمَ المساواة، عُلِمَ حكمُ الغلبةِ بالطَّريقِ الأَوْلى، إذا اصفرَّ البزاقُ من الدَّمِ فلا يجب الوضوء، وإن احمرَّ يجب.

ثمَّ عطفَ على قولِه: دَمَاً، قولُه: (أو مِرَّةً (٢)، أو طعاماً، أو ماءً (٣)، أو عَلَقاً (٤) إن


(١) لكن العبارة التي أثبتها في «النقاية» (ص ٤) هي عبارة «الوقاية».
(٢) مرَّة، أي صفراء، وهي: أحد الأخلاط الأربعة، وهي: الدم، والمرة السوداء، والمرة الصفراء، والبلغم. ينظر: «رد المحتار» (١: ٩٣)، وفي «اللسان» (٦: ٤١٧٦): هي إحدى الطبائع الأربع، قال ابن سيده: المِرَّة مزاج من أمزجة البدن.
(٣) أي الطعام أو الماء إذا وصل إلى معدته ولم يستقر، وهو نجس مغلظ، ولو من صبيٍّ ساعة ارتضاعه، وهو الصحيح لمخالطته النجاسة، ولو هو في المريء فلا نقض اتفاقاً. كما في «الدر المختار» (١: ٩٣). وفي «البحر» (١: ٢٦): قال الحسن: إذا تناول طعاماً أو ماءً، ثم قاء من ساعته لا ينقض؛ لأنه طاهر حيث لم يستحل، وإنما اتصل به قليل القيء، فلا يكون حدثاً، فلا يكون نجساً، وكذا الصبي إذا ارتضع وقاء من ساعته، وصححه في «المعراج»، وغيره، ومحل الاختلاف ما إذا وصل إلى معدته، ولم يستقرّ، أما لو قاء قبل الوصول إليها، وهو في المريء، فإنه لا ينقض اتفاقاً.
(٤) العَلَق: لغة دم منعقد، كما هو أحد معانيه، لكن المراد به هنا سوداء محترقة، وليس بدم حقيقة، ولهذا اعتبر فيه ملء القم، وإلا فخروج الدم ناقض بلا تفصيل بين قليله وكثيره على المختار. ينظر: «رد المحتار» (١: ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>