فمنهم: من حدَّه بالتكدر، أي إذا اغتسل فيه يتكدر الجانب الآخر، وهو قول محمد بن سلام ومنهم: من حدّ الصبغ، أي إذا ألقي فيه زعفران أثر في الجانب الآخر، وهو قول أبي حفص الكبير. ومنهم: من حدّه بالتحريك، وهو مذهب المتقدمين. كما في «العناية» (١: ٧٠)، وفيها تفصيل في الاختلاف في التحريك، هل هو باليد، أو بالتوضؤ، أو بالاغتسال. وقال صاحب «التبيين» (١: ٢٢): ظاهر المذهب التحريك. وقال صاحب «البدائع» (١: ٧٢): اتفقت الروايات عن أصحابنا أنه يعتبر الخلوص بالتحريك.
ومنهم: من فوَّضه إلى رأي المبتلي، وهذا هو أصل المذهب، والمختار عند المتقدمين كالكرخي، وجمع من محققي المتأخرين. فقد صححه ابن الهمام في «فتح القدير» (١: ٦٨ - ٦٩)، وصاحب «البحر» (١: ٧٨ - ٨٠)، وتبعه صاحب «التنوير» (١: ١٢٨)، و «الدر المختار» (١: ١٢٨)، ووفق ابن عابدين في «رد المحتار» (١: ١٢٨) بينه وبين رأي التحريك، فقال: المراد بغلبة الظن بأنه لو حرك لوصل إلى الجانب الآخر إذا لم يوجد التحريك بالفعل. ومنهم: من حدّه بقدر ثمان في ثمان، وبه أخذ محمد بن سلمة. ومنهم: من حدّه بخمسة عشر في خمسة عشر، وهو قول أبي مطيع البلخي. ومنهم: من حدّه بعشر في عشر، وهو قول أبو سليمان الجوزجاني، وعليه عامّة المشايخ، واختاره قاضي خان في «فتاواه» (١: ٥)، وصاحب «المراقي» (ص ٦٩)، و «الملتقى» (ص ٤)، و «الكنْز» (ص ٤)، و «التبيين» (١: ٢١)، والقدوري في «مختصره» (ص ٤). ينظر: تفصيل هذه المذاهب في «التعليق الممجد على موطأ محمد» (١: ٢٦٩ - ٢٧٠)، و «السعاية» (ص ٣٧٠ - ٣٨٥)، و «البدائع» (١: ٧٢)، و «المبسوط» (١: ٧٠ - ٧١). (٢) اختلفوا في قدر عمقه: فقال بعضهم: إن كان بحال لو رفع الماء بكفه لا ينحسر ما تحته من الأرض، فهو عميق، رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة - رضي الله عنهم -. وصححه في «الهداية» (١: ١٩). واختاره صاحب «الملتقى» (ص ٤). وقال بعضهم: إن كان بحال لو اغترف لا تصيب يده وجه الأرض، فهو عميق. وقال بعضهم: قدر شبر. وقال بعضهم: قدر ذراع. ينظر: «الخانية» (١: ٥)، و «العناية» (١: ٧١)