للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

.........................................................................

سُنَّةُ الفجر، فإن فاتت بدونِ الفرضِ لا يقضي قبل طلوعِ الشَّمس، وكذا بعد الطُّلوع عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رضي الله عنهم -، وأمَّا عند محمَّد - رضي الله عنه - يقضيها إلى الزَّوال لا بعده.

وإن فاتت مع الفرض، فإن قَضَى قبل الزَّوالِ يقضيهما جميعاً، وكذا بعد الزَّوالِ عند بعضِ المشايخ.

وعند البعض: لا؛ بل يقضي الفرضَ وحدَه، «ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا فاتَه الفجرُ ليلةَ التَّعريس (١) قضاهُ مع السُنَّة قبلَ الزَّوال بالأذانِ والإقامة جماعة، وجهرَ بالقراءة» (٢)، فَعُلِمَ من فعلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: شرعيَّةُ القضاءِ بالجماعة، والجهرُ فيه، والأَذان، والإقامة للقضاء، وأنَّ السُنَّةَ تقضى مع الفريضة. فمن هذه الأحكام عُلِمَ عدم اختصاصِهِ بموردِ النَّصِّ فَعُدِّي عنه إلى غيرِهِ من الصَّلوات، وهي ما عدا قضاءَ السُنَّة، فعدِّي عن موردِ النَّصّ، وهو قضاءُ الفجرِ إلى قضاءِ سائرِ الصَّلوات (٣)

وأمَّا قضاءُ السُنَّة، فقد عُلِمَ أنَّ سُنَّةَ الفجرِ آكدُ من سائر السُّنن، فلا يلزمُ من شرعيةِ قضائِها شرعيَّةُ قضاءِ السُّنن، ولا من قضائِها بتبعيَّةِ الفرض، قضاؤُها بدونِ الفرض، لكن


(١) التَّعريس: نزول القوم في السفر من آخر الليل يقعون فيه وقعة للاستراحة ثم يرتحلون. ينظر: «مختار» (ص ٤٢٣).
(٢) عن أبي هريرة، وعمران بن حصين، وذي مخبر، وعمرو بن أمية، وعبد الله بن مسعود، وبلال، بألفاظ متقاربة: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير له فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس، فارتفعوا قليلاً حتى استعلت، ثم أمر المؤذن فأذن ثم صلَّى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام المؤذن فصلى الفجر وجهر بالقراءة، في «صحيح مسلم» (١: ٤٧٣)، و «صحيح ابن خزيمة» (٢: ٩٩)، و «صحيح ابن حبان» (٦: ٣٧٥)، و «سنن الدارقطني» (١: ٣٨١)، و «المستدرك» (١: ٤٠٨)، و «سنن أبي داود» (١: ١٢١)، و «سنن النسائي» (٥: ٢٦٨)، و «شرح معاني الآثار» (١: ٤٠٠)، و «معتصر المختصر» (١: ٧٠)، و «مسند الطيالسي» (١: ١١٥)، و «مسند الشاشي» (١: ٣٢٣)، وغيرها، وتمام الكلام عن طرقه في «نصب الراية» (٢: ١٥١، ٢: ٣).
(٣) أي لما علم عدم اختصاص شرعية القضاء، أو كل حكم من الأحكام المذكورة بمورد النص، وهو صلاة الفجر، يعني لما قضى الفجر بهذه الطريقة ـ ومن المعلوم أن هذه الأحكام ليست مختصة بصلاة دون صلاة، ولا وجه لاختصاصها ببعضها ـ علم أن هذه الأحكام تشمل الفروض كلها، فعدي من صلاة الفجر إلى باقي الفروض. كذا في «العمدة» (١: ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>