للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيُنْزَعُ عنه غيرُ ثوبِه، ويُزادُ ويُنَقَصُ لِيَتَمَّ كفنُه، ولا يُغْسَل ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَن بدمِه

مَن وُجِدَ ميْتاً جريحاً في المعركةِ سواءٌ قُتِلَ بحديدةٍ أم لا.

لكن في هذا التَّعريف نظر، وهو أنَّه لا يشملُ ما إذا قتلَهُ المشركون، أو أهل البَغْي، أو قُطاعُ الطَّريق بغير الحديدة، فإنَّ قتيلَهم شهيد، بأيِّ آلةٍ قتلوه.

فالتَّعريفُ الحَسَنُ الموجزُ ما قُلْتُ في «المختصر»: وهو مسلمٌ طاهرٌ بالغٌ قتلَ ظلماً، ولم يَجِبْ به مال، ولم يَرْتَث (١).

من غيرِ ذكرِ الحديدةِ والوجدانِ في المعركة، فيشملُ قتيلَ المشركين، وأهلَ البَغْي، وقطاع الطَّريق، بأيِّ آلةٍ قتلوه، ويشملُ الميِّتَ الجريحَ في المعركة؛ لأنَّه مسلمٌ مقتولٌ ظُلماً، ولم يجبْ بقتلِهِ مال.

وأمَّا مقتولُ غيرِ هؤلاء، وهو مسلمٌ قتلَهُ مسلمٌ غيرُ باغٍ، وغيرُ قاطع الطَّريق، ومسلمٌ قتلَهُ ذميّ، فإنَّه إنِّما يكونُ شهيداً عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - إذا قُتِلَ بحديدةٍ ظلماً، فلمَّا قال: ولم يَجِبْ به مال، عُلِمَ أنَّه مقتولٌ بحديدة؛ لأنه لو قتلَ بغيرِ حديدة، لوجبَ المالُ عنده؛ لأنَّ الدِّيةَ واجبةٌ عنده في القتلِ بالمثقل، وأمَّا عندهما فلا احتياج إلى ذكرِ الحديدة؛ لأنَّ المقتولَ بالمثقلِ شهيدٌ عندهما، ولم يَجِبْ بقتلِهِ مال، بل الواجبُ قصاصٌ عندهما.

وأمَّا قولُهُ: ولم يرتث، فسيجيءُ فائدته.

(فَيُنْزَعُ عنه غيرُ ثوبِه): أي غيرُ ثوبِ يختصُ بالميْت كالفروِ والحشو، والقَلَنْسُوة (٢)، والسِّلاح، والخُفّ، (ويُزادُ ويُنَقَصُ لِيَتَمَّ كفنُه) (٣): أي لو لم يكنْ معه ما يكونُ من جنسِ الكَفَن: كالإزار ونحوه يُزاد، ولو كان ما ليس من جنسِهِ ينقص، (ولا يُغْسَل ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَن بدمِه (٤).


(١) انتهى من «النقاية» (ص ٤٢).
(٢) القَلَنْسُوة: من ملابس الرؤوس معروف. ينظر: «تهذيب الأسماء واللغات» (٢: ١٠١)، و «اللسان» (٥: ٣٧٢٠).
(٣) أي يزاد إن نقص ما عليه عن كفن السنة، وينقص إن زاد إلى أن يتم كفنه المسنون. ينظر: «الدر المختار» (١: ٦١٠).
(٤) ينظر: «الجامع الصغير» (ص ١١٨ - ١١٩)، و «الأصل» (١: ٣٦٢ - ٣٦٣، ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>