للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجبُ بجرحِهِ ونتفِ شعرِه، وقطعِ عضوه ضمانُ ما نقصَ

الظَّبيِّ (١) والضَّبعِ (٢) شاة، وفي الأرنب عَنَاق (٣)، وفي اليَرَبوعِ (٤) جفرة (٥)، وفي النَّعامة بدنة، وفي حمارِ الوحشِ بقرة، وفي الحمامِ شاة، والمُتَمَسَّكُ في هذا الباب قولُهُ تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} (٦)، فمحمَّدٌ والشَّافِعِيُّ - رضي الله عنهم - يحملانِ المِثْلِ على المِثْلِ صورةً بدليلِ تفسيرِ المِثْلِ بالنَّعَم.

ونحنُ نقولُ: المِثْلُ في الضَّماناتِ لم يعهد في الشَّرع، إلاَّ وأن يرادَ به المثلُ صورةً ومعنىً في المثليات، أو معنىً: وهو القيمةُ في غيرِ المثليات.

أمَّا البقرةُ فلم تعهدُ مِثْلَ حمارِ الوحشي، وكذا البَدَنةُ للنَّعامة، وكذا البَواقي.

فقولُهُ: {مِنَ النَّعَمِ}: أي كائنٌ من النَّعم، فالمعنى أن الواجبَ جزاءٌ مماثلٌ لما قتلَه، وهو القيمةُ كائنٌ من النِّعَم، بأن يشتري بتلك القيمةِ بعضَ النَّعَم.

ثُمَّ قولُهُ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} يؤيّدُ هذا المعنى، فإنَّ التَّقويمَ يحتاجُ إلى رأي العدول، ولولا التَّقويمُ أوَّلاً كيف يثبتُ الاختيارُ بين النَّعَمِ والكفارةِ والصِّيام؟

وأيضاً: لو لم يكنْ له نظيرٌ من النَّعَم، فعند محمَّدٍ والشَّافِعِيِّ (٧) - رضي الله عنه - يجبُ ما يجبُ عند أبي حنيفةَ أوَّلاً، فيحملُ المِثْلُ على القيمةِ ولا دلالةَ للآيةِ على هذا المعنى.

(ويجبُ بجرحِهِ ونتفِ شعرِه، وقطعِ عضوه ضمانُ (٨) ما نقصَ (٩).


(١) الظَّبيّ: الغزال. ينظر: «حياة الحيوان» (٢: ١٠٢)، و «المصباح المنير» (ص ٣٨٥).
(٢) الضبع: حيوان قليل العدو، قبيح المنظر ينهش القبور ويخرج الجيف، العرب تزعم أنها لا تأكل إلا لحوم الشجعان. ينظر: «عجائب المخلوقات» (٢: ٢٣٤).
(٣) عَنَاق: هي الأنثى من أولاد المعز. ينظر: «طلبة الطلبة» (ص ٣٥).
(٤) اليَرَبوع: وهو حيوان طويل الرجلين، قصير اليدين جداً، وله ذنب كذنب الجرذ، لا يرفعه صعداً، في طرفه شبه النوارة، لونه كلون الغزال. ينظر: «حيواة الحيوان» (٢: ٤٠٨).
(٥) جَفْرَة: الأنثى من أولاد المعز إذا بلغت أربعة أشهر. ينظر: «المغرب» (٨٦).
(٦) من سورة المائدة، الآية (٩٥).
(٧) ينظر: «الأم» (٢: ٢١٠)، و «حاشيتا قليوبي وعميره» (٢: ١٧٨)، و «فتوحات الوهاب» (٢: ٥٣٠)، وغيرها.
(٨) زيادة من م.
(٩) أي من قيمته، ويكون بتقويمه صحيحاً ثم ناقصاً ويحسب الفرق بينهما. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>